وَطاعَتِهِ ، وَلكِنّي أُخبِرُكَ أنَّ اللّهَ حَدَّها بِحُدودِها ؛ لِئلا يتعدَّى حُدودَهُ أحَدٌ ، وَلَو كانَ الأمرُ كَما ذَكَروا لَعُذِرَ النّاسُ بِجَهلِهِم ، ما لَم يَصرِفوا حَدَّ ما حُدَّ لَهُم ، وَلَكانَ المُقَصِّرُ وَالمُتَعَدّي حُدودَ اللّهِ مَعذوراً ، ولكِن جَعَلها حُدوداً مَحدودَةً لا يَتَعدّاها إلاّ مُشرِكٌ كافِرٌ ، ثُمَّ قالَ : «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ »۱ .
خَلقِهِ فَلَم يَقبَل مِن أحَدٍ إلاّ بِهِ وَبِهِ بَعَثَ أنبِياءَهُ وَرُسُلُهُ . ثُمَّ قالَ : «وَ بِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ»۲ فَعَلَيهِ وَبِهِ بَعَثَ أنبِياءَهُ وَرُسُلُهُ وَنبِيَّهُ مُحَمّداً صلى الله عليه و آله ، فاختَلَّ الّذينَ لَم يَعرِفوا مَعرِفَةَ الرُّسُلِ وَوِلايَتَهُم وَطاعَتَهُم ، هُوَ الحَلالُ المُحَلَّلُ ما أحَلّوا وَالمُحرَّمُ ما حَرَّموا وَهُم أصلُهُ وَمِنهُم الفُروعُ الحَلالُ ، وَذلِكَ سَعيُهُم ، وَمِن فُروعِهِم أمرُهُم الحَلالُ ، وَإقامُ الصَّلاةِ ، وَإيتاءُ الزَّكاةِ ، وَصَومُ شَهرِ رَمَضانَ ، وَحِجُّ البَيتِ ، وَالعُمرَةُ ، وَتَعظيمُ حُرُماتِ اللّهِ وَشَعائِرِهِ وَمشاعِرِهِ ، وَتَعظيمُ البَيتِ الحَرامِ وَالمَسجِدِ الحَرامِ وَالشَّهرِ الحَرامِ ، وَالطُّهورِ وَالاغتِسالِ مِنَ الجَنابَةِ ، وَمَكارِمِ الأخلاقِ وَمَحاسِنِها ، وَجَميعِ البرّة.
ثُمَّ ذَكَرَ بَعدَ ذلِكَ فَقالَ في كتابِهِ : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاْءِحْسَانِ وَ إِيتَآءِ ذِى الْقُرْبَى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَ الْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ »۳ فعدّدهم المحرّم وأولياؤهم الدّخول في أمرِهِم إلى يَومِ القِيامَةِ فِيهِم الفَواحِشَ ، ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ ، وَالخَمرَ والمَيسِرَ وَالرِّبا وَالدّمَ وَلَحمَ الخِنزيرِ ، فَهُمُ الحَرامُ المُحَرَّمُ ، وَأصلُ كُلِّ حَرامٍ ، وَهُم الشَّرُّ وَأصلُ كُلِّ شَرٍّ ، وَمِنهُم فُروعُ الشَّرِّ كُلِّهِ ، ومِن ذلِكَ الفُروعُ الحَرامُ وَاستِحلالُهُم إيّاها ، وَمِن فُروعِهِم تَكذيبُ الأنبياءِ وَجُحودُ الأوصياءِ وَركوبُ