وَما أرادوا بِهِ . أُخبِرُكَ أنَّ اللّهَ تَبارَكَ وَتَعالى هُوَ خَلَقَ الخَلقَ لا شريكَ لَهُ ، لَهُ الخَلقُ وَالأمرُ ، وَالدُّنيا وَالآخِرَةُ ، وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ وَخالِقُهُ ، خَلَقَ الخَلقَ وَأحَبَّ أنْ يَعرِفوهُ بِأنبِيائِهِ ، وَاحتَجَّ عَلَيهم بِهِم ، فالنَّبِيُّ صلى الله عليه و آله هُوَ الدَّليلُ عَلى اللّهِ ، عَبدٌ مَخلوقٌ مَربوبٌ اصطفاهُ نَفسُهُ رِسالَتَهُ وَأكرَمَهُ بِها فَجُعِلَ خَليفَتَهُ في خَلقِهِ وَلِسانَهُ فيهِم وَأمينَهُ عَلَيهِم وَخازِنَهُ في السَّمواتِ وَالأرضينَ ، قَولُهُ قَولُ اللّهِ لا يَقولُ على اللّهِ إلاّ الحَقَّ ، مَن أطاعَهُ أطاعَ اللّهَ ، وَمَن عصاهُ عَصى اللّهَ ، وَهُوَ مَولى مَن كانَ اللّهُ رَبَّهُ وَوَلِيّهُ ، مَن أبى أن يُقِرَّ لَهُ بِالطّاعَةِ فَقَد أبى أن يُقِرَّ لِرَبِّهِ بِالطّاعَةِ وَبِالعُبوديَةِ ، وَمَن أقَرَّ بِطاعَتِهِ أطاعَ اللّهَ وَهَداهُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، مَولى الخَلقِ جَميعاً عَرَفوا ذلِكَ وَأنكروهُ ، وَهُوَ الوالِدُ المَبرورُ فيمَن أحَبَّهُ وَأطاعَهُ وَهُوَ الوالِدُ البارُّ وَمُجانِبُ الكبائِرِ .
قَد كَتَبتُ لَكَ ما سَألتَني عَنهُ ، وَقَد عَلِمتُ أنَّ قوماً سَمِعوا صَنعَتَنا هذهِ فَلَم يَقولوا بِها ، بَل حَرَّفوها وَوَضعوها على غَيرِ حُدودِها على نَحوِما قَد بَلغَكَ ، وَاحذَر مِنَ اللّهِ وَرَسولِهِ وَمَن يَتَعَصَّبونَ بِنا أعمالَهُم الخَبيثَةَ ، وَقَد رَمانا النّاسُ بِها ، وَاللّهُ يَحكُمُ بَينَنا وَبَينَهُم فَإنَّهُ يَقولُ : «الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ »۱ .
وَأمّا ما كَتَبتَ وَنَحوَهُ وَتَخَوَّفتَ أن يَكونَ صِفَتُهم مِن صِفَة فَقَد أكرَمَهُ اللّهُ تَعالى عز و جلعَمّا يَقولونَ عُلُواً كَبيراً . صِفَتي هذهِ صِفَةُ صاحِبِنا الّتي وَصَفنا لَهُ ، وَعندَنا أخذنا فَجَزاهُ اللّهُ عَنّا أفضَلَ الحَقِّ ، فَإنَّ جَزاءَهُ عَلى اللّهِ فَتَفَهَّم كِتابي هذا وَاتّقوه للّهِِ . ۲