127
مكاتيب الأئمّة ج4

وَساءَ خُلُقُهُ ، وَغَلُظَ وَجهُهُ ، وَظَهَرَ فُحشُهُ ، وَقَلَّ حَياوهُ ، وَكَشَفَ اللّهُ سِترَهُ ، وَرَكِبَ المَحارِمَ فَلَم يَنزَع عَنها ، وَرَكِبَ مَعاصِيَ اللّه ، وَأبغَضَ طاعَتَهُ وَأهلَها ، فَبَعُدَ ما بَينَ حالِ المُونِ وَحالِ الكافِرِ ، سلوا اللّهَ العافِيَةَ وَاطلبوها إلَيهِ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ باللّهِ .
صَبِّروا النَّفسَ عَلى البَلاءِ فِي الدُّنيا ، فإنَّ تَتابُعَ البَلاءِ فيها ، وَالشِّدَّةَ في طاعَةِ اللّهِ وَوِلايَتِهِ وَوِلايَةِ مَن أمَرَ بِوِلايَتِهِ خَيرٌ عاقِبَةً عِندَ اللّهِ في الآخِرَةِ مِن مُلكِ الدّنيا ـ وَإن طالَ تَتابُعُ نَعيمِها وَزَهرَتِها وَغَضارَةِ عَيشِها ـ في مَعصِيَةِ اللّهِ ، وَوِلايَةِ مَن نَهى اللّهُ عَن وِلايَتِهِ وَطاعَتِهِ ، فإنَّ اللّهَ أمَرَ بِولايَةِ الأئِمَّةِ الّذينَ سَمّاهُم في كِتابِهِ في قَولِهِ : «وَ جَعَلْنَاهُمْ أئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا»۱ ، وَهُم الّذينَ أمَرَ اللّهُ بِوِلايَتِهِم وَطاعَتِهِم ، وَالّذينَ نَهى اللّهُ عَن وِلايَتِهِم وَطاعَتِهِم ، وَهُم أئِمَّةُ الضَّلالِ الّذينَ قَضى اللّهُ أن يَكونَ لَهُم دُوَلٌ فِي الدُّنيا على أولياءِ اللّهِ ، الأئِمَّةِ مِن آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . يَعمَلَونَ في دَولَتِهِم بِمَعصِيَةِ اللّهِ وَمَعصِيَةِ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، لِيَحِقَّ عَلَيهِم كَلِمَةَ العذابِ ، وَلِيَتِمَّ أمرُ اللّهُ فِيهِم الّذي خَلَقَهُم لَهُ فِي الأصلِ ـ أصلَ الخَلقِ ـ مِن الكُفرِ الّذي سَبَقَ في عِلمِ اللّهِ أن يَخُلقَهُم لَهُ في الأصلِ ، وَمِنَ الّذينَ سَمّاهُم اللّهُ في كِتابِهِ في قولِهِ : «وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» . ۲
فَتَدَبّروا هذا وَاعقِلوهُ وَلا تَجهَلوهُ ، فإنَّ مَن جَهِلَ هذا وَأشباهَهُ مِمّا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ في كتابِهِ مِمّا أمَرَ بِهِ وَنَهى عَنهُ ، تَرَكَ دينَ اللّهِ وَرَكِبَ مَعاصيهِ ، فاستَوجَبَ سَخَطَ اللّهِ فأكَبَّهُ اللّهُ على وَجهِهِ فِي النّارِ .
وَقالَ : أيَّتُها العِصابَةُ المَرحومَةُ المُفلِحَةُ ، إنَّ اللّهَ تعالى أتَمَّ لَكُم ما آتاكُم مِنَ الخَيرِ ، وَاعلَموا أنَّهُ لَيسَ مِن عِلم اللّهِ وَلا مِن أمرِهِ أن يَأخُذَ أحَدٌ مِن خَلقِ اللّهِ في دينِهِ بِهوىً وَلا رَأيٍ ، وَلا مَقائيسَ ، قَد أنزَلَ اللّهُ القُرآنَ وَجَعَلَ فيهِ تَبيانَ كُلِّ شَيءٍ ، وَجَعَلَ

1.الأنبياء: ۷۳.

2.القصص: ۴۱.


مكاتيب الأئمّة ج4
126

تَعرِفوا وَجهَ قَولِ اللّهِ تعالى في كتابِهِ إذ يقولُ : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ »۱ . أكرِموا أنفُسَكُم عَن أهلِ الباطِل فَلا تَجعَلوا اللّهَ تَعالى ـ وَلَهُ المَثَلُ الأعلى ـ وَإمامَكُم وَدينَكُم الّذي تَدينونَ بِهِ عُرضَةً لِأهلِ الباطِلِ فَتُغضِبوا اللّهَ عَلَيكُم فَتَهلُكوا .
فَمَهلاً مَهلاً يا أهلَ الصَّلاحِ ، لا تَترُكوا أمرَ اللّهِ وَأمرَ مَن أمَرَكُم بِطاعَتِهِ ، فَيُغَيِّرُ اللّهُ ما بِكُم مِن نِعمَةٍ ، أحِبُّوا في اللّهِ مَن وَصَفَ صِفَتَكُم ، وَأبغِضُوا فِي اللّهِ مَن خالَفَكُم وَابذِلوا مَوَدَّتَكُم وَنَصيحَتَكُم لِمَن وَصَفَ صِفَتَكُم ، وَلا تَبتَذِلوها لِمَن رَغِبَ عَن صِفَتِكُم ، وَعاداكُم عَلَيها ، وَبَغاكُم الغوائِلَ ، هذا أدبُنا أدَبُ اللّهِ فَخُذوا بِهِ وَتَفَهَّموهُ وَاعقِلوهُ وَلا تَنبِذوهُ وَراءَ ظُهورِكُم ، ما وَافَقَ هُداكُم أخَذتُم بِهِ ، وَما وافَقَ هَواكُم طَرَحتُموهُ وَلَم تَأخذوا بِهِ .
وَإيَّاكُم وَالتَّجَبُّرَ على اللّهِ ، وَاعلَموا أنّ عَبداً لَم يُبتَلَ بِالتَّجَبُّرِ عَلى اللّهِ إلاّ تَجَبَّرَ عَلى دينِ اللّهِ ، فاستقيموا للّهِِ وَلا تَرتَدُّوا على أعقابِكُم فَتَنقَلِبوا خاسرينَ ، أجارَنا اللّهُ وإيّاكُم مِن التَّجَبُّرِ على اللّهِ وَلا قُوَّةَ لَنا وَلَكُم إلاّ بِاللّهِ .
وقال[ عليه السلام ] : إنَّ العَبدَ إذا كانَ خَلَقَهُ اللّهُ في الأصلِ ـ أصلَ الخِلقَةِ ـ مُوناً لَم يَمُت حَتّى يُكَرِّهَ اللّهُ إلَيهِ الشَّرَ وَيُباعِدَهُ مِنهُ وَمَن كَرَّهَ اللّهُ إلَيهِ الشَّرَّ وَباعَدَهُ مِنهُ عافاهُ اللّهُ مِنَ الكِبرِ أن يَدخُلَهُ وَالجَبرِيَّةَ ، فَلانَت عَريكَتُهُ ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ ، وَطَلُقَ وَجهُهُ وَصارَ عَلَيهِ وَقارُ الإسلامِ وَسَكينَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ ، وَوَرِعَ عَن مَحارِمِ اللّهِ ، وَاجتَنَبَ مَساخِطَهُ ، وَرَزَقَهُ اللّهُ مَوَدَّةَ النّاسِ وَمُجامَلَتَهُم ، وَتَرَكَ مُقاطَعَةَ النّاسِ وَالخُصوماتِ وَلَم يَكُن مِنها وَلا مِن أهلِها في شيءٍ.
وَإنَّ العَبدَ إذا كانَ اللّهَ خَلَقَهُ في الأصلِ ـ أصلَ الخَلقِ ـ كافِراً لَم يَمُت حَتّى يُحَبِّبَ إلَيهِ الشَّرَّ ، وَيُقَرِّبَهُ مِنهُ فإذا حَبَّبَ إلَيهِ الشَّرَّ وَقَرَّبَهُ مِنهُ ابتُلِي بِالكِبرِ وَالجَبرِيَّةِ ، فَقَسا قَلبُهُ

1.ص: ۲۸.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113442
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي