135
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

ولهذا كانوا يعتمدون على كتب الحسين بن سعيد ، وعلي بن مهزيار ، وحمّاد ، وصفوان ، وعلي بن الحسن غاية الاعتماد فيما ينقلون في كتبهم عن زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد وأمثالهم .
وإذا تدبّرت ذلك علمت أنّ الكتب الأربعة كانت بعد ترتيب المُتقَدّمين عليهم في اُصولهم المعتمدة ، فكثيراً ما يحصل العلم بورود هذه الأخبار المنقولة عن أصحاب الصادقين عليهماالسلام ، لكن العلم بصدورها من المعصومين عليهم السلام لا يحصل مثل ما يحصل بصدورها عنهم ، فيحتاج إلى جماعة كثيرة من الثقات حتّى يحصل العلم ؛ لأنّهم كانوا ينقلون بالمعنى كثيراً ويمكن غفلتهم حال السماع أو الغلط في الفهم ، ولهذا تراهم ينقلون خبراً واحداً بعبارات مختلفة وإن أمكن تكرّر السماع .
لكن الظاهر خلافه ولا يحصل ذلك الاختلاف من الناقلين عنهم ؛ لأنّ دأبهم كان أن يكتبوا حين السماع أو بعد الرجوع إلى منازلهم في كتبهم ويمكن السهو والعمد في الغلط بخلاف الناقلين ، فإنّ أكثر الكتب كان عند أكثرهم فلو اطّلعوا على غلط لم يعتمدوا على الكتاب الّذي وجد فيه وكانوا يسمونه كذّاباً .
فعَلى هذا يندفع ما يتوهم أنّه لا يمكن التواتر في مثل عصرنا فإنّ أكثر الأخبار المعمولة في الكتب الأربعة من المشايخ الثلاثة والغالب عدم حصول العلم من ثلاثة بأن يقال : الحقّ معك في الصدور عن المعصوم لا في النقل عن الكتب ؛ فإنّه إذا نقلوا هذه الثلاثة خبراً من كتاب الحسين بن سعيد أو الحسن بن محبوب وكان ألفاظه متفقة يحصل العلم بأنّه كان كذلك في كتابه ، وكذا إذا نقل ، مثل : صفوان وحماد وابن أبي عمير خبراً من كتاب ليث المرادي أو زرارة أو محمّد بن مسلم يحصل العلم بكونه في كتاب زرارة ، وأمّا إذا وجد خبر متفق اللفظ والمعنى في كتب زرارة ومحمّد بن مسلم وبريد مثلاً لا يحصل ذلك العلم الّذي حصل من الناقلين عنهم . نعم ، إذا تواتر من كتبهم ، ثُمَّ روى جماعة كثيرة من المعصوم عليه السلام أمكن حصول العلم بصدوره من


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
134

الأجلاء من أصحاب الأئمّة كان دأبهم ألاّ ينقلوا الخبر إلاّ من الثقات خصوصاً هذا الجليل فإنّ أكثر روايته من الرضا ـ صلوات اللّه عليه ـ ومن الفضلاء من أصحاب الصادق عليه السلام وأكثر رواية الفضل بن شاذان وأضرابه من الأجلاء منه مع شهادة الصَدوقين بصحَّة هذا الخبر» . ۱

حجّية موقوفات الأجلاّء

وفي الصحيح ، عن صفوان بن يَحيى ، عمّن رواه ، عن أبي بصير قال : إذا خرجت بعد طلوع الفجر .. . ، ولا يضر الإرسال لأنّه من صفوان ، وذكر الأصحاب أنّ مراسيله في حكم المسانيد مع إجماع العصابة ، ولا وقفه ۲ أو إضماره ؛ لأنّ المعهود من أحوال الأجلاء أنّهم ما كانوا ينقلون إلاّ ما سمعوا من الأئمّة ـ صلوات اللّه عليهم ـ . ۳

التواتر في النقل عن المصادر الأوّلية

أ ـ يقول الشارح في شرح المشيخة عند ترجمة عمّار بن موسى الساباطي :
«(إنّه) فطحي ، ثقة ، وكذلك أحمد بن الحسن ، وعمرو بن سعيد ، ومصدق بن صدقة (الواقعون في طريق الصَدوق إلى عمّار بن موسى) ثقات فطحيون . والّذي يظهر من أخبار عمّار أنّه كان ينقل بالمعنى مجتهداً في معناه بخلاف الحسن بن علي ، بل علي بن الحسن وإن كان فطحياً لكن يحتاط في النقل باللفظ ، بل الثلاثة الّذين ينقلون نقلهم عنه صحيح ، وكلّ ما وقع في خبره فمن فهمه الناقص بخلاف غيره ، فإنّهم ينقلون ممّا نقله في كتابه وفي هذا النوع لا يمكن الكذب عادة ؛ فإنّ الكتاب كان موجوداً عندهم وكانوا يلاحظونه ، وإنّما كان يقع منهم ترتيب كتب القُدَماء .

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۰۹ .

2.أي وقف الحديث على أبي بصير .

3.روضة المتّقين ، ج ۳ ، ص ۴۰۱.

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 97918
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي