21
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

اتّهامه بالتصوّف

اشتهر بين الألسنة ميل المجلسي الأوّل إلى التصوف الباطل ، ومنشأ ذلك كثرة رياضاته ومعاشرته لجماعة من الصوفية ، بل إنّه هو نفسه كان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوف ، لكنّه قدس سره رجع عن ذلك وأظهر في أواخر عمره البراءة منهم ، حيث قال ولده البار محمّد باقر في رسالته الموسومة بـ اعتقادات المجلسي :
«وإياك أن تظن بالوالد العلاّمة ـ نوّر اللّه ضريحه ـ أنّه كان من الصوفية ويعتقد مسالكهم ومذاهبهم ـ حاشاه عن ذلك ـ ، وكيف يكون كذلك وهو كان آنس أهل زمانهم بأخبار أهل البيت عليهم السلام وأعلمهم بها ، بل كان مسالك الزهد والورع . وكان في بدو أمره يتسمّى باسم التصوف ليرغب إليه هذه الطائفة ولا يستوحشوا منه فيروعهم عن تلك الأقاويل الفاسدة والأعمال المبتدعة ، وقد هدى كثيراً منهم إلى الحقّ بهذه المجادلة الحسنة . ولمّا رأى في آخر عمره أنّ تلك المصلحة قد ضاعت ورفعت أعلام الضلال والطغيان وغلبت أحزاب الشيطان وعلم أنّهم أعداء اللّه صريحاً تبرّأ منهم وكان يكفّرهم في عقائدهم وأنا أعرف بطريقته ، وعندي خطوطه في ذلك» . ۱
وذكر المحدّث النوري في الفيض القدسي ـ بعد نقله جملة من مناماته الروحانية الدالة على رغبته بالمواظبة الشديدة على الواجبات الإلهية وتهذيب النفس ـ :
«واعلم أنّه قد ظهر من مطاوي الحكايات السابقة وجه ما اشتهر من ميله إلى التصوّف ، حتّى أنّ معاصره مير محمّد لوحي الملقّب بالمطهّر قد أكثر في أربعينه من الطعن عليه وعلى ولده الأجلّ ، ونسبتهما إليه وإلى غيره ممّا لا يليق بهما ، وكذا صحّة ما صرَّح به ولده العلاّمة وغيره من براءة ساحته عن ذلك ، فإنَّ المنفيَّ

1.اعتقادات المجلسي ، ص ۵۱۸ ، المطبوع مع التوحيد للصَّدوق بإصفهان (نقلاً عن مقدّمة روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص يب) .


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
20

بشروط الوقف وأنت تعمل بها . تعال وانظر إلى هذه الكتب ، وكلما تحتاج إليه خذه ، فذهبت معه إلى بيت كتبه، فأعطاني أول ما أعطى الكتاب الّذي رأيته في النوم، فشرعت في البكاء والنحيب ، وقلت : يكفيني .
وليس في بالي أنّي ذكرت له النوم أم لا ، وجئت عند الشَّيخ وشرعت في المقابلة مع نسخته الّتي كتبها جدّ أبيه من نسخة الشهيد ، وكتب الشهيد نسختها من نسخة عميد الرؤساء وابن السكون وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها ، وكانت النسخة الّتي أعطانيها الصاح عليه السلام أيضاً مكتوبة من خطّ الشهيد ، وكانت موافقة غاية الموافقة حتّى في النسخ الّتي كانت مكتوبة على هامشها ، وبعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي، وببركة إعطاء الحجّة ـ صلوات اللّه عليه ـ صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعة في كلّ بيت وسيّما في أصبهان ، فإنّ أكثر الناس لهم الصحيفة المتعددة وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء ، وكثير منهم مستجابو الدعوة .
وهذه الآثار معجزة من الصاحب عليه السلام والّذي أعطاني اللّه تعالى من العلوم بسبب الصحيفة لا أحصيها ، وذلك من فضل اللّه علينا وعلى الناس والحمد للّه ربّ العالمين هذه طريق إجازتي القريبة» . ۱
ثُمَّ ذكر قدس سره روايته للصحيفة السجادية عن مشايخه . ولهذه الرؤيا قال رحمه الله في بداية إجازاته لرواية الصحيفة السجادية ـ الّتي نُقِلَ عددٌ منها في البحار ـ : «إنّي أروي زبور آل محمّد وإنجيل أهل البيت ، الصحيفة الكاملة، أولاً عن مولانا صاحب الزمان ، وحجّة الرحمن مناولةً في الرؤيا الصحيحة الطويلة الّتي ظهرت آثارها ، وثانياً عن جماعة من الفضلاء منهم .. .» . ۲

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۴۱۹ ـ ۴۲۲ .

2.بحار الأنوار ، ج ۱۱۰ ، ص ۴۵ . واُنظر المصدر نفسه ، ص ۴۳ و۵۰ و۶۳ و۷۹ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99584
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي