والعرفي بالمعنى الاصطلاحي ، انتزاع معنى صحيح ومقبول من متن الحديث ينسجم مع الأحاديث الاُخرى المشابهة أو حسب التعبير الّذي صغناه نحن «فصيلة الحديث» ، يصبح هذا المنهج والاُسلوب موضع قبول عند المجلسي رحمه الله ، وقد اتّبعه هو وسار عليه . فقال عند شرحه لعبارة : أكثر الخير في النساء ، الّتي وردت في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام ، ما يلي : «وكفى بذلك حفظ النوع بالولادة وضبط اُمور الدار بهنّ ، وكذا اُمور المعاش وغير ذلك ممّا هو مشاهد ، فضلاً ممّا لا نعلم مفصّلاً ، فإنّ العبد ينبغي أن يعلم مجملاً أنّ الحكيم لا يبالغ هذه المبالغات عبثا ، ويمكن أن يكون المراد بالخير ، المال كما تقدّم الأخبار في أنّ النكاح سبب للتوسعة» . ۱
بيّن المجلسي الأوّل رحمه الله معنى هذا الحديث في بداية شرحه له وفقاً للمعنى الشائع والعرفي لكلمة الخير ، ثُمَّ ذهب إلى شرحه على احتمال المعنى الاصطلاحي والمستخدم في الأحاديث والنصوص الدينية . تجدر الإشارة إلى أنّ كلمة «الخير» كانت تأتي أحياناً في اللغة العربية قديماً بمعنى المال . ويمكن أن نعتبر الآية الشريفة : «وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ »۲ دليلاً على ثنائية معنى هذه الكلمة . وفي هذه الحالة يجب استبعادها ممّا نسوقه من أمثلة في هذا المجال . وهذا التردد بين المعنى اللغوي والاصطلاحي موجود منذ بداية الشرح ، وقد عرضه المجلسي الأوّل رحمه الله عند شرحه لبعض الألفاظ الّتي وردت في حديث جاء على شكل مكاتبة بين الإمام الرضا عليه السلام ومحمّد بن سنان . وقد كُتب هذا الحديث كجواب عن سؤال كان قد طرحه ابن سنان ، وقد نقل الراوي عن الإمام بأنّ الحكمة من غسل اليدين في الوضوء أن تكون نظيفة عند تحريكها أثناء القنوت والدعاء في الصلاة ، رغبة ورهبة وتبتّلاً . ولا يذكر المجلسي رحمه الله المراد من الرغبة والرهبة والتبتّل بشكل قطعي ، ويقول :