131
مكاتيب الأئمّة ج4

وَإيَّاكُم وَالعَظَمَةَ وَالكِبَر ، فإنَّ الكِبَر رِداءُ اللّهِ تَعالى ، فَمَن نازَعَ اللّهَ رِداءَهُ ، قصَمَهُ اللّهُ وأَذلَّهُ يَومَ القِيامَةِ .
وَإيّاكُم أن يَبغي بَعضُكُم على بَعضٍ ، فَإنَّها لَيسَت مِن خِصالِ الصّالِحينَ ، فإنَّهُ مَن بَغى صَيَّرَ اللّهُ بَغيَهُ على نَفسِهِ ، وَصارَت نُصرَةُ اللّهِ لِمَن بُغِيَ عَلَيهِ ، وَمَن نَصَرَهُ اللّهُ غَلَبَ وَأصابَ الظّفَرَ مِنَ اللّهِ .
وَإيّاكُم أن يَحسُدَ بَعضُكُم بَعضاً ، فإنَّ الكُفرَ أصلُهُ الحَسَدُ .
وَإيّاكُم أن تُعينوا على مُسلِمٍ مَظلومٍ فَيَدعو اللّهَ عَلَيكُم فيُستجابُ لَهُ فيكُم ، فإنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ يَقولُ : إنَّ دَعوَةَ المُسلِمِ المَظلومِ مُستَجابَةٌ . وَليُعِن بَعضُكُم بَعضاً ، فإنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ يقولُ : إنَّ مَعونَةَ المُسلِم خَيرٌ وَأعظَمُ أجراً مِن صِيامِ شَهرٍ وَاعتِكافِهِ في المَسجِدِ الحَرامِ .
وَإيّاكُم وإعسارَ أحَدٍ مِن إخوانِكُم المُؤمِنينَ أن تُعسِروهُ بِالشَّيءِ يَكونُ لَكُم قَبلَهُ وَهُوَ مُعسِرٌ ، فإنَّ أبانا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ يَقولُ : لَيسَ لِمُسلمٍ أن يُعسِرَ مُسلِماً ، ومَن أنظَرَ مُعسِراً أظلَّهُ اللّهُ يَومَ القِيامَةِ بِظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّهُ .
وَإيّاكُم ـ أيَّتُها العِصابَةُ المَرحومَةُ المُفَضَّلَةُ على مَن سِواها ـ وَحَبسَ حُقوقِ اللّهِ قِبَلَكُم ، يَوماً بَعدَ يَومٍ وَساعَةً بَعدَ ساعَةٍ ، فإنَّهُ مَن عَجَّلَ حُقوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كانَ اللّهُ أقدَرَ على التَّعجيلِ لَهُ إلى مُضاعَفَةِ الخَيرِ في العاجِلِ ، وَالآجِل ، وَإنّهُ مَن أخَّرَ حُقوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كانَ اللّهُ أقدَرَ على تَأخيرِ رِزقِهِ ، وَمَن حَبَس اللّهُ رِزقَهُ لَم يَقدِر أن يَرزِقَ نَفسَهُ ، فَأدّوا إلى اللّهِ حَقَّ ما رَزَقَكُم ، يُطَيِّبُ اللّهُ لَكُم بَقِيَّتَهُ وَيُنجِزُ لَكُم ما وَعَدَكُم مِن مُضاعَفَتِهِ لَكُم الأضعافَ الكَثيرَةَ الّتي لا يَعلَمُ بِعَدَدِها وَلا بِكُنهِ فَضلِها إلاّ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ .
وَقالَ : اتَّقوا اللّهِ ـ أيَّتُها العِصابَةُ ـ وَإن استَطَعتُم أن لا يَكونَ مِنكُم مُحرِجٌ لِلإمامِ ، وَإنَّ مُحرِجَ الإمامِ هُوَ الّذي يَسعى بِأهلِ الصَّلاحِ مِن أتباعِ الإمامِ المُسَلِّمينَ لِفَضلِهِ ، الصّابِرينَ على أداءِ حَقِّهِ العارِفينَ لِحُرمَتِهِ .


مكاتيب الأئمّة ج4
130

أن تَعلموا حَدَّ سَبِّهِم للّهِِ كَيفَ هُوَ ؟ إنَّهُ مَن سَبَّ أولِياءَ اللّهِ فَقَدِ انتَهَكَ سَبَّ اللّهِ ، وَمَن أظلَمُ عِندَ اللّهِ مِمَّن استَسَبَّ للّهِِ وَلاِلِيائِهِ ، فَمَهلاً مَهلاً ، فَاتَّبِعوا أمرَ اللّهِ وَلا قُوَّةَ إلاّ باللّهِ .
وَقالَ : أيَّتُها العِصابَةُ الحافِظُ اللّهُ لَهُم أمرَهُم ، عَلَيكُم بِآثارِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَسُنَّتِهِ وَآثارِ الأئِمَّةِ الهُداةِ مِن أهلِ بَيتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن بَعدِهِ وَسُنَّتِهِم ؛ فإنَّهُ مَن أخَذَ بِذلِكَ فَقَدِ اهتَدى ، وَمَن تَرَكَ ذلِكَ وَرَغِبَ عَنهُ ضَلَّ ؛ لِأنَّهُم هُمُ الّذينَ أمَرَ اللّهُ بِطاعَتِهِم وَوِلايَتِهِم ، وَقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : المُداوَمَةُ على العَمَلِ في اتِّباعِ الآثارِ وَالسُّنَنِ ـ وَإن قَلَّ ـ أرضى للّهِِ وَأنفَعُ عِندَهُ فِي العاقِبَةِ مِنَ الاجتِهادِ في البِدَعِ وَاتِّباعِ الأهواءِ ، ألا إنَّ اتِّباعَ الأهواءِ وَاتِّباعَ البِدَعِ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ضَلالٌ ، وَكُلُّ ضَلالٍ بِدعَةٌ ، وَكُلُّ بِدعَةٍ فِي النّارِ ، وَلَن يُنالَ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَ اللّهِ إلاّ بِطاعَتِهِ وَالصَّبرِ وَالرِّضا ؛ لأنَّ الصَّبرَ وَالرِّضا مِن طاعَةِ اللّهِ .
وَاعلَموا أنَّهُ لَن يُونَ عَبدٌ مِن عَبيدِهِ حَتّى يَرضى عَنِ اللّهِ فيما صَنَعَ اللّهُ إلَيه ، وَصَنَعَ بهِ ، على ما أحَبَّ وَكَرِهَ ، وَلَن يَصنَعَ اللّهُ بِمَن صَبَرَ وَرَضِيَ عَنِ اللّهِ إلاّ ما هُوَ أهلُهُ وَهُوَ خَيرٌ لَهُ مِمّا أحَبَّ وَكَرِهَ .
وَعَلَيكُم بِالمُحافَظَةِ عَلى الصّلواتِ والصَّلاةِ الوُسطى ، وَقوموا للّهِِ قانتِينَ كما أمَرَ اللّهُ بِهِ المُونينَ في كِتابِهِ مِن قَبلِكُم .
وَعَلَيكُم بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ ؛ فإنَّهُ مَن حَقَّرَهُم وَتَكَبَّرَ عَلَيهِم فَقَد زَلَّ عَن دينِ اللّهِ ، واللّهُ لَهُ حاقِرٌ ماقِتٌ ، وَقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أمَرَني رَبّي بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ مِنهُم .
وَاعلَموا أنَّ مَن حَقَّرَ أحَداً مِنَ المُسلِمينَ ألقى اللّهُ عَلَيهِ المَقتَ مِنهُ وَالمَحَقَرةَ حَتّى يَمقُتَهُ النّاسُ ، وَاللّهُ لَهُ أشَدُّ مَقتاً . فَاتَّقوا اللّهَ في إخوانِكُم المُسلِمينَ المَساكينِ منهُم ، فَإنَّ لَهُم عَلَيكُم حَقّاً أن تُحِبّوهُم ، فإنَّ اللّهَ أمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله بِحُبِّهم ، فَمَن لَم يُحِبَّ مَن أمَرَ اللّهُ بِحُبِّهِ فَقَد عَصى اللّهَ وَرَسولَهُ ، وَمَن عَصى اللّهَ وَرَسولَهُ وَماتَ على ذلِكَ ماتَ وَهُوَ مِنَ الغاوينَ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113071
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي