81
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

مراتب الصحَّة في الأخبار المودعة في الكتب الأربعة

يقول الشارح في آخر شرح خطبة الفقيه ـ بعد مااستفاده بأنّ الكليني أيضاً كالصَدوق حكم بصحَّة أحاديث كتابه ، وأنّ مرادهما من الصحَّة القطع بالورود من المعصوم ـ : «فالظاهر منهم النقل من الكتب المعتبرة المشهورة ، فإذا كان صاحب الكتاب ثقة يكون الخبر صحيحاً ؛ لأنّ الظاهر من نقل السند إلى الكتاب المشهور المتواتر مجرد التيمن والتبرك ، سيّما إذا كان من الجماعة المشهورين كالفضيل بن يسار ، ومحمّد بن مسلم ـ رضي اللّه عنهما ـ فإنّ الظاهر أنّه لا يضر جهالة سنديهما ، ومع هذا فالاطمئنان الّذي يحصل للنفس من خبر زرارة وعلي بن جعفر باعتبار صحَّة الطريق إليهما أكثر ، وإن أمكن أن يكون هذا باعتبار الاُلف باصطلاح المتأخّرين ، وإذا كان الكتاب معروفاً معتمداً وصاحبه غير مُوَثَّق ، وكان الطريق إليه صحيحاً فهو مثل العكس في الاطمئنان ، وإذا كان في الطريق جهالة ولم يوثّق صاحب الكتاب فالاطمئنان أقلّ ، وإذا كان أحدهما ضعيفاً باعتبار ذمّ الأصحاب لصاحب الكتاب أو لواحد من الرواة فيصير أضعف ، وإذا كانا ضعيفين فأضعف منه» . ۱

دأب الصدوق ذكر الصحاح

يقول الصَدوق رحمه الله في كتاب الصلاة (باب ما يصلّى فيه وما لا يصلّى فيه من الثياب) ـ بعد نقل حديث فيه النهي أن يصلّي الرجل والسراج موضوع بين يديه في القبلة ـ : «فأمّا الحديث الّذي روي عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : لا بأس أن يصلّي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ، لأنّ الّذي يصلّي له أقرب إليه من الّذي بين يديه .
فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين بإسناد منقطع يرويه الحسن بن علي

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۲۹ .


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
80

وذكر الشَّيخ أنّه سمع جماعة يحكون أنّه قال : احفظ مئة وعشرين ألف حديث بأسانيدها واُذاكر بثلاثمئة ألف حديث . ۱ وهذه ما كان في حفظه فقس عليه ما لم يكن في حفظه وما لم يروه من الأخبار ، وإن رأيت التفصيل فانظر إلى فهرست الشَّيخ والنجاشي ـ رضي اللّه عنهما ـ .
فإذا كان الأحاديث في الكثرة بهذه المرتبة كان يمكن أن يكون تواتر كلّ خبر من الأخبار الّتي ذكراها أو كان محفوفاً بالقرائن فلا يحتاج إلى السند ، وإنّما ذكرا سنداً ضعيفاً منها أو مرسلاً مع أنّ الجماعة الّذين ضعّفهم المتأخّرون يمكن أن يكون كلّهم ثقات عندهم ، على أنّ الأصحاب اختاروا من هذه الكتب أربعمئة كتاب وسموه بالاُصول وأجمعوا على صحّتها ، أمّا لكون رواتهم من الّذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، أو كان الكتب معروضة على الأئمّة عليهم السلام وكان متواتراً عندهم تقرير المعصوم عليه السلام لها إلى غير ذلك من الوجوه الّتي ذكرناها .. . مع أنّه يمكن القول بصحَّة كلّ خبر يكون صاحب الكتاب ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم باصطلاح المتأخّرين ، ولا ينظر إلى ما قبله ؛ لأنّ الظاهر القريب من المعلوم أنّ كتبهم كان معتمد الأصحاب وكان مشتهراً بينهم ارتفاع الشمس في رابعة النهار ، كما اشتهر بيننا الكتب الأربعة للمحمّدين الثلاث رضي الله عنهم ، بل الظاهر أنّها كانت أشهر من هذه الكتب لكثرة رواية الحديث ورواتها وإجماعهم عليها ، بل إذا كان الكتاب من الاُصول الأربعمئة لاتفاق الأصحاب عليها ، ولا ينظر في الصورتين إلى ما بعدهما أيضاً سيّما في المجمع عليهم» . ۲

1.رجال الطوسي ، ص ۴۰۹ ، الرقم ۵۹۴۹ .

2.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۱۱ ـ ۱۳ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 97864
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي