عن ابن سماعة ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ ، عن القاسم بن الرّبيع الصّحّاف ، عن إسماعيل بن مخلّد السّرّاج ، قال: خرجت هذه الرّسالة من أبي عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابه :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
أمّا بَعدُ : فَاسألوا رَبَّكُم العافِيَةَ ، وَعَلَيكُم بِالدَّعَةِ وَالوَقارِ وَالسَّكينَةِ ، وَعَلَيكُم بِالحَياءِ وَالتَّنَزُّهِ عَمّا تَنَزَّهَ عَنُه الصّالِحونَ قَبلَكُم ، وَعَلَيكُم بِمُجامَلَةِ أهلِ الباطِلِ ، تَحَمَّلوا الضَّيمَ مِنهُم .
وَإيّاكُم وُمُماظَّتَهُم ! دينوا فيما بَينَكُم وَبَينَهُم إذا أنتُم جالَستُموهُم وَخالَطتُموهُم وَنازَعتُموهُم الكَلامَ . فَإنَّهُ لا بُدَّ لَكُم مِن مُجالَسَتِهِم وَمُخالَطَتِهِم وَمُنازَعَتِهِمُ الكَلامَ ، بِالتَّقِيَّةِ الّتي أمَرَكُم اللّهُ أن تَأخُذوا بِها فيما بَينَكُم وَبَينَهُم ، فَإذا ابتُليتُم بِذلِكَ مِنهُم فَإنَّهُم سَيُوونَكُم ، وَتَعرِفونَ في وُجوهِهِمُ المُنكَرَ ، وَلَولا أنَّ اللّهَ تَعالى يَدفَعُهُم عَنكُم لَسَطَوا بِكُم ، وَمافي صُدورِهِم مِنَ العَداوَةِ وَالبَغضاءِ أكثَرُ مِمّا يُبدونَ لَكُم . مَجالِسُكُم وَمَجالِسُهُم وَاحِدَةٌ ، وَأرواحُكُم وَأرواحُهُم مُختَلِفَةٌ لا تَأتَلِفُ ، لا تُحِبّونَهُم أبَداً وَلا يُحِبّونَكُم غَيرَ أنَ اللّهَتَعالى أكرَمَكُم بِالحَقِ وَبَصَّرَكُموهُ ،وَلَم يَجعَلهم مِن أهلِهِ فَتُجامِلونَهُم وَتَصبِرونَ عَلَيهِم ، وَهُم لا مُجامَلَةَ لَهُم وَلا صَبرَ لَهُم على شَيءٍ 1 مِن أُمورِكُم تَدفَعونَ أنتُمُ السَّيِّئَةَ بالّتي هِيَ أحسَنُ فيما بَينَكُم وَبَينَهُم ، تَلتَمِسونَ بِذلِكَ وَجهَ رَبِّكُم بِطاعَتِهِ ، وَهُم لا خَيرَ عِندَهُم ، لا يَحِلُّ لَكُم أن تُظهِروهُم على أُصولِ دينِ اللّهِ .
فإنَّهُ إن سَمِعوا مِنكُم فيهِ شَيئاً عادوكُم عَلَيهِ ، وَرَفَعوهُ عَلَيكُم ، وَجاهَدوا على هَلاكِهِم ، وَاستَقَبَلوكُم بِما تَكرَهونَ ، وَلَم يَكُن لَكُم النَّصَفُ مِنهُم في دُوَلِ الفُجَّارِ ، فَاعرِفوا مَنزِلَتَكُم فيما بَينَكُم وَبَينَ أهلِ الباطِل ، فَإنَّهُ لا يَنبَغي لِأهلِ الحَقِّ أن يُنزلوا أنفُسَهُم مَنزِلَةَ أهلِ الباطلِ ، لأَنَّ اللّهَ لَم يَجعَل أهلَ الحَقِّ عِندَهُ بِمَنزِلَةِ أهلِ الباطِلِ ، ألَم