125
مكاتيب الأئمّة ج4

عن ابن سماعة ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ ، عن القاسم بن الرّبيع الصّحّاف ، عن إسماعيل بن مخلّد السّرّاج ، قال: خرجت هذه الرّسالة من أبي عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابه :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
أمّا بَعدُ : فَاسألوا رَبَّكُم العافِيَةَ ، وَعَلَيكُم بِالدَّعَةِ وَالوَقارِ وَالسَّكينَةِ ، وَعَلَيكُم بِالحَياءِ وَالتَّنَزُّهِ عَمّا تَنَزَّهَ عَنُه الصّالِحونَ قَبلَكُم ، وَعَلَيكُم بِمُجامَلَةِ أهلِ الباطِلِ ، تَحَمَّلوا الضَّيمَ مِنهُم .
وَإيّاكُم وُمُماظَّتَهُم ! دينوا فيما بَينَكُم وَبَينَهُم إذا أنتُم جالَستُموهُم وَخالَطتُموهُم وَنازَعتُموهُم الكَلامَ . فَإنَّهُ لا بُدَّ لَكُم مِن مُجالَسَتِهِم وَمُخالَطَتِهِم وَمُنازَعَتِهِمُ الكَلامَ ، بِالتَّقِيَّةِ الّتي أمَرَكُم اللّهُ أن تَأخُذوا بِها فيما بَينَكُم وَبَينَهُم ، فَإذا ابتُليتُم بِذلِكَ مِنهُم فَإنَّهُم سَيُوونَكُم ، وَتَعرِفونَ في وُجوهِهِمُ المُنكَرَ ، وَلَولا أنَّ اللّهَ تَعالى يَدفَعُهُم عَنكُم لَسَطَوا بِكُم ، وَمافي صُدورِهِم مِنَ العَداوَةِ وَالبَغضاءِ أكثَرُ مِمّا يُبدونَ لَكُم . مَجالِسُكُم وَمَجالِسُهُم وَاحِدَةٌ ، وَأرواحُكُم وَأرواحُهُم مُختَلِفَةٌ لا تَأتَلِفُ ، لا تُحِبّونَهُم أبَداً وَلا يُحِبّونَكُم غَيرَ أنَ اللّهَتَعالى أكرَمَكُم بِالحَقِ وَبَصَّرَكُموهُ ،وَلَم يَجعَلهم مِن أهلِهِ فَتُجامِلونَهُم وَتَصبِرونَ عَلَيهِم ، وَهُم لا مُجامَلَةَ لَهُم وَلا صَبرَ لَهُم على شَيءٍ 1 مِن أُمورِكُم تَدفَعونَ أنتُمُ السَّيِّئَةَ بالّتي هِيَ أحسَنُ فيما بَينَكُم وَبَينَهُم ، تَلتَمِسونَ بِذلِكَ وَجهَ رَبِّكُم بِطاعَتِهِ ، وَهُم لا خَيرَ عِندَهُم ، لا يَحِلُّ لَكُم أن تُظهِروهُم على أُصولِ دينِ اللّهِ .
فإنَّهُ إن سَمِعوا مِنكُم فيهِ شَيئاً عادوكُم عَلَيهِ ، وَرَفَعوهُ عَلَيكُم ، وَجاهَدوا على هَلاكِهِم ، وَاستَقَبَلوكُم بِما تَكرَهونَ ، وَلَم يَكُن لَكُم النَّصَفُ مِنهُم في دُوَلِ الفُجَّارِ ، فَاعرِفوا مَنزِلَتَكُم فيما بَينَكُم وَبَينَ أهلِ الباطِل ، فَإنَّهُ لا يَنبَغي لِأهلِ الحَقِّ أن يُنزلوا أنفُسَهُم مَنزِلَةَ أهلِ الباطلِ ، لأَنَّ اللّهَ لَم يَجعَل أهلَ الحَقِّ عِندَهُ بِمَنزِلَةِ أهلِ الباطِلِ ، ألَم

1.من هنا اختلف النّص في الكافي وللحديث حاشية في الكافي.


مكاتيب الأئمّة ج4
124

يَومَ القِيامَةِ .
فاتّقوا اللّهَ وَسَلوهُ أن يَشرَحَ صُدورَكُم للإسلامِ ، وَأن يَجعَلَ ألسِنَتَكُم تَنطِقُ بِالحَقِّ ، حتّى يَتَوَفّاكُم وَأنتُم على ذلِكَ ، وَأن يَجعَلَ مُنقَلَبُكم مُنقَلَب الصّالِحينَ قَبلَكُم ، وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ .
وَمَن سَرَّهُ أن يَعلَمَ أنَّ اللّهَ يُحِبُّهُ فَليَعمَل بِطاعَةِ اللّهِ ، وَليَتَّبعِنا ، ألَم يَسمَع قَولَ اللّهِ عز و جللِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله : «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ » . 1 وَاللّهِ ، لا يُطيعُ اللّهَ عَبدٌ أبداً إلاّ أدخَلَ اللّهُ عَلَيهِ في طاعَتهِ اتِّباعَنا .
وَلا وَاللّهِ ، لا يَتَّبِعُنا عَبدٌ أبَداً إلاّ أحَبَّهُ اللّهُ .
وَلا وَاللّهِ لا يَدَعُ أحَدٌ اتِّباعَنا أبَداً إلاّ أبغَضَنا .
وَلا وَاللّهِ ، لا يُبغِضُنا أحَدٌ أَبداً إلاّ عصى اللّهَ .
وَمَن ماتَ عاصِياً للّهِِ أخزاهُ اللّهُ وَأكَبَّهُ على وَجهِهِ فِي النّارِ ، وَالحَمدُ للّهِ رَبِّ العالَمينَ . 2
نصّ آخر من الرّسالة : نقل صاحبُ الوافي هذه الرّسالة عن نسخة من الكافي ، نقلاً يخالف النّسخ المشهورة ، وقد أحببنا إيراده هنا لإتمام الفائدة :
عليّ ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المُون 3 ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وعن ابن بزيع ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنّه كتب بهذه الرّسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنّظر فيها ، وتعاهدها والعمل بها ، وكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصّلاة نظروا فيها.

1.آل عمران: ۳۱.

2.الكافي : ج ۸ ص ۲ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۲۱۰ ح ۹۳ .

3.مرّ ترجمته آنفآ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113740
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي