يَبتَليكُم بِما ابتَلاهُم بِهِ ، وَلا قُوَّةَ لَنا وَلكُم إلاّ بِهِ .
فاتّقوا اللّهَ أيَّتُها العِصابَةُ النّاجِيَةُ إن أتَمَّ اللّهُ لَكُم ما أعطاكُم بِهِ ؛ فإنَّهُ لا يَتِمُّ الأمرُ حَتّى يَدخُلَ عَلَيكُم مِثلُ الّذي دَخَلَ عَلى الصَّالِحينَ قَبلَكُم وَحَتّى تَبتَلوا في أنفُسِكُم وَأموالِكُم وَحَتّى تَسمَعوا مِن أعداءِ اللّهِ أذىً كثيراً ، فَتَصبروا وَتَعرُكوا بِجُنوبِكُم ، وَحَتّى يَستَذِلّوكُم وَيُبغِضوكُم ، وَحَتّى يَحمِلوا عَلَيكُم الضَّيمَ فَتَحمَّلوا مِنهُم تَلتَمِسونَ بِذلِكَ وَجهَ اللّهِ وَالدّارَ الآخِرَةَ ، وَحَتّى تَكظُموا الغَيظَ الشَّديدَ فِي الأذى فِي اللّهِ عز و جليَجتَرِمونَهُ إلَيكُم ، وَحَتّى يُكَذِّبوكُمُ بِالحَقِّ وَيُعادوكُم فيهِ وَيُبغِضوكُم عَلَيهِ ، فَتَصبروا على ذلِكَ مِنهُم ، وَمِصداقُ ذلِكَ كُلِّهِ في كتابِ اللّهِ الذي أنزَلَهُ جَبرئيلُ عليه السلام على نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله ، سَمِعتُم قولَ اللّهِ عز و جل لِنَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله : «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ» . ۱
ثُمَّ قالَ : «وَ إِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا»۲ فَقَد كُذِّبَ نَبِيُّ اللّهِ وَالرُّسُلُ مِن قَبلِهِ وَأُوذوا مَعَ التَّكذيبِ بِالحَقِّ ، فإن سَرَّكُم أمرُ اللّهِ فِيهِم الّذي خَلَقَهُم لَهُ في الأصلِ [أصل الخلق] مِنَ الكُفرِ الّذي سَبَقَ في عِلمِ اللّهِ أن يَخلُقَهُم لَهُ في الأصلِ ، وَمِنَ الّذينَ سَماهُم اللّهُ في كِتابِهِ في قَوله : « وَ جَعَلْنَـهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ »۳ ، فَتَدَّبروا هذا وَاعقِلوهُ وَلا تَجهَلوهُ ؛ فإنَّهُ مَن يَجهَل هذا وأشباهَهُ مِمّا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ في كتابِهِ مِمّا أمَرَ اللّهُ بهِ وَنَهى عَنهُ تَرَكَ دينَ اللّهِ وَرَكِبَ مَعاصيهِ ، فاستَوجَبَ سَخَطَ اللّهِ فأكبَّهُ اللّهُ على وَجهِهِ في النّارِ.
وَقالَ : أيَّتُها العِصابَةُ المَرحومَةُ المُفلِحَةُ ، إنّ اللّهَ أَتمَّ لَكُم ما آتاكُم مِنَ الخَيرِ ، وَاعلَموا أنَّهُ لَيسَ مِن عِلمِ اللّهِ وَلا مِن أمرِهِ أن يأخُذَ أحَدٌ مِن خَلقِ اللّهِ في دينِهِ بِهَوى