121
مكاتيب الأئمّة ج4

إرادَةَ أن يَستَوِيَ أعداءُ اللّهِ وَأهلَ الحَقِّ في الشَّكِ وَالإنكارِ وَالتَّكذيبِ ، فَيَكونونَ سَواءً ، كما وَصَفَ اللّهُ تَعالى في كِتابِهِ مِن قَولِهِ : «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَآءً»۱ .
ثمّ نهى اللّهُ أهلَ النَّصرِ بِالحَقِّ أن يَتَّخِذوا مِن أعداءِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصيراً فلا ، يَهولَنَّكُم ولا يَرُدَّنَّكُم عَنِ النَّصرِ بِالحَقِّ الّذي خَصَّكُم اللّهُ بِهِ مِن حِيلَةِ شَياطينِ الإنسِ ومَكرِهِم مِن أُمورِكُم ، تَدفَعونَ أنتُمُ السَّيِئَةَ بِالّتي هِيَ أحسَنُ فيما بَينَكُم وَبَينَهُم تَلتَمِسونَ بذلِكَ وَجهَ رَبِّكُم بِطاعَتِهِ ، وَهُم لا خَيرَ عِندَهُم ، لا يَحِلُّ لَكُم أن تُظهِروهُم على أُصولِ دينِ اللّهِ ، فإنَّهُم إن سَمِعوا مِنكُم فيهِ شَيئاً عادوكُم عَلَيهِ ، وَرَفعوهُ عَلَيكُم وَجَهِدوا على هَلاكِكُم ، وَاستَقبَلوكُم بِما تَكرَهونَ وَلَم يَكُن لَكُم النَّصَفَةُ مِنهُم في دُوَلِ الفُجّارِ ، فَاعرِفوا مَنزِلَتَكُم فيما بَينَكُم وَبَينَ أهلِ الباطِلِ ، فإنَّهُ لا يَنبَغي لِأهلِ الحَقِّ أن يُنزِلوا أنفُسَهُم مَنزِلَةَ أهلِ الباطِلِ لأنَّ اللّهَ لَم يَجعَل أهلَ الحَقِّ عِندَهُ بِمَنزِلَةِ أهلِ الباطِلِ ، ألَم يَعرِفوا وَجهَ قَولِ اللّهِ في كتابِهِ إذ يَقولُ : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ »۲ أكرِموا أنفُسَكُم عَن أهلِ الباطِلِ ، وَلا تَجعَلوا اللّهَ تَبارَكَ وَتَعالى وَلَهُ المَثَلُ الأعلى ، وَإمامَكُم وَدينَكُم الّذي تَدينونَ بِهِ عُرضةً لِأهلِ الباطِلِ ، فَتُغضِبوا اللّهَ عَلَيكُم فَتَهلُكوا .
فَمَهلاً مَهلاً يا أهلَ الصَّلاح ، لا تَترُكوا أمرَ اللّهِ وَأمرَ مَن أمَرَكُم بِطاعَتِهِ ، فَيُغَيِّرُ اللّهُ ما بِكُم مِن نِعمَةٍ ، أحبّوا في اللّهِ مَن وَصَفَ صِفَتَكُم ، وَأبغِضوا في اللّهِ مَن خالَفَكُم ، وَابذلُوا مَوَدَّتَكُم وَنَصيحَتَكُم [ لِمَن وَصَفَ صِفَتَكُم ] ولا تَبتَذِلوها لِمَن رَغِبَ عَن صِفَتِكُم وَعاداكُم عَلَيها ، وَبَغى لَكُم الغوائِلَ ، هذا أدَبُنا أدَبُ اللّهِ ، فَخُذوا بِهِ وَتَفَهَّموهُ

1.النساء: ۸۹.

2.ص: ۲۸.


مكاتيب الأئمّة ج4
120

التَّسليمُ وَالتَّسليمُ هُوَ الإسلامُ ، فَمَن سَلَّمَ فَقَد أسلَمَ ، وَمَن لَم يُسَلِّم فَلا إسلامَ لَهُ . وَمَن سَرَّهُ أن يَبلُغَ إلى نَفسِهِ في الإحسانِ ، فَليُطِعِ اللّهَ فإنَّهُ مَن أطاعَ اللّهَ فَقَد أبلَغَ إلى نفسِهِ في الإحسانِ.
وَإيَّاكُم وَمَعاصِيَ اللّهِ أن تَركَبوها ، فإنَّهُ مَن انَتَهكَ مَعاصِيَ اللّهِ فَرَكِبَها فَقَد أبلَغَ في الإساءَةِ إلى نَفسِهِ ، وَلَيسَ بَينَ الإحسانِ وَالإساءَةِ مَنزِلَةٌ فَلِأهلِ الإحسانِ عِندَ رَبِّهِم الجَنَّةُ ، وَلِأهلِ الإساءَةِ عِندَ رَبِّهِم النّارُ . فَاعمَلوا بِطاعَةِ اللّهِ وَاجتَنِبوا مَعاصيهِ .
وَاعلَموا أنَّهُ لَيسَ يُغني عَنكُم مِنَ اللّهِ أحَدٌ مِن خَلقِهِ شَيئاً ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَلا نَبِيٌّ مُرسَلٌ ، وَلا مَن دونَ ذلِكَ ، فَمَن سَرَّهُ أن تَنفَعَهُ شَفاعَةُ الشّافِعينَ عِندَ اللّهِ فَليَطلُب إلى اللّهِ أن يَرضى عَنهُ .
وَاعلَموا أنَّ أحَدَاً مِن خَلقِ اللّهِ لَم يُصِب رِضا اللّهِ إلاّ بِطاعَتِهِ وَطاعَةِ رَسولِهِ وَطاعَةِ وُلاةِ أمرِهِ مِن آلِ مُحَمّدٍ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم ، وَمَعصِيَتُهُم مِن مَعصِيَةِ اللّهِ ، وَلَم يُنكِر لَهُم فَضلاً عَظُمَ أو صَغُرَ .
وَاعلَموا أنَّ المُنكِرينَ هُمُ المُكَذِّبونَ ، وَأنَّ المُكَذِّبينَ هُمُ المُنافِقونَ وَأنَّ اللّهَ عز و جل قال لِلمُنافِقينَ ، وَقَولُهُ الحَقُّ : «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا »۱ وَلا يَفرُقَنَّ أحَدٌ مِنكُم ألزَمَ اللّهُ قَلبَهُ طاعَتَهُ وَخَشيَتَهُ ، مِن أحَدٍ مِنَ النّاسِ مِمَّن أخرَجَهُ اللّهُ من صِفَةِ الحَقِّ ، وَلَم يَجعَلُه مِن أهلِها ، فإنَّ مَن لَم يَجعَلِ اللّهُ مِن أهلِ صِفَةِ الحَقِّ فَأولئِكَ هُم شياطينُ الإنسِ وَالجِنِّ ، وَإنَّ لِشَياطينِ الإنسِ حِيلَةً وَمَكراً وَخَدائِعَ وَوَسوسَةً ، بَعضُهُم إلى بَعضٍ ، يُريدونَ ـ إنِ استَطاعوا ـ أن يَرُدّوا أهلَ الحَقِّ عَمّا أكرَمَهُم اللّهُ بِهِ مِنَ النَّظَرِ في دينِ اللّهِ الّذي لَم يَجعَلِ اللّهُ شياطينَ الإنسِ مِن أهلِهِ ،

1.النساء: ۱۴۵.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113832
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي