223
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

يكون في غير الصلاة ، بأن يكون قبلها أو بعدها في التعقيب ، ويؤيده قوله عليه السلام : فقلت : يا عبداللّه ، لأنّه لو كان عليه السلام في الصلاة لما تكلّم ، ويمكن أن يكون التكلّم بعد الفراغ من الصلاة ، وفيه بعد : و( إذا ) كان الحال حال التضرع والاستكانة في القنوت والتشهد ، فيحرّك السبابة اليمنى يميناً وشمالاً ، كأنّه يقول : لا أدري من أصحاب اليمين أنا أم [ من ] أصحاب الشمال ؟ وعدم العلم والإشارة إليه يصير سبباً لزيادة التضرع والاستكانة . [ أمّا ] إذا كانت الحال حال الانقطاع إلى اللّه تعالى بالكليّة ، فيحرّك السبابة اليسرى إلى جانب السماء بالتأني ويضعها ، ويشير إلى أنّ الروح والقلب والعقل يجرّني إليك تعالى ، لكن التعلّقات الجسمانية والجذبات الهيولانية يجرّني إلى السفليات ، وأنّا معلّق بين سماء الروح وأرض البدن ، ولايمكنني الانقطاع إليك إلاّ بجذبك ، فإنّ جذبة من جذباتك توازي عمل الثقلين . والابتهال حين ترى أسباب البكاء فليرفع يديه إلى السماء حتّى تتجاوز عن رأسه ؛ لأنّ البكاء علامة إجابة الدعاء ، فكأنّه وصل إلى المطلوب وأعطاه اللّه تعالى ، فيمد يديه حتّى يأخذه» . ۱
وقال المجلسي الأوّل رحمه الله في شرح عبارة : «يا محمّد ، لأيّ علّة توضّأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع» .
السؤال طرحه اليهود ومندوبوهم في حوارهم مع الرسول صلى الله عليه و آله . وهو ما يدعو إلى بحث المعنى اللغوي ، حيث لا يمكن ادعاء انصراف معنى الوضوء في عهد الرسول صلى الله عليه و آله ، وهو عهد بداية التشريع من التنظيف بهذا النوع من الغسل والمسح الشرعي بشكل قطعي . هذا إضافة إلى أنّ اُولئك القوم كانوا من غير المسلمين ، وكانوا في مقام السؤال عن عمل يبدو في ظاهره كنوع من الغسل . ۲
وقد تمكن المجلسي الأوّل رحمه الله من الاستعانة بهذا التردد بين المعنى اللغوي

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۱۸۲ ـ ۱۸۴ .

2.المصدر السابق ، ص ۱۷۹.


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
222

«والمراد بالرغبة والرهبة والتبتّل ، أمّا المعاني اللغوية الّتي تحصل لليدين في أحوال الصلاة برفعهما في التكبيرات وبوضعهما على الركبتين في الركوع ، وكيفيات وضعهما في السجود ، ورفعهما في القنوت وفي بعض الكيفيات تحصل الرغبة والرجاء كرفع اليد للدعاء في القنوت ، وفي بعضها يحصل الخوف والرهبة والخضوع كما في الركوع والسجود ، وفي بعضها يحصل التبتل والانقطاع إلى اللّه تعالى كالسجود والقنوت والوضع في التشهد ، كما سيذكر إن شاء اللّه تعالى .
وأمّا المعاني المصطلحة في عرف الأخبار ، فإنّه ورد في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : يا عبداللّه بيمينك ! فقلت : يا عبداللّه ، إنّ للّه ـ تبارك وتعالى ـ حقّاً على هذه كحقه على هذه ، وقال : الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرع تحرك السبابة اليمنى يمينا وشمالاً ، والتبتل تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلاً ، أي متأنياً وتضعها ، والابتهال تبسط يديك وذراعيك إلى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء .۱ وفي معناه أخبار كثيرة .
والمراد بهذه الكيفيات ـ واللّه أعلم ـ : أنّه ( إذا ) كان الحال حال الرجاء أو الطلب مطلقاً ، فإنّ المطلوب هنا حسن الرجاء ، فيبسط بطن كفيه إلى السماء كأنّه يطلب شيئاً بيديه حتّى يوضع مطلوبه في يديه ، كالسائل الخسيس حال الكدية ؟ أو ( إذا ) كانت الحال حال الخوف والرهبة من اللّه تعالى بذكر ذنوبه ، فالمناسب رعاية الذنوب بأن يخطر بباله أنّي مع هذه الخطايا كيف أرفع يديَّ إلى السماء بالطلب ؟ فيظهر ظهرهما إلى السماء ، ( أمّا ) بخلاف الرغبة كما هو الظاهر ، و( أمّا ) بوضع يديه على وجهه حتّى يكون ظهرهما إلى السماء ويجمع بين الأخبار بمحاذاة اليدين للوجه في القنوت ، أو

1.الكافي ، ج۲ ، ص۴۸۰ ، ح ۴ من باب الرغبة والرهبة والتضرّع والتبتّل والابتهال من كتاب الدعاء . وأكثر أخبار هذا الباب بهذا المضمون فلاحظ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 97913
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي