إلى قوم امرأةٌ فوجدها عوراء ولم يبيّنوا ، أله أن يردّها ؟ قال : [لا يردّها] ، إنّما يردّ النكاح من الجنون والجذام والبرص» . ۱
وكما يلاحظ هنا فإنّ الرواية لا تعتبر عور المرأة موجباً لحق الرجل في الفسخ ، وليس هذا فحسب ، بل استبعدت أيضاً عيوباً اُخرى كالعفل والقرن ، وبهذا النفي تتعارض الرواية مع روايات عديدة ومشهورة تدلّ على العيب وجواز الفسخ المستند إليها . ولكن المجلسي رحمه الله محّص سؤال الراوي الّذي يتضمن جملة «ولم يبيّنوا» وقال : «والحصر الواقع في الأخبار إضافي » ۲ . ثُمَّ قال بعد عدّة صفحات في توجيه رواية مشابهة : «الغالب في العيوب الظاهرة ، العلم بها والحصر بالنسبة إلى العيوب الباطنة الّتي قلّ من يطّلع عليها» ۳ . أي أنّ العمى ليس بالضرورة من العيوب الخفية ، وحتّى إذا كان من العيوب الخفية فهو ليس ممّا يصعب كشفه . وعلى هذا فهو ليس من العيوب الخفيّة الّتي توجب الفسخ . أمّا أن تكون في المرأة عيوب توجب الفسخ مع ظهورها للعيان فهي خارج عن شمولية هذا الدليل . ودائرة النفي والحصر تقع فقط ضمن العيوب الخفية وليس الظاهرية .
إذاً فالرواية المذكورة لا تقصد عيوباً كالعفل والقرن . ونحن هنا لسنا في مقام التحكيم ولا بصدد الحكم على توجيه المجلسي رحمه الله أو بيان علاقة العمى بجواز فسخ النكاح ، إذ إنّ هذا البحث موضع اختلاف وجدل بين الفقهاء ، وإنّما المهم بالنسبة إلينا هو الكشف عن حدود الحصر لتوجيه وحل الرواية عن طريق الالتفات إلى سؤال الراوي .
1.كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۳ ، ص ۴۳۳ ، ح ۴۴۹۶ .
2.روضة المتّقين ، ج ۸ ، ص ۳۳۹ .
3.المصدر السابق ، ص ۳۳۶ .