137
تربية الطّفل في الإسلام

۳۸۸.كشف اليقين :رُوِيَ أنَّهُ [عَلِيّاً عليه السلام ] اجتازَ لَيلَةً عَلَى امرَأَةٍ مِسكينَةٍ لَها أطفالٌ صِغارٌ يَبكونَ مِنَ الجوعِ ، وهِيَ تُشاغِلُهُم وتُلهيهِم حَتّى يَناموا ، وكانَت قَد أشعَلَت نارا تَحتَ قِدرٍ فيها ماءٌ لا غَيرَ ، وأوهَمَتهُم أنَّ فيها طَعاما تَطبُخُهُ لَهُم .
فَعَرَفَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حالَها ، فَمَشى عليه السلام ومَعهُ قَنبَرٌ إلى مَنزِلِهِ ، فَأَخرَجَ قَوصَرَّةَ ۱ تَمرٍ وجِرابَ ۲ دَقيقٍ وشَيئا مِنَ الشَّحمِ وَالأَرُزِّ وَالخُبزِ ، وحَمَلَهُ عَلى كَتِفِهِ الشَّريفِ ، فَطَلَبَ قَنبَرٌ حَملَهُ ، فَلَم يَفعَل . فَلَمّا وَصَل إلى بابِ المَرأَةِ استَأذَنَ عَلَيها ، فَأَذِنَت لَهُ فِي الدُّخولِ .
فَأَرمى شَيئا مِنَ الأَرُزِّ فِي القِدرِ ومَعَهُ شَيءٌ مِنَ الشَّحمِ ، فَلَمّا فَرَغَ مِن نَضجِهِ عَرَّفَهُ (قَرَّبَهُ) لِلصِّغارِ وأمَرَهم بِأكلِهِ .
فَلَمّا شَبِعوا أخَذَ يَطوفُ بِالبَيتِ ويُبَعبِعُ لَهُم ، فَأَخَذوا فِي الضَّحِكِ .
فَلَمّا خَرَجَ عليه السلام قالَ لَهُ قَنبَرٌ : يا مَولايَ ، رَأَيتُ اللَّيلَةَ شَيئا عَجيبا قَد عَلِمتُ سَبَبَ بَعضِهِ ؛ وهُوَ حَملُكَ لِلزّادِ طَلَبا لِلثَّوابِ ، أمّا طَوافُكَ بِالبَيتِ عَلى يَدَيكَ ورِجلَيكَ وَالبَعبَعَةُ فَما أدري سَبَبَ ذلِكَ !
فَقالَ عليه السلام : يا قَنبَرُ ، إنّي دَخَلتُ عَلى هؤُلاءِ الأَطفالِ وهُم يَبكونَ مِن شِدَّةِ الجوعِ ، فَأَحبَبتُ أن أخرُجَ عَنهُم وهُم يَضحَكونَ مَعَ الشِّبعِ ، فَلَم أجِد سَبَبا سِوى ما فَعَلتُ . ۳

1.القَوصَرَةُ هي وعاءٌ من قَصَب يرفع فيه التّمر من البواري ، ويُشَدَّد ويُخفَّف (لسان العرب : ج ۵ ص ۱۰۴ «قصر») .

2.الجِرابُ هو وِعاءٌ من إهاب الشاة لا يُوعَى فيه إلاّ يابس (لسان العرب : ج ۲ ص ۲۲۸ «جرب») .

3.كشف اليقين : ص ۱۳۶ ح ۱۲۹ .


تربية الطّفل في الإسلام
136

۳۸۶.ربيع الأبرار عن أبي الطفيل :رَأَيتُ عَلِيّا عليه السلام يَدعُو اليَتامى فَيُطعِمُهُمُ العَسَلَ ، حَتّى قالَ بَعضُ أصحابِهِ : لَودِدتُ أنّي كُنتُ يَتيما . ۱

۳۸۷.المناقب لابن شهر آشوب :نَظَرَ عَلِيٌّ إلَى امرَأَةٍ عَلى كَتِفِها قِربَةُ ماءٍ ، فَأَخَذَ مِنهَا القِربَةَ فَحَمَلَها إلى مَوضِعِها ، وسَأَلَها عَن حالِها ، فَقالَت : بَعثَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ صاحِبي إلى بَعضِ الثُّغورِ فَقُتِلَ ، وتَرَكَ عَلَيَّ صِبيانا يَتامى ، ولَيسَ عِندي شَيءٌ ، فَقَد ألجَأَتنِي الضَّرورَةُ إلى خِدمَةِ النّاسِ .
فَانصَرَفَ وباتَ لَيلَتَهُ قَلِقا . فَلَمّا أصبَحَ حَمَلَ زِنبيلاً فيه طَعامٌ ، فَقالَ بَعضُهُم : أعطِني أحمِلُهُ عَنكَ ، فَقالَ : مَن يَحمِلُ وِزري عَنّي يَومَ القِيامَةِ ؟! فَأَتى وقَرَعَ البابَ ، فَقالَت : مَن هذا ؟
قالَ : أنا ذلِكَ العَبدُ الَّذي حَمَلَ مَعكِ القِربَةَ ، فَافتَحي فَإِنَّ مَعي شَيئا لِلصِّبيانِ .
فَقالَت : رَضِيَ اللّه ُ عَنكَ وحَكَمَ بَيني وبينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ !
فَدَخَلَ وقالَ : إنّي أحبَبتُ اكتِسابَ الثَّوابِ ، فَاختاري بَينَ أن تَعجِنينَ ۲ وتَخبِزينَ ، وبَينَ أن تُعَلِّلينَ ۳ الصِّبيانَ لأَِخبِزَ أنا .
فَقالَت : أنا بِالخَبزِ أبصَرُ وعَلَيهِ أقدَرُ ، ولكِن شَأنَكَ وَالصِّبيانَ فَعَلِّلهُم حَتّى أَفرُغَ مِنَ الخَبزِ .
فَعَمَدَت إلَى الدَّقيقِ فَعَجَنَتهُ ، وعَمَدَ عَلِيٌّ عليه السلام إلَى اللَّحمِ فَطَبَخَهُ ، وجَعَلَ يُلقِمُ الصِّبيانَ مِن اللَّحمِ وَالتَّمرِ وغَيرِهِ ، فَكُلَّما ناوَلَ الصِّبيانَ مِن ذلِكَ شَيئا قالَ لَهُ : يا بُنَيَّ ، اجعَل عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ في حِلٍّ مِمّا مَرَّ في أمرِكَ .
فَلَمَّا اختَمَرَ العَجينُ قالَت : يا عَبدَ اللّه ِ ، سَجِّرِ التَّنّورَ ۴ . فَبادَرَ لِسَجرِهِ ، فَلَمّا أشعَلَهُ ولَفَحَ في وَجهِهِ جَعَلَ يَقولُ : ذُق يا عَلِيُّ ! هذا جَزاءُ مَن ضَيَّعَ الأَرامِلَ وَاليَتامى .
فَرَأتهُ امرَأةٌ تَعرِفُهُ ، فَقالَت : وَيحَكِ ! هذا أميرُ المُؤمِنينَ . قالَ : فَبادَرَتِ المَرأةُ وهِيَ تَقولُ : وا حَيايَ مِنكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ !
فَقالَ : بَل وا حَيايَ مِنكِ يا أمَةَ اللّه ِ فيما قَصَّرتُ في أمرِكِ ! ۵

1.ربيع الأبرار : ج ۲ ص ۱۴۸ ، المعيار والموازنة : ص ۲۵۱ نحوه ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۷۵ .

2.كذا في المصدر وبحار الأنوار ، ومقتضى القواعد النحوية أن يقال : «أن تعجنى وتخبزى . . . وتعلّلي» ؛ لمكان «أنْ» الناصبة للفعل المضارع . لكنّ صاحب النحو الوافي ذكر أنّ بعض القبائل العربيّة يهملها ، فلا ينصب بها المضارع برغم استيفائها شروط نصْبه ؛ كقراءة من قرأ قوله تعالى : «وَالْوَ لِدَ تُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ»برفع المضارع «يتمُّ» على اعتبار «أنْ» مصدريّة مهملة . ـ ثمّ قال : ـ والأنسب اليوم ترك هذه اللغة لأهلها ، والاقتصار على الإعمال ؛ حرصاً على الإبانة ، وبُعداً عن الإلباس (النحو الوافي : ج ۴ ص ۲۶۷) .

3.عَلَّلَهُ بطعامٍ وحديثٍ ونحوهما : شَغَلَهُ بهما (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۴۶۹ «علل») .

4.سَجَرْتُ التَنُّورَ : إذا حَمَيتَهُ (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۸۲۰ «سجر») .

5.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۱۱۵ ، بحار الأنوار : ج ۴۱ ص ۵۲ . راجع : القسم العاشر / الخصائص العمليّة / إمام المستضعفين .

  • نام منبع :
    تربية الطّفل في الإسلام
    المساعدون :
    بسنديده، عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 234975
الصفحه من 192
طباعه  ارسل الي