«وَ جَعَلْنَاهُمْ أئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا»
۱ ، وَهُمُ الّذينَ أمَرَ اللّهُ بِوِلاَيتِهِم وَطاعَتِهِم . وَالّذينَ نَهى اللّهُ عَن وِلايَتِهِم وَطاعَتِهِم وَهُم أئِمَّةُ الضَّلالَةِ الّذينَ قَضى اللّهُ أن يَكونَ لَهُم دُوَلٌ في الدُّنيا على أولياءِ اللّهِ الأئِمَّةِ من آلِ مُحَمّدٍ صلى الله عليه و آله ، يَعمَلونَ في دَولَتِهِم بِمَعصِيَةِ اللّهِ وَمَعصِيَةِ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، لِيُحِقَّ عَلَيهِم كَلِمَةَ العَذابِ ، وَلِيُتِمَّ أن تَكونوا مَعَ نَبيِّ اللّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَالرُّسُلِ مِن قَبلِهِ .
فَتَدَبَّروا ما قَصَّ اللّهُ عَلَيكُم في كتابِهِ ، مِمّا ابتلى بهِ أنبياءَهُ وَأتباعَهُم المُونينَ ، ثُمَّ سَلوا اللّهَ أن يُعطِيَكُم الصَّبرَ على البَلاءِ في السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ ، مِثلَ الّذي أعطاهُم .
وَإيّاكُم وَمُماظَّةَ أهلِ الباطِلِ ، وَعلَيكُم بِهُدى الصّالِحينَ وَوَقارِهِم ، وَسَكينَتِهِم وَحِلمِهِم ، وَتَخَشُّعِهِم وَوَرَعِهِم عَن مَحارِمِ اللّه ، وَصِدقِهِم وَوَفائِهِم ، وَاجتِهادِهِم للّهِِ في العَمَلِ بِطاعَتِهِ ، فَإنَّكُم إن لَم تَفعَلوا ذلِكَ لَم تَنزِلوا عِندَ رَبِّكُم مَنزِلَةَ الصّالِحينَ قَبلَكُم .
وَاعلَموا أنَّ اللّهَ إذا أرادَ بِعَبدٍ خَيراً شَرَحَ صَدرَهُ للإسلامِ ، فَإذا أعطاهُ ذلِكَ ، أنطَقَ لِسانَهُ بِالحَقِّ ، وَعَقَدَ قَلبَهُ عَلَيهِ فَعَمَلَ بِهِ ، فإذا جَمَعَ اللّهُ لَهُ ذلِكَ تَمَّ لَهُ إسلامُهُ ، وَكانَ عِندَ اللّهِ ـ إن ماتَ على ذلِكَ الحالِ ـ مِنَ المُسلِمينَ حَقّاً . وَإذا لَم يُرِدِ اللّهُ بِعَبدٍ خَيراً وَكَلَهُ إلى نَفسِهِ وَكانَ صَدرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ، فَإن جَرى على لِسانِهِ حَقٌّ لَم يَعقِد قَلَبه عَلَيه ، وَإذا لَم يَعقِد قَلبَهُ عَلَيهِ لَم يُعطِهِ اللّهُ العَمَلَ بِهِ ، فإذا اجتَمَعَ ذلِكَ عَلَيهِ حَتّى يَموتَ وَهُو على تِلكَ الحالِ ، كانَ عِندَ اللّهِ مِنَ المُنافقين ، وَصارَ ما جَرى على لِسانِهِ مِنَ الحَقِّ الّذي لَم يُعطِهِ اللّهُ أن يُعقَدَ قَلبُهُ عَلَيهِ ، وَلَم يُعطِهِ العَمَل بِهِ حُجَّةً عَلَيهِ