خاطَبَهُم الجاهِلونَ قالوا سَلاماً ، وَيَبيتونَ لِرَبِّهِم سُجَّداً وَقِياماً .
قال : يابنَ رَسولِ اللّهِ ، فَكَيفَ بِالمُتَشيّعينَ بِألسِنَتِهِم وَقُلوبُهُم على خِلافِ ذلِكَ ؟ فقال :
التّمحيصُ يأتي عَلَيهِم بِسِنينَ تُفنيهِم ، وَضغائِنَ تُبيدُهُم ، وَاختِلافٍ يَقتُلُهُم ، أما وَالّذي نَصَرَنا بأيِدي مَلائِكَتِهِ ، لا يَقتُلُهُم اللّهُ إلاّ بِأيديهِم ، فَعَلَيكُم بالإقرارِ إذا حَدَّثتُم ، وَبِالتَّصديقِ إذا رَأيتُم ، وَتَركِ الخُصومَةِ فإنَّها تُقصيكُم ، وَإيّاكُم أن يَبعَثَكُم قَبلَ وَقتِ الأجَلِ فَتُطَلُّ دِماؤكُم ، وَتَذهَبُ أنفُسُكُم ، وَيَذُمُّكُم مَن يأتي بَعدَكُم ، وَتصيروا عِبرَةً لِلنّاظرينَ .
وَإنَّ أحسَنَ النّاسِ فِعلاً مَن فارَقَ أهلَ الدُّنيا مِن والدٍ وَوَلَدٍ ، وَوالى وَوَازَرَ وَناصَحَ وكافَا إخوانَهُ في اللّهِ وَإن كانَ حَبَشِيّاً أو زِنجيِّاً ، وإن كان لا يُبعثُ مِنَ المُؤمنين أسوَدَ ، بَل يَرجِعونَ كأنَّهُم البَرَدُ قَد غُسِلوا بِماءِ الجِنانِ ، وَأصابوا النّعيمَ المُقيمَ ، وَجالَسوا المَلائِكَةَ المُقرَّبينَ ، وَرَافَقوا الأنبياءَ المُرسلينَ .
وَلَيسَ مِن عَبدٍ أكرَمَ على اللّهِ مِن عَبدٍ شُرِّدَ وَطُرِّدَ في اللّهِ حَتّى يَلقى اللّهَ على ذلِكَ .
شيعَتُنا المُنذِرونَ في الأرضِ ، سُرُجٌ وَعَلاماتٌ وَنورٌ لِمَن طَلَبَ ما طَلَبوا ، وَقادَةٌ لأهلِ طاعَةِ اللّهِ ، شُهَداءُ على مَن خالَفَهُم مِمّن ادّعى دَعواهُم ، سَكَنٌ لِمَن أتاهُم ، لُطَفاءُ بِمَن وَالاهُم ، سُمَحاءُ ، أعِفّاءُ ، رُحَماءُ ، فذلِكَ صِفَتُهُم في التَّوراةِ وَالإنجيلِ وَالقُرآنِ العظيمِ .
إنَّ الرَّجُلَ العالِمَ مِن شيعَتِنا إذا حَفِظَ لِسانَهُ وَطابَ نفساً بِطاعَةِ أوليائِهِ ، وَأضمَرَ المُكايَدَةَ لِعَدُوِّهِ بِقَلبِهِ ، وَيَغدو حينَ يَغدو وَهُوَ عارِفٌ بِعيُوبِهِم ، وَلا يُبدي ما في نَفسِهِ لَهُم ، يَنظُرُ بِعَينِهِ إلى أعمالِهِم الرَّدِيَّةِ ، وَيَسمَعُ بِأُذنِهِ مَساويهِم ، وَيَدعو بِلِسانِهِ عَلَيهِم ، مُبغِضوهُم أولياؤُهُ وَمُحبّوهُم أعداؤُهُ .
فَقال لَهُ رَجُلٌ : بأبي أنتَ وَأُمّي، فَما ثَوابُ مَن وَصَفتَ إذا كانَ يُصبِحُ آمِناً وَيُمسي آمِناً وَيَبيتُ مَحفوظاً ، فَما مَنزِلَتُهُ وَثَوابُهُ ؟ فقالَ :