يوجف عليهم بخيل وركاب . ثمّ قال : «لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَ الِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَ رِضْوَ انًا وَ يَنصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » 1 فجَعَلَها اللّهُ لِمَن هاجَرَ مِن قُرَيشٍ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه و آله وَصَدَقَ .
وَأخرَجَ أيضاً عَنهُم المُهاجِرينَ مَعَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنَ العَرَبِ ، لِقَولِهِ : « الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَ الِهِمْ» لِأنَّ قُرَيشاً كانَت تَأخُذُ دِيارَ مَن هاجَرَ مِنها وَأموالَهُم ، وَلَم تَكُن العَرَبُ تَفعَلُ ذلِكَ بِمَن هاجَرَ مِنها ، ثُمَّ أثنى عَلى المُهاجِرينَ الّذينَ جَعَلَ لَهُمُ الخُمسَ وَبَرّأهُم مِنَ النِّفاقِ بِتَصديقِهِم إيَّاهُ حينَ قالَ : «أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » لا الكاذِبونَ ، ثُمَّ أثنى على الأنصارِ وَذَكَرَ ما صنَعوا وَحُبّهُم لِلمُهاجِرينَ وَإيثارَهُم إيَّاهُم وَإنَّهُم لَم يَجِدوا في أنفُسِهِم حاجَةً ـ يَقولُ : حَزازَةً 2 ـ مِمّا أُوتوا . يَعني المُهاجِرينَ دونَهُم ، فأحسَنَ الثَّناءَ عَلَيهِم فَقالَ : «وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَ الاْءِيمانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » 3 وَقَد كانَ رِجالٌ اتَّبَعوا النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قَد وَتَرَهُم 4 المُسلِمونَ فيما أخَذوا مِن أموالِهِم ، فَكانَت قُلوبُهُم قَدِ امتَلأت عَلَيهِم ، فَلَمّا حَسُنَ إسلامُهُم استَغفَروا لِأنفُسِهِم مِمّا كانوا عَلَيهِ مِنَ الشِّركِ . وَسَألوا اللّهَ أن يُذهِبَ بِما في قُلوبِهِم مِنَ الغِلِّ لِمَن سَبَقَهُم إلى الإيمانِ .
وَاستَغفَروا لَهُم حَتّى يُحَلِّلَ ما في قُلوبِهِم ، وَصاروا إخواناً لَهُم . فَأثنى اللّهُ عَلى الّذينَ قالوا ذلِكَ خاصّةً فَقالَ : « وَ الَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لاِءِخْوَ انِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاْءِيمَانِ وَ لاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ