إرادَةَ أن يَستَوِيَ أعداءُ اللّهِ وَأهلَ الحَقِّ في الشَّكِ وَالإنكارِ وَالتَّكذيبِ ، فَيَكونونَ سَواءً ، كما وَصَفَ اللّهُ تَعالى في كِتابِهِ مِن قَولِهِ : «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَآءً»۱ .
ثمّ نهى اللّهُ أهلَ النَّصرِ بِالحَقِّ أن يَتَّخِذوا مِن أعداءِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصيراً فلا ، يَهولَنَّكُم ولا يَرُدَّنَّكُم عَنِ النَّصرِ بِالحَقِّ الّذي خَصَّكُم اللّهُ بِهِ مِن حِيلَةِ شَياطينِ الإنسِ ومَكرِهِم مِن أُمورِكُم ، تَدفَعونَ أنتُمُ السَّيِئَةَ بِالّتي هِيَ أحسَنُ فيما بَينَكُم وَبَينَهُم تَلتَمِسونَ بذلِكَ وَجهَ رَبِّكُم بِطاعَتِهِ ، وَهُم لا خَيرَ عِندَهُم ، لا يَحِلُّ لَكُم أن تُظهِروهُم على أُصولِ دينِ اللّهِ ، فإنَّهُم إن سَمِعوا مِنكُم فيهِ شَيئاً عادوكُم عَلَيهِ ، وَرَفعوهُ عَلَيكُم وَجَهِدوا على هَلاكِكُم ، وَاستَقبَلوكُم بِما تَكرَهونَ وَلَم يَكُن لَكُم النَّصَفَةُ مِنهُم في دُوَلِ الفُجّارِ ، فَاعرِفوا مَنزِلَتَكُم فيما بَينَكُم وَبَينَ أهلِ الباطِلِ ، فإنَّهُ لا يَنبَغي لِأهلِ الحَقِّ أن يُنزِلوا أنفُسَهُم مَنزِلَةَ أهلِ الباطِلِ لأنَّ اللّهَ لَم يَجعَل أهلَ الحَقِّ عِندَهُ بِمَنزِلَةِ أهلِ الباطِلِ ، ألَم يَعرِفوا وَجهَ قَولِ اللّهِ في كتابِهِ إذ يَقولُ : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ »۲ أكرِموا أنفُسَكُم عَن أهلِ الباطِلِ ، وَلا تَجعَلوا اللّهَ تَبارَكَ وَتَعالى وَلَهُ المَثَلُ الأعلى ، وَإمامَكُم وَدينَكُم الّذي تَدينونَ بِهِ عُرضةً لِأهلِ الباطِلِ ، فَتُغضِبوا اللّهَ عَلَيكُم فَتَهلُكوا .
فَمَهلاً مَهلاً يا أهلَ الصَّلاح ، لا تَترُكوا أمرَ اللّهِ وَأمرَ مَن أمَرَكُم بِطاعَتِهِ ، فَيُغَيِّرُ اللّهُ ما بِكُم مِن نِعمَةٍ ، أحبّوا في اللّهِ مَن وَصَفَ صِفَتَكُم ، وَأبغِضوا في اللّهِ مَن خالَفَكُم ، وَابذلُوا مَوَدَّتَكُم وَنَصيحَتَكُم [ لِمَن وَصَفَ صِفَتَكُم ] ولا تَبتَذِلوها لِمَن رَغِبَ عَن صِفَتِكُم وَعاداكُم عَلَيها ، وَبَغى لَكُم الغوائِلَ ، هذا أدَبُنا أدَبُ اللّهِ ، فَخُذوا بِهِ وَتَفَهَّموهُ