137
مكاتيب الأئمّة ج4

فاتّقوا اللّهَ وَسَلوهُ أن يَشرَحَ صُدورَكُم للإسلامِ ، وأن يَجعَلَ ألسِنَتَكُم تَنطِقُ بِالحَقِّ حَتّى يَتَوفّاكُم وَأنتُم على ذلِكَ ، وَأن يَجعَلَ مُنقَلَبَكُم مُنقَلَبَ الصّالِحينَ قَبلَكُم ، وَلا قُوَّةَ إلاّ باللّهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ .
وَمَن سَرَّهُ أن يَعلَمَ أنَّ اللّهَ يُحِبُّهُ ، فَليَعمَل بِطاعَةِ اللّهِ وَليَتَّبِعنا ، ألَم يَسمَع قَولَ اللّهِ تَعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله : «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» . 1 وَاللّهِ لا يُطيعُ اللّهَ عَبدُ أبَداً إلاّ أدخَلَ اللّهُ عَلَيهِ في طاعَتِهِ اِتّباعَنا .
وَلا وَاللّهِ لا يَتَّبِعُنا عَبدٌ أبَداً إلاّ أحَبَّهُ اللّهُ .
وَلا وَاللّهِ لا يَدَعُ اتّباعَنا أحَدٌ أبداً إلاّ أبغَضَنا .
وَلا وَاللّهِ لا يُبغِضُنا أحَدٌ أبداً إلاّ عَصى اللّهَ .
وَمَن ماتَ عاصِياً للّهِِ أخزاهُ اللّه وأكَبَّهُ على وَجهِهِ في النّارِ ، والحَمدُ للّهِ رَبِّ العالَمين . 2

23

كتابه عليه السلام إلى الشّيعة

في حثّهم على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

0.عن عليّ بن أسباط ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم 3 ، قال : كتب

1.آل عمران: ۳۱.

2.كتاب الوافي : ج ۲۶ ص۹۷ ح ۲۵۳۷۸ .

3.محمّد بن مسلم محمّد بن مسلم بن رباح أبو جعفر الأوقص الطّحان ، مولى ثقيف الأعور ، وجه أصحابنا بالكوفة فقيه ورع ، صحب أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهماالسلام وروى عنهما ، وكان من أوثق الناس . له كتاب يسمّى الأربع مئة مسألة في أبواب الحلال والحرام . ومات محمّد بن مسلم سنة خمسين ومئة . ( راجع : رجال النّجاشي : ج ۲ ص ۱۹۹ الرّقم ۸۸۳ ورجال الطّوسي : ص۲۹۴ الرّقم ۴۲۹۳ ، رجال البرقي : ص۹ و۱۷ ، رجال ابن داوود : ص۳۳۶ الرّقم۱۴۷۳) . وفي رجال الكشّي : عن عبد اللّه بن أبي يعفور ، قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّه ليس كلّ ساعة ألقاك ، ولا يمكن القدوم ، ويجيء الرّجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلّما يسألني عنه ، قال : فما يَمنَعُكَ مِن مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ الثَّقَفيّ ، فَإنَّهُ قد سَمِعَ مِن أبي ، وكانَ عِندَهُ وَجيهاً . ( ج ۱ ص ۳۸۳ ح ۲۷۳ ) . عن محمّد بن مسلم ، قال : إنّي لنائم ذات ليلة على السّطح إذ طرق الباب طارق ، فقلت : من هذا ؟ فقال : شريك يرحمك اللّه ، فأشرفت فإذا امرأة فقالت : لي بنت عروس ضربها الطّلق فما زالت تطلق حتّى ماتت ، والولد يتحرّك في بطنها ويذهب ويجيء فما أصنع ؟ فقلت : يا أمة اللّه سُئل محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليه السلام عن مثل ذلك فقال : يشقّ بطن الميت ويستخرج الولد ، يا أمة اللّه افعلي مثل ذلك أنا يا أمة اللّه رجل في ستر من وجهك إليّ ؟ قال : قالت لي : رحمك اللّه ، جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرّأي فقال : ما عندي فيها شيء ولكن عليك بمحمّد بن مسلم الثّقفيّ فإنّه يخبر ، فمهما أفتاك به من شيء فعودي إليّ فأعلمينيه . فقلت لها : امضي بسلام ، فلمّا كان الغد خرجت إلى المسجد وأبو حنيفة يسأل عنها أصحابه فتنحنحت ، فقال : اللّهمّ عقراً ، دعنا نعيش . ( ج۱ ص ۳۸۵ ح ۲۷۵ ) . و عبد اللّه بن محمّد بن خالد الطّيالسيّ عن أبيه قال: كان محمّد بن مسلم من أهل الكوفة يدخل على أبي جعفر عليه السلام ، فقال أبو جعفر : بَشِّرِ المُخبِتينَ. وكان محمّد بن مسلم رجلاً مُوسراً جليلاً ، فقال أبو جعفر : تَواضَع . قال : فأخذ قوصرة تمر فوضعها على باب المسجد وجعل يبيع التّمر ، فجاء قومه فقالوا : فضحتنا . فقال : أمرني مولاي بشيء فلا أبرح حتّى أبيع هذه القوصرة . فقالوا : أما إذا أبيت إلاّ هذا فاقعد في الطّحانين ثمّ سلّموا إليه رحى . فقعد على بابه وجعل يطحن . . . وقيل : إنّه كان من العبّاد في زمانه ، ( ج ۱ ص ۳۸۸ ح ۲۷۸ ) . وعن هشام بن سالم قال: أقام محمّد بن مسلم بالمدينة أربع سنين ، يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله ، ثمّ كان يدخل على جعفر بن محمّد يسأله . قال أبو أحمد : فسمعت عبد الرّحمان بن الحجّاج وحمّاد بن عثمان يقولان : ما كان أحد من الشّيعة أفقه من محمّد بن مسلم . قال فقال محمّد بن مسلم : سمعت من أبي جعفر عليه السلام ثلاثين ألف حديث ، ثمّ لقيت جعفراً ابنه فسمعت منه ـ أو قال ـ سألته عن ستّة عشر ألف حديث ـ أو قال ـ مسألة . ( ج ۱ ص ۳۹۱ ح ۲۸۰ ) . وعن أبي الصّباح قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : يا أبا الصباح ، هلك المترئسون في أديانهم : منهم زرارة وبريد ومحمّد بن مسلم وإسماعيل الجعفيّ . وذكر آخر لم أحفظه . . . (ج۱ ص۳۹۴ ح ۲۸۳ ) . وقال الكشّي : اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام وانقادوا لهم بالفقه فقالوا : أفقه الأوّلين ستّة : زرارة ومعروف بن خربوذ وبريد وأبو بصير الأسديّ والفضيل بن يسار ومحمّد بن مسلم الطّائفي . (ج۲ ص۵۰۷ ح۴۳۱) . وقال في موضع آخر : عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : أوتادُ الأرضِ وَأعلامُ الدّينِ أربعةً : مُحَمّدُ بنُ مُسلِمٍ وَبُريدُ بنُ مُعاوِيَةِ وَلَيثُ بنُ البَختَري المُرادي وَزُرارَةُ بنُ أعين . (ح۴۳۲) . و داوود بن سرحان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إنّي لاَُحَدِّثُ الرَّجُلَ بِحَديِثٍ وَأنهاهُ عَنِ الجِدالِ وَالمِراءِ في دينِ اللّه ِ تعالى ، وَأنهاهُ عَنِ القِياسِ فَيَخرُجُ من عِندي فَيَتأوّلُ حَديثي على غَيرِ تَأويلِهِ ، إنّي أمَرتُ قَوَماً أن يَتَكَلَّموا وَنَهيتُ قَوماً ، فَكُلّ يَتأوّلُ لِنَفسِهِ يُريدُ المَعصِيَةَ للّه ِِ تَعالى وَلِرَسولِهِ ، فَلَو سَمِعوا وَأطاعوا لَأودَعتُهُم ما أودَعَ أبي عليه السلام أصحابَهُ ، إنّ أصحابَ أبي عليه السلام كانوا زَينا أحياءاً وأمواتاً ، أعني زُرارَةَ وَمُحمَّدَ بنَ مُسلِمٍ ، وَمِنهُم ليثُ المُرادِيُّ وَبُريدٌ العجلِيُّ ، هَؤلاءِ القَوّامونَ بِالقِسطِ ، هؤلاءِ القَوّالونَ بالصِّدقِ ، هؤلاءِ السّابِقونَ السّابِقونَ أُولئِكَ المُقَرّبون. ( ح ۴۳۳ ) .


مكاتيب الأئمّة ج4
136

تَلتَمِسونَ بِذلِكَ وَجهَ اللّهِ وَالدّارَ الآخِرَةَ ، وَحَتّى تَكظِموا الغَيظَ الشَّديدَ فِي الأذى في اللّهِ يَجتَرِمونَهُ إلَيكُم وَحَتّى يُكَذِّبوكُم بِالحَقِّ وَيُعادوكُم فيهِ وَيُبغِضوكُم عَلَيهِ فَتَصبِروا على ذلِكَ منهم ، وَمِصداقُ ذلِكَ كُلِّهِ في كِتابِ اللّهِ الّذي أنزَلَهُ جَبرئيلُ على نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله ، سَمِعتُم قَولَ اللّهِ تَعالى لِنَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله : «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ» . ۱
ثمَّ قالَ : « وَ إِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُواوَأُوذُوا »۲ فَقَد كُذِّبَ نَبِيُّ اللّهِ وَالرُّسلُ مِن قَبلِهِ وَأُوذوا مَعَ التَّكذيبِ بِالحَقِّ ، فَإن سَرَّكُم أن تَكونوا مَعَ نَبِيِّ اللّهِ مُحَمّدٍ صلى الله عليه و آله ، وَالرُّسُلِ مِن قَبلِهِ فَتَدَبَّروا ما قَصَّ اللّهُ عَلَيكُم في كتابِهِ مِمّا ابتلى بِهِ أنبياءَهُ وَأتباعَهُم المُونينَ ثُمَّ سَلوا اللّهَ أن يُعطِيَكُم الصَّبرَ على البَلاءِ في السَّرّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ مِثلَ الّذي أعطاهُم .
وَإيّاكُم وَمُمّاظَّةَ أهلِ الباطِل ، وَعَلَيكُم بِهَدي الصّالِحينَ وَوَقارِهِم ، وَسَكينَتِهِم وَحِلمِهِم ، وَتَخَشُّعِهِم وَوَرَعِهِم عَن مَحارِمِ اللّهِ ، وَصِدقِهِم وَوَفائِهِم وَاجتِهادِهِم للّهِِ في العَمَلِ بِطاعَتِهِ ، فَإنَّكُم إن لَم تَفعَلوا ذلِكَ لَم تَنزِلوا عِندَ رَبِّكُم مَنزِلَةَ الصّالِحينَ قَبلَكُم .
وَاعلَموا أنَّ اللّهَ تَعالى إذا أرادَ بِعَبدٍ خَيراً شَرَحَ صَدرَهُ للإسلامِ ، فَإذا أعطاهُ ذلِكَ نَطَقَ لِسانُهُ بِالحَقِّ وَعَقَدَ قَلبَهُ عَلَيهِ فَعَمَلَ بِهِ ، فإذا جَمَعَ اللّهُ لَهُ ذلِكَ تَمَّ لَهُ إسلامُهُ ، وَكانَ عِندَ اللّهِ إن ماتَ على ذلِكَ الحالِ مِنَ المُسلِمينَ حَقّاً ، وإذا لَم يُرِدِ اللّهُ بِعَبدٍ خَيراً وَكلَهُ إلى نَفسِهِ ، وَكانَ صدرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ، فإن جَرى عَلى لِسانِهِ حَقٌّ لَم يُعقَد قَلبُهُ عَلَيهِ وَإذا لَم يُعقَد قَلبُهُ عَلَيهِ ، لَم يُعطِهِ اللّهُ العَمَلَ بِهِ ، فَإذا اجتَمَعَ ذلِكَ عَلَيهِ حَتّى يَموتَ ، وَهُوَ على تِلكَ الحالِ كانَ عِندَ اللّهِ مِنَ المُنافِقين ، وَصارَ ما جَرى عَلى لِسانِهِ مِنَ الحَقِّ الّذي لَم يُعطِهِ اللّهُ أن يُعقَدَ قَلبُهُ عَلَيهِ ، وَلَم يُعطِهِ العَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَيهِ .

1.الأحقاف: ۳۵.

2.هذا قريب من آيتين أوّلها في سورة الحجّ : ۴۲ وفاطر :۳ و۲۵ وآخرها في سورة الأنعام : ۳۴ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 94207
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي