وسائل متعدّدة لبلوغ الغاية المنشودة ، وهذا ما فعله الإمام الصّادق عليه السلام ، واهتمّ به غاية الاهتمام، حتّى أنّ أحد الأسرار الكامنة وراء نشر المعارف والأحكام كان اهتمامه بالكتابة وتوظيفها في سبيل هذه الغاية على أحسن وجه. والاهتمام بأمر الكتابة لا يختص به وحده، بل إنّ أوّل من كتب كتاباً في الإسلام ـ كما ذكر ابن شهر آشوب ـ هو عليُّ بن أبي طالب عليه السلام ، ومن بعده سلمان الفارسي وأبو ذر. وقال السُّيوطي في هذا المجال:
وروى السيوطي : إنّ عليّا والحسن بن عليّ ممّن أباحوا كتابة العلم بين الصحابة وفعلوها. ۱
واستمرت الكتابة قليلاً أو كثيراً ، إلى أن جاء عهد الإمام الصادق عليه السلام ، الذي كان عصر ازدهار المعارف والأحكام الدينية، واستجدّت ظروف منحت الكتابة قيمة وأهمية أكبر، ومن تلك المستجدّات كثرة طلبة العلوم في بقاع شتّى من أرجاء العالم الإسلامي ، إضافة إلى بُعدهم الجغرافي عن الإمام وتعذّر وصولهم إليه.
قال الإمام الصادق عليه السلام للمفضّل في وصف أهمية الكتابة: تأمّل ـ يامُفَضّلُ ـ ما أنعَمَ اللّهُ تقدّسَت أسماؤهُ مِن هذا النُّطقِ الذي يُعبِّرُ بهِ عَمّا في ضَميرِهِ ـ إلى أن قال ـ وكذلك الكتابَةُ التي بها تُقَيَّدُ أخبارُ الماضِينَ للباقينَ ، وَأخبارُ الباقينَ لِلآتينَ ، وَبِها تُخَلَّدُ الكُتُبُ في العُلومِ وَالآدابِ وَغيرِها وَبِها يَحفَظُ الإنسانُ ذِكرَ ما يَجري بَينَهُ وَبَينَ غَيرِهِ مِنَ المُعاملاتِ وَالحِسابِ، وَلَولاهُ لانقَطَعَ أخبارُ بَعضِ الأزمِنَةِ عَن بَعضٍ ، وَأخبارُ الغائِبينَ عَن أوطانِهِم وَدَرَسَت العُلومُ وَضاعَت الآدابُ وَعَظُمَ ما يَدخُلُ عَلى الناسِ مِنَ الخَلَلِ في اُمورِهِم وَمُعامَلاتِهِمَ وَما يَحتاجونَ إلى النَّظَرِ فيهِ مِن أمرِ دينِهِم وَما رُوِيَ لَهُم مِمّا لا يَسَعُهُم جَهلُهُ۲.
وبما أنّ هذا الكتاب يدور حول ما كتبه الصادق عليه السلام من مكاتيب في مختلف الأغراض والمناسبات ، ولا يخفى أنّ فعله عليه السلام حجّة علينا ، فما أجدرنا بالسّير على