أدوات العمل لكيلا يتعجّل في صرف النظر عن نسخة ويحرم القرّاء من متن يُحتمل أن يكون واقعياً أو حتّى أصح من المتون الاُخرى .
والأمثلة الّتي يمكن أن نسوقها هنا حول تصحيح المتن كثيرة جدّاً ، بحيث إنّنا لو ذكرنا مواضعها وأرقام صفحاتها فقط لملأت صفحات يُعتد بها ، ولذلك فنحن نختم هذا الفصل بالإرجاع إلى عدّة مواضع . ۱
2 . كشف التصحيفات
التصحيف والتحريف عملان حصلا عن قصد أو غير قصد ، وأدّيا إلى عدم وصول المتن الأصلي للحديث إلينا . ومن الطبيعي أنّ تغيير المتن غالباً ما ينطوي على تغيير مفهوم الحديث . ومن هنا فإنّ معرفة وقوعه أو عدم وقوعه من المتطلبات المسبقة لفهم الحديث . وفضلاً عن الاطلاع على نسخ اُخرى ، فإنّ الكشف عن التصحيف يستلزم تنقيباً عقلياً وقياس المتن بالموازين المقبولة في المجالات المتعلّقة بمحتوى الحديث ، لكي نقترب ـ من خلال التعامل المتبادل بين معطيات الحديث ومعرفتنا الذهنية ـ إلى المتن الأصلي الصادر عن المعصوم عليه السلام . والحديث التالي مثال حسن لهذا البحث :
نقل المجلسي رحمه الله في مسألة زواج الخصي حديثاً على الوجه التالي : سئل أبو جعفر عليه السلام عن خصّي تزوّج امرأة وهي تعلم أنّه خصيّ ، قال : جائز ، قيل له : إنّه مكث معها ما شاءاللّه ، ثمّ طلّقها ، هل عليها عدّة ؟ قال : نعم ، أليس قد لذّ منها ولذّت منه ؟ .
الحديث بهذه الصورة يبدو مقبولاً وصحيحاً ، لكن المجلسي قال : «وفي بعضها : قد ولد وولدت منه، وهو تصحيف من النّساخ» ۲ . الحكم الواضح والقاطع للمجلسي رحمه الله