119
مكاتيب الأئمّة ج4

وُجوهِ فَضلِ أتباعِ الأئَمِّةِ فَكَيفَ بِهِم وَفَضلِهِم ؟ وَمَن سَرَّهُ أن يُتِمَّ اللّهُ لَهُ إيمانَهُ حَتّى يَكونَ مُوناً حَقّاً حَقّاً فَليَفِ للّهِِ بِشُروطِهِ الّتي اشتَرَطَها عَلى المُونين ، فإنَّهُ قَدِ اشتَرَطَ مَعَ وِلايَتِهِ وَوِلايَةِ رَسولِهِ وَوِلايَةِ أئِمِّةِ المُونينَ ، إقامَ الصَّلاةِ ، وإيتاءَ الزّكاةِ ، وإقراضَ اللّهِ قَرضاً حَسَناً ، وَاجتِنابَ الفَواحِشِ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ ، فَلَم يَبقَ شَيءٌ مِمّا فُسِّرَ مِمّا حَرَّمَ اللّهُ إلاّ وَقَد دَخَلَ في جُملَةِ قَولِهِ ، فَمَن دانَ اللّهَ فيما بَينَهُ وَبَينَ اللّهِ مُخلِصاً للّهِِ ، وَلَم يُرَخِّص لَنِفسِهِ في تَركِ شَيءٍ مِن هذا ، فَهُوَ عِندَ اللّهِ في حِزبِهِ الغالِبينَ ، وَهُوَ مِنَ المُونينَ حَقّاً .
وَإيّاكُم وَالإصرارَ على شَيءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللّهُ في ظَهرِ القُرآنِ وَبَطنِهِ وَقَد قالَ اللّهُ تَعالى : «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ »۱ . (إلى هاهنا رواية القاسم بن ربيع) .
يَعني المُونينَ قَبَلكُم إذا نَسوا شَيئاً مِمّا اشتَرَطَ اللّهُ في كِتابِهِ عَرَفوا أنَّهُم قَد عَصَوا اللّهَ في تَركِهِم ذلِكَ الشّيءَ فاستَغفَروا وَلَم يَعودوا إلى تَركِهِ فذلِكَ مَعنى قَولِ اللّهِ : «وَلَمْ يُصِرُّواعَلَى مَافَعَلُواوَهُمْ يَعْلَمُونَ » .
وَاعلَموا أنّهُ إنّما أمَرَ وَنَهَى لِيُطاعَ فيما أمَرَ بهِ ، وَلِيُنتَهى عَمّا نَهى عَنهُ ، فَمَنِ اتَّبَعَ أمرَهُ فَقَد أطاعَهُ ، وَقَد أدرَكَ كُلَّ شَيءٍ مِنَ الخَيرِ عِندَهُ ، وَمَن لَم يَنتَهِ عَمّا نَهى اللّهُ عَنهُ فَقَد عَصاهُ ، فَإن ماتَ على مَعصِيَتِهِ أكبَّهُ اللّهُ على وَجهِهِ فِي النّارِ .
وَاعلَموا أنّهُ لَيسَ بَينَ اللّهِ وَبَينَ أحَدٍ مِن خَلقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلا نَبيٌّ مُرسَلٌ ، وَلا مَن دونَ ذلِكَ مِن خَلقِهِ كُلِّهِم ، إلاّ طاعَتُهُم لَهُ فَاجتَهِدوا في طاعَةِ اللّهِ إن سَرَّكُم أن تَكونوا مُونينَ حَقّاً حَقّاً وَلا قُوَّةَ إلاّ باللّهِ .
وَقالَ : وَعَلَيكُم بِطاعَةِ رَبِّكُم ما استَطَعتُم ، فإنَّ اللّهَ رَبُّكُم ، وَاعلَموا أنَّ الإسلامَ هُوَ

1.آل عمران: ۱۳۵.


مكاتيب الأئمّة ج4
118

وَإيّاكُم ـ أيَّتُها العِصابَةُ المَرحومَةُ المُفَضَّلَةُ على مَن سِواها ـ وَحَبسَ حُقوقِ اللّهِ قِبَلَكُم يَوماً بَعدَ يَومٍ وَساعَةً بَعدَ ساعَةٍ فإنَّهُ مَن عَجَّلَ حُقوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كانَ اللّهُ أقدَرَ على التَّعجيلِ لَهُ إلى مُضاعَفَةِ الخَيرِ في العاجِلِ وَالآجِلِ وَإنَّهُ مَن أخَّرَ حُقوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كانَ اللّهُ أقدَرَ على تَأخيرِ رِزقِهِ ، وَمَن حَبَس اللّهُ رِزقَهُ لَم يَقدِر أن يَرزُقَ نَفسَهُ ، فَأدّوا إلى اللّهِ حَقَّ ما رَزَقَكُم ، يُطَيِّبِ اللّهُ لَكُم بَقِيَّتَهُ وَيُنجزِ لَكُم ما وَعَدَكُم مِن مُضاعَفَتِهِ لَكُم الأضعافَ الكَثيرَةَ الّتي لا يَعلَمُ عَدَدَها وَلا كُنهَ فَضلِها إلاّ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ .
وَقالَ : اتّقوا اللّهَ أيَّتُها العِصابَةُ ، وَإنِ استَطَعتُم أن لا يَكونَ مِنكُم مُحرِجَ الإمامِ ، فَإنَّ مُحرِجَ الإمامِ هُوَ الّذي يَسعى بِأهلِ الصَّلاحِ مِن أتباعِ الإمامِ المُسَلِّمينَ لِفَضلِهِ ، الصَّابِرينَ على أداءِ حَقِّهِ ، العارِفينَ لِحُرمَتِهِ .
وَاعلَموا أنّهُ مَن نَزَلَ بِذلِكَ المَنزِلِ عِندَ الإمامِ فَهُوَ مُحرِجُ الإمامِ ، فَإذا فَعَلَ ذلِكَ عِندَ الإمامِ أحرَجَ الإمامَ إلى أن يَلعَنَ أهلَ الصَّلاحِ مِن أتباعِهِ المُسَلِّمينَ لِفَضلِهِ الصّابِرينَ على أداءِ حَقِّهِ ، العارِفينَ بِحُرمَتِهِ ، فإذا لَعَنَهُم لاِءحراجِ أعداءِ اللّهِ الإمامُ ، صارَت لَعَنتُهُ رَحمَةً مِنَ اللّهِ عَلَيهِم ، وَصارَت اللَّعنَةُ مِنَ اللّهِ وَمِنَ المَلائِكَةِ وَرُسلِهِ على أُولئِكَ .
وَاعلموا أيَّتُها العِصابَةُ أنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللّهِ قَد جَرَت فِي الصّالِحينَ قَبلُ .
وَقالَ : مَن سَرَّهُ أن يَلقى اللّهَ وَهُو مُونٌ حَقّاً حَقّاً ، فَليَتَولّ اللّهَ وَرَسولَهُ وَالّذينَ آمَنوا ، وَليَبرَأ إلى اللّهِ مِن عَدُوّهِمِ ، وَيُسَلِّم لِما انتهى إلَيهِ مِن فَضلِهِم ، لأنَّ فَضلَهُم لا يَبلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرسَلٌ وَلا مَن دونَ ذلِكَ . ألَم تَسمَعوا ما ذكَرَ اللّهُ مِن فَضلِ أتباعِ الأئِمَّةِ الهُداةِ ، وَهُم المُونونَ ، قالَ : «فَأُولَـئكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً »۱ . فَهذا وَجهٌ مِن

1.النساء: ۶۹.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113859
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي