129
مكاتيب الأئمّة ج4

الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْـئاً وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ » 1 وَذلِكَ لِيَعلَموا أنَّ اللّهَ يُطاعُ وَيُتَّبَعُ أمرُهُ في حَياةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَبَعدِ قَبضِ اللّهِ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله ، وَكَما لَم يَكُن لِأحَدٍ مِنَ النّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أن يَأخُذَ بِهَواهُ وَلا رَأيِهِ وَلا مَقائيسِهِ ، خِلافاً لِأمرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَكذلِكَ لَم يَكُن لِأحَدٍ مِنَ النّاسِ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أن يَأخُذَ بِهَواهُ وَلا رَأيِهِ وَلا مَقائيسِهِ .
وَقالَ : دَعوا رَفعَ أيدِيَكُم فِي الصَّلاةِ ، إلاّ مَرَّةً واحِدَةً حينَ تُفتَتَحُ الصَّلاةُ ، فإنَّ النّاسَ قَد شَهروكُم بِذلِكَ ، وَاللّهُ المُستَعانُ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ باللّهِ .
وَقالَ : أكثِروا مِن أن تَدعوا اللّهَ فإنَّ اللّهَ يُحِبُّ مِن عِبادِهِ المُونينَ أن يَدعوهُ ، وَقَد وَعَدَ اللّهُ عِبادَهُ المُونينَ بالاستِجابَةِ ، وَاللّهُ مُصَيِّرٌ دُعاءَ المُونينَ يَومَ القِيامَةِ لَهُم عَمَلاً يُزيدُهُم بِهِ في الجَنَّةِ ، فأكثِروا ذِكرَ اللّهِ ما استَطعتُم في كُلِّ ساعَةٍ من ساعاتِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ ، فإنَّ اللّهَ تَعالى أمَرَ بِكَثرَةِ الذّكرِ لَهُ ، وَاللّهُ ذاكِرٌ لِمَن ذَكَرَهُ مِنَ المُونينَ ، وَاعلَموا أنَّ اللّهَ لَم يَذكُرهُ أحَدٌ مِن عِبادِهِ المُونينَ إلاّ ذَكَرَهُ بِخَيرٍ ، فَأعطوا اللّهَ مِن أنفُسِكُم الاجتِهادَ في طاعَتِهِ ، فإنَّ اللّهَ لا يُدرَكُ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ وَاجتِنابِ مَحارِمِهِ الّتي حَرَّمَ اللّهُ تَعالى في ظاهِرِ القُرآنِ وَباطِنِهِ ، فإنَّ اللّهَ تَعالى قالَ في كِتابِهِ وَقَولُهُ الحَقُّ : «وَذَرُوا ظَاهِرَ الاْءِثْمِ وَبَاطِنَهُ» 2 وَاعلَموا أنَّ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أن تَجتَنِبوهُ فَقَد حَرَّمَهُ ، وَاتَّبِعوا آثارَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَسُنَّتَهُ ، فَخُذوا بِها وَلا تَتَّبِعوا أهواءَكُم وَآراءَكُم فَتَضِلّوا ؛ فَإِنّ أضَلَّ النّاسِ عِندَ اللّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ وَرَأيَهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ .
وَأحسِنوا إلى أنفُسِكُم ما استَطَعتُم ، فَإن أحسَنتُم أحسَنتُم لِأنفُسِكُم ، وَإن أسأتُم فَلَها وَجامِلوا النّاسَ وَلا تَحمِلوهُم على رِقابِكُم تَجمَعوا مَعَ ذلِكَ طاعَةَ رَبِّكُم .
وَإيّاكُم وَسَبَ أعداءِاللّهِحَيثُ يَسمَعونَكُم ،فَيَسُبّوا اللّهَعَدواً بِغَيرِ عِلمٍ ،وَقَد يَنبَغي لَكُم

1.آل عمران: ۱۴۴.

2.الأنعام: ۱۲۰.


مكاتيب الأئمّة ج4
128

لِلقُرآنِ وَتَعَلُّمِ القُرآنِ أهلاً ، لا يَسَعُ أهلَ عِلمِ القُرآنِ الّذينَ آتاهُمُ اللّهُ عِلمَهُ أن يأخذوا فيهِ بِهَوىً وَلا رَأيٍ وَلا مَقائيسَ ، أغناهُمُ اللّهُ عَن ذلِكَ بِما آتاهُم مِن عِلمِهِ وَخَصَّهُم بِهِ وَوَضَعَهُ عِندَهُم ، كَرامَةً مِنَ اللّهِ تعالى أكرَمَهُم بِها ، وَهُم أهلُ الذِّكرِ الّذينَ أمَرَ اللّهُ هذهِ الأُمَّةَ بِسُولِهِم ، وَهُم الّذينَ مَن سَألَهُم وَقَد سَبَقَ في عِلمِ اللّهِ أن يُصَدِّقَهُم وَيَتَّبِع أثَرَهُم . أرشَدوهُ وَأعطَوهَ مِن عِلمِ القُرآنِ ما يَهتَدي بِهِ إلى اللّهِ بِإذنِهِ ، وَإلى جَميعِ سُبُلِ الحَقِّ ، وَهُمُ الّذينَ لا يَرغَبُ عَنهُم وَعَن مَسألَتِهِم وَعَن عِلمِهِم الّذي أكرَمَهَمَ اللّهُ بِهِ وَجَعَلهُ عِندَهُم ، إلاّ مَن سَبَقَ عَلَيهِ في عِلمِ اللّهِ الشِّقاءُ في أصلِ الخَلقِ ، تَحتَ الأظِلَّةِ ، فَأُولئِكَ الّذينَ يَرغَبونَ عَن سُولِ أهلِ الذِّكرِ ، وَالّذينَ آتاهُمُ اللّهُ تعالى عِلمَ القُرآنِ ، وَوَضَعَهُ عِندَهُم ، وَأمَرَ بِسُولِهِم ، فَأولئِكَ الّذينَ يَأخُذونَ بِأهوائِهِم ، وَآرائِهِم ، وَمَقائيسِهِم ، حَتّى دَخَلَهُمُ الشَّيطانُ ؛ لِأنَّهُم جَعَلوا أهلَ الإيمانِ في عِلمِ القُرآنِ عِندَ اللّهِ كافرينَ ، وَجَعَلوا أهلَ الضَّلالَةِ في عِلمِ القُرآنِ عِندَ اللّهِ مُونينَ ، وَحَتّى جَعَلوا ما أحَلَّ اللّهُ في كَثيرٍ مِنَ الأمرِ حَراماً ، وَجَعَلوا ما حَرَّمَ اللّهُ في كَثيرٍ مِنَ الأمرِ حَلالاً ، فذلِكَ أصلُ ثَمَرَةِ أهوائِهِم .
وَقَد عَهِدَ إلَيهِم رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَبلَ مَوتِهِ فَقالوا : نَحنُ بَعدَ ما قَبَضَ اللّهُ رَسولَهُ يَسَعُنا أن نَأخُذَ بِما اجتَمَعَ عَلَيهِ رَأيُ النّاسِ بَعدَ قَبضِ اللّهِ تَعالى رَسولَهُ صلى الله عليه و آله وَبَعَد عَهدِهِ الّذي عَهِدَهُ إلَينا وَأمَرَنا بِهِ ، مُخالَفَةً للّهِِ تَعالى وَلِرَسولِهِ صلى الله عليه و آله ، فَما أحَدٌ أجرَأ عَلى اللّهِ وَلا أبينَ ضَلالَةً مِمَّن أخَذَ بِذلِكَ وَزَعَمَ أنَّ ذلِكَ يَسَعُهُ.
وَاللّهِ إنَّ للّهِِ على خَلقِهِ أن يُطيعوهُ وَيَتَّبِعوا أمرَهُ في حَياةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَبَعدَ مَوتِهِ ، هَل يَستَطيع أُولئِكَ ـ أعداءَ اللّهِ ـ أن يَزعُموا أنَّ أحَدَاً مِمَّن أسلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أخَذَ بِقَولِهِ وَرَأيهِ ومقائيسِهِ ، فَإن قالَ : نعم ، فَقَد كَذَّبَ عَلى اللّهِ وَضَلَّ ضَلالاً بَعيداً ، وَإن قالَ : لا ، لَم يَكُن لِأحَدٍ أن يَأخُذَ بِرَأيِهِ وَهَواهُ وَمقائيسِهِ ، فَقَد أقَرَّ بالحُجَّةِ على نَفسِهِ ، وَهُوَ مِمَّن يَزعُم أنَّ اللّهَ يُطاعُ وَيُتَّبِعُ أمرُهُ بَعدَ قَبضِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
وَقَد قالَ اللّهُ تَعالى ـ وَقَولُهُ الحَقُّ ـ : «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113366
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي