اتّهامه بالتصوّف
اشتهر بين الألسنة ميل المجلسي الأوّل إلى التصوف الباطل ، ومنشأ ذلك كثرة رياضاته ومعاشرته لجماعة من الصوفية ، بل إنّه هو نفسه كان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوف ، لكنّه قدس سره رجع عن ذلك وأظهر في أواخر عمره البراءة منهم ، حيث قال ولده البار محمّد باقر في رسالته الموسومة بـ اعتقادات المجلسي :
«وإياك أن تظن بالوالد العلاّمة ـ نوّر اللّه ضريحه ـ أنّه كان من الصوفية ويعتقد مسالكهم ومذاهبهم ـ حاشاه عن ذلك ـ ، وكيف يكون كذلك وهو كان آنس أهل زمانهم بأخبار أهل البيت عليهم السلام وأعلمهم بها ، بل كان مسالك الزهد والورع . وكان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوف ليرغب إليه هذه الطائفة ولا يستوحشوا منه فيروعهم عن تلك الأقاويل الفاسدة والأعمال المبتدعة ، وقد هدى كثيراً منهم إلى الحقّ بهذه المجادلة الحسنة . ولمّا رأى في آخر عمره أنّ تلك المصلحة قد ضاعت ورفعت أعلام الضلال والطغيان وغلبت أحزاب الشيطان وعلم أنّهم أعداء اللّه صريحاً تبرّأ منهم وكان يكفّرهم في عقائدهم وأنا أعرف بطريقته ، وعندي خطوطه في ذلك» . ۱
وذكر المحدّث النوري في الفيض القدسي ـ بعد نقله جملة من مناماته الروحانية الدالة على رغبته بالمواظبة الشديدة على الواجبات الإلهية وتهذيب النفس ـ :
«واعلم أنّه قد ظهر من مطاوي الحكايات السابقة وجه ما اشتهر من ميله إلى التصوّف ، حتّى أنّ معاصره مير محمّد لوحي الملقّب بالمطهّر قد أكثر في أربعينه من الطعن عليه وعلى ولده الأجلّ ، ونسبتهما إليه وإلى غيره ممّا لا يليق بهما ، وكذا صحّة ما صرَّح به ولده العلاّمة وغيره من براءة ساحته عن ذلك ، فإنَّ المنفيَّ