69
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

الفصل الثاني : مذاهب القُدَماء

من يراجع كتب التاريخ والرجال ، يجد أنّ القُدَماء يتكلمون عن كثير من الفِرق الفاسدة ويرمون كثيراً من الرجال بالانتماء إلى تلك الفرق ، وكانت اُمهات هذه الفرق الداخلة في مذهب التشيع بمعناه العام ستّة أقسام : الزيدية ، والكيسانية ، والفطحية ، والناووسية ، والواقفية ، والإسماعيلية ، والغُلاة ، والبترية .
فهذه اُمهات فِرق الشيعة غير الفرقة الشاخصة الناجية الّتي هي الإمامية ، وكان الغُلاة في زمان الأئمّة هُم الفرقة الأكثر عدداً من سائر تلك المذاهب الفاسدة ، وكان كثير منهم رواة أحاديث . فمن يرجع إلى رجال النجاشي والفهرست للشَّيخ الطوسي يصدق صحَّة ذلك .
وينبغي أن نعلم بأنّ الغُلاة يجوّزون الكذب ووضع الأحاديث لنصرة مذهبهم ، ولذلك لا يجتمع الغلوّ مع العدالة حتّى الوثاقة في النقل خاصة .
ثمّ إنّ القُدَماء كانوا مختلفين في معنى الغلوّ . فربما كان الاعتقاد ببعض الاُمور المربوطة بعلو شأن الأئمّة عليهم السلام يعدّ عند بعضهم غلوّاً وكفراً ، وعند بعضهم الآخر ممّا يجب الاعتقاد به ، فلهذه الملاحظات الثلاثة ؛ أي كثرة من رُمِيَ بالغلو ، وتجويز الغُلاة الكذب ، واختلاف القُدَماء في معنى الغلوّ ، ويجب علينا معرفة رأي القُدَماء والشارح


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
68

غير بابه ، لكن خفت أن تضيع هذه الكتب، كما ضاعت الاُصول ولهذا تركت الجمع والترتيب» . ۱
فترى أنّ الشارح جعل العامل الأكبر لضياع الاُصول هو جمعها وترتيبها بنحو حسَن في الكتب الأربعة ، فلمّا قابل القُدَماء الكتب الأربعة مع النسخ الأصلية لهذه الاُصول ووجدوها مطابقة لها ، قلّت الرغبات في استنساخ هذه الاُصول ، لعدم ترتيبها ومشقة الاستفادة منها ؛ فقلّ نسخها، وتلفت النسخ القديمة تدريجياً .
ثُمَّ لا يخفى أنّ ذلك لا يختص بالاُصول الأربعمئة ، بل يشمل سائر الكتب المعتمدة من الجوامع الّتي اُلّفت قبل الكتب الأربعة وما صنّفه الأصحاب مثل الاُصول من جهة عدم الترتيب ، فوقع عليها ما وقع على الاُصول بنفس السبب الّذي تقدم . أمّا بالنسبة إلى ما كان مثل الاُصول في عدم الترتيب فواضح ، وأمّا بالنسبة إلى الجوامع المذكورة فهي وإن كانت مرتبة ، لكِنّ الترتيب الموجود في الكتب الأربعة كان أحسن، ولو كانت الكتب الأربعة قد رُتّبت في عصر القُدَماء بترتيب أحسن من هذا لم يبعد ضياعها أيضاً ، كما أشار الشارح أنّ ذلك هو سبب انصرافه عن ترتيبها وجمعها مع أنّه كان من المتأخّرين .

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۸۷ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99639
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي