127
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

يسار ، ومحمّد بن مسلم ، وأمثالهما فلاشكّ أنّه كان متواتراً عن مؤلّفه وكان انتساب الكتاب إليهم مثل انتساب الكتب الأربعة إلى مؤلّفيها فلابأس أن يساهل فيه ، وأمّا مثل إبراهيم بن ميمون الّذي لم يذكره الأصحاب ولا كتابه فينبغي أن يلاحظ أحوالهم على قوانينهم» ۱ . ۲

جواز العمل بالأخبار الّتي صحّحها القُدَماء

يقول الشارح عند شرح خطبة الفقيه ـ بعد نقل ما ذكره الشَّيخ البهائي في مشرق الشمسين في المراد من الصحَّة في كلام القُدَماء وتغايرها مع الصحَّة في كلام المتأخّرين ـ : «وبالجملة لاريب في تغاير مصطلح المُتقَدّمين والمتأخّرين ولا مشاحة في الاصطلاح ، لكن هل يجوز لنا العمل باصطلاح القُدَماء مع خفاء القرائن الّتي كانت لهم؟ فإن قلنا : إنّ الخبر الواحد الصحيح في نفسه حجّة ، كما هو مذهب أكثر المتأخّرين فالظاهر أنّه يجوز أن يحكم بصحّته ، كما حكم ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ورئيس المُحَدّثين محمّد بن بابويه القمّي ـ رضي اللّه عنهما ـ فإنّ تصحيحهما لا يقصر عن توثيق الرواة من واحد من عُلَماء الرجال كالشَّيخ ، والنجاشي ، والكشّي ، فإنّ الظاهر من تصحيحهم الحديث القول بأنّه قال المعصوم يقيناً كما هو الظاهر من تتبع كلامهم ، أو ظناً على احتمال ، مع أنّه لا يحصل من توثيق واحد منهم سوى الظن إذا قلنا : إنّ الجرح والتعديل من باب الخبر ، وإن قلنا : إنّه من باب الشهادة فيمكن أن يعمل على تصحيح كلّ واحد منهما ؛ لأنّ تصحيحهما بمنزلة قال الإمام ، ويمكن أن يقال : إنّه بمنزلة توثيق الرواة فيحتاج في العمل إلى التعدد ، فإن كان الخبر موجوداً في الكافي والفقيه يعمل به وإلاّ فلا ، إلاّ مع ثقة الرواة أو عدالتهم ، كما

1.أي قوانين المتأخّرين في تصحيح الأخبار .

2.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۹ ـ ۴۰. للتفصيل اُنظر : المصدر نفسه ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ و۲۹۶.


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
126

فإنّه يمكن أن يكون روى من غير هذا الكتاب ولم يكن ذلك الكتاب معتبراً ولا راوية ثقة ، فكانوا ينظرون إلى هذا المعنى ويصفون الخبر بالضعف أو الجهالة ، لجهالة الطرق بخلاف من لم يكن له كتاب فإنّه ذكر لمجرد اتصال السند ، والظاهر أنّ الباعث للعلاّمة وأمثاله ذلك ، لكن الباعث للشَّيخ ومن تقدّمه من الأصحاب ما ذكرناه مراراً من اعتبار الكتب والاُصول المعتمدة وهم لا ينظرون إلى ما قبلها ولا ما بعدها» . ۱
ب ـ قوله في شرح المشيخة عند ترجمة الحسين بن الحسن بن أبان : «كان شيخنا التستري رضى الله عنه يقول : إنّه وأمثاله مثل محمّد بن إسماعيل الّذي يوجد في أوائل سند الكافي ، وأحمد بن محمّد بن يَحيى العطار الّذي يروي الشَّيخ عنه بواسطة الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، وأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد الّذي يروي الشَّيخ عنه بواسطة المُفيد ، ومحمّد بن علي ماجيلويه الّذي يروي الصَدوق عنه ممّن عدّه العلاّمة خبره صحيحاً وتحيّر في أمره المتأخّرون ، فالظاهر أنّ تصحيح هذه الأخبار لكونهم من مشايخ الإجازة وكان المدار على الكتب فجهالتهم لا تضر .
والّذي كنّا نباحث معه أنّه لو كان غرض العلاّمة لكان ينبغي أن يساهل في جميعهم مع أنّه ذكر في آخر الخلاصة طرق الشَّيخ إلى أصحاب الكتب وطرق المصنّف إليهم وحكم بالضعف في كثير من الأخبار ولم يكن له جواب .
لكن الّذي ظهر لي من التتبع التامّ أنّ مشايخ الإجازة على قسمين : فبعضهم كان لهم كتب مثل سهل بن زياد وإذا كان أمثاله في السند أمكن أن يكون نقله في كتابه ، وأخذ الخبر من كتابه فلا يعتمد عليه ، وأمّا من كان معلوماً أو مظنوناً أنّه لم يكن لهم كتاب وكان ذكرهم لمجرد اتصال السند فلم يبال بوجودهم .
وأمّا الحقّ الّذي نجزم به أنّ أصحاب الكتب مختلفون فمثل كتاب الفضيل بن

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۳۲۸ ـ ۳۲۹ . للتفصيل اُنظر : المصدر نفسه ، ص ۳۳۴ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99585
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي