177
مكاتيب الأئمّة ج4

يوجف عليهم بخيل وركاب . ثمّ قال : «لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَ الِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَ رِضْوَ انًا وَ يَنصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » 1 فجَعَلَها اللّهُ لِمَن هاجَرَ مِن قُرَيشٍ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه و آله وَصَدَقَ .
وَأخرَجَ أيضاً عَنهُم المُهاجِرينَ مَعَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنَ العَرَبِ ، لِقَولِهِ : « الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَ الِهِمْ» لِأنَّ قُرَيشاً كانَت تَأخُذُ دِيارَ مَن هاجَرَ مِنها وَأموالَهُم ، وَلَم تَكُن العَرَبُ تَفعَلُ ذلِكَ بِمَن هاجَرَ مِنها ، ثُمَّ أثنى عَلى المُهاجِرينَ الّذينَ جَعَلَ لَهُمُ الخُمسَ وَبَرّأهُم مِنَ النِّفاقِ بِتَصديقِهِم إيَّاهُ حينَ قالَ : «أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ » لا الكاذِبونَ ، ثُمَّ أثنى على الأنصارِ وَذَكَرَ ما صنَعوا وَحُبّهُم لِلمُهاجِرينَ وَإيثارَهُم إيَّاهُم وَإنَّهُم لَم يَجِدوا في أنفُسِهِم حاجَةً ـ يَقولُ : حَزازَةً 2 ـ مِمّا أُوتوا . يَعني المُهاجِرينَ دونَهُم ، فأحسَنَ الثَّناءَ عَلَيهِم فَقالَ : «وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَ الاْءِيمانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » 3 وَقَد كانَ رِجالٌ اتَّبَعوا النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قَد وَتَرَهُم 4 المُسلِمونَ فيما أخَذوا مِن أموالِهِم ، فَكانَت قُلوبُهُم قَدِ امتَلأت عَلَيهِم ، فَلَمّا حَسُنَ إسلامُهُم استَغفَروا لِأنفُسِهِم مِمّا كانوا عَلَيهِ مِنَ الشِّركِ . وَسَألوا اللّهَ أن يُذهِبَ بِما في قُلوبِهِم مِنَ الغِلِّ لِمَن سَبَقَهُم إلى الإيمانِ .
وَاستَغفَروا لَهُم حَتّى يُحَلِّلَ ما في قُلوبِهِم ، وَصاروا إخواناً لَهُم . فَأثنى اللّهُ عَلى الّذينَ قالوا ذلِكَ خاصّةً فَقالَ : « وَ الَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لاِءِخْوَ انِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاْءِيمَانِ وَ لاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ

1.الحشر: ۸.

2.الحزازة ـ بالفتح ـ : التعسّف في الكلام . وأيضاً: وجع في القلب من غيظ ونحوه.

3.الحشر: ۹.

4.وترهم: قطعهم وأبعدهم . ووتر القوم: جعلهم شفعهم وترا أي أفردهم .


مكاتيب الأئمّة ج4
176

قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه و آله لِلأنصارِ : إنْ شِئتُم أخرَجتُم المُهاجِرينَ مِن دورِكُم وَأموالِكُم ، وَقَسَّمتُ لَهُم هذهِ الأموالَ دونَكُم ، وَإن شِئتُم تَرَكتُم أموالَكُم وَدورَكُم وَقَسَّمتَ لَكُم مَعَهُم .
قالتِ الأنصارُ : بَل أقسِم لَهُم دونَنا وَاترُكهُم مَعَنا في دورِنا وَأموالِنا .
فأنزل اللّه تبارك وتعالى : « مَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ» ـ يعني يهود قريظة ـ «فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لاَ رِكَابٍ»۱ لأنّهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن

1.الحشر: ۶.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 94273
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي