179
مكاتيب الأئمّة ج4

حَقِّهِ . وَأمسَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله مِن أموالِ بَني قُرَيظَةَ وَالنَّضيرِ ما لَم يُوجَب عَلَيهِ خَيلٌ وَلا رِكابٌ سَبعَ حَوائِطَ لِنَفسِهِ . لأنَّهُ لَم يُوجَب على فَدَكٍ ۱ خَيلٌ أيضاً وَلا رِكابٌ .

1.فدك ـ بالتحريك ، منصرف وغير منصرف ـ : قرية من قرى اليهود قرب خيبر بينهما دون مرحلة وهي ممّا أفاء اللّه على رسوله ، لأنّ أهل فدك لمّا سمعوا أنّ المسلمين قد صنعوا ما صنعوا بأهل خيبر بعثوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسألونه أن يسيّرهم أيضاً ويتركوا له الأموال ففعل ، وذلك في العام السّابع من الهجرة بعد فتح خيبر . فكانت لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ولم يكن معها أحد ، فزال عنها حكم الفيء ولزمها حكم الأنفال فلمّا نزلت «وَ ءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ » ( الإسراء : ۲۶ ) . أعطاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلاموكانت في يدها إلى أن توفى رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه فأخذها أبو بكر من فاطمة عليهاالسلامفلم تزل كذلك حتّى صارت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز فردّها إلى محمّد بن عليّ عليهماالسلام فلم تزل في أيدي أولاد فاطمة واستغنوا في تلك السّنين وحسنت أحوالهم فلمّا مات عمر بن عبد العزيز انتزعها يزيد بن عبد الملك ثمّ دفعها السّفاح إلى الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلامثمّ أخذها المنصور ثمّ أعاد المهدي ثمّ قبضها الهادي ثمّ ردّها المأمون وكانت في أيديهم في زمن المأمون والمعتصم والواثق ثمّ أخذها المتوكّل . وردّها المعتضد . وحازها المكتفي . وقيل : إنّ المقتدر ردّ إليهم . (راجع : بحار الأنوار : ج ۱۲ ص ۶ و ج ۲۸ ص ۳۵۳ و ج ۲۹ ص ۲۰۱ و ۳۴۶ ، معجم البلدان : ج ۴ ص۲۳۹) .


مكاتيب الأئمّة ج4
178

رَءُوفٌ رَّحِيمٌ » 1 ، فَأعطى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله المُهاجرينَ عامَّةً مِن قُرَيشٍ على قَدرِ حاجَتِهِم فيما يَرى ، لِأنَّها لَم تُخَمَّس فَتُقَسَّمَ بِالسَّوِيَةِ . وَلَم يُعطِ أحَداً مِنهُم شَيئاً إلاّ المُهاجِرينَ مِن قُرَيشٍ غَيرَ رَجُلَينٍ مِن الأنصارِ يُقالُ لِأحَدِهِما : سَهلُ بنُ حُنَيفٍ 2 وَلِلآخَرِ سِماكُ بنُ خَرَشَة ـ أبو دُجانَةَ 3 ـ فَإنَّهُ أعطاهُما لِشِدَّةِ حاجَةٍ كانَت بِهِما مِن

1.الحشر : ۱۰ .

2.سهل بن حنيف هو سهل بن حنيف بن واهب الأنصاريّ الأوسيّ من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وشهد بدراً والمشاهد كلّها . وكان في بدء الإسلام عام الأوّل من الهجرة يكسر أصنام قومه ليلاً فيحملها إلى امرأة مسلمة من الأنصار لا زوج لها يقول لها: خذي فاحتطبي بهذا وكان أمير الؤمنين عليه السلام يذكر ذلك عنه بعد موته متعجّباً ، وروى أنّه شهد العقبة وكان من النّقباء الّذين اختارهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله الأثني عشر في ليلة العقبة . وكان هو ممّن ثبت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم أُحد لمّا انهزم النّاس وبايعه على الموت وجعل ينضح يومئذ بالنّبل مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله نبّلوا سهلاً فإنّه سهل، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الّذين رجعوا إليه ، فصحبه حتّى بويع له بالخلافة واستخلفه على المدينة لمّا خرج عليه السلام إلى البصرة وكان واليه . ثمّ ولاّه على فارس فأخرجه أهل فارس فوجه عليه السلام زياداً فأرضوه وصالحوه وأدّوا الخراج . ثمّ شهد سهل مع عليّ عليه السلام صفّين ، وكان هو وأخوه عثمان بن حنيف من شرطة الخميس ، وتوفي بالكوفة بعد مرجعه معه من صفّين وكان من أحبّ النّاس إليه وجزع من موته فقال عليه السلام : لو أحبني جبل لتهافت ، وكفّنه في برد أحمر حبري ، وصلّى عليه خمس صلوات ، فكبّر خمساً وعشرين تكبيرة : بأن صلّى عليه وكبّر خمس تكبيرات ثمّ مشى ثمّ وضعه فكبّر خمس تكبيرات اُخَر يصنع ذلك إلى انتهى إلى قبره ، وقال عليه السلام : لو كبّرت عليه سبعين مرّة لكان أهلا . (راجع : رجال الكشّي : ج ۱ ص ۱۶۲ ، رجال الطّوسي : ص ۴۰ الرّقم ۲۴۷ وص ۶۶ الرّقم ۵۸۸) .

3.أبو دجانة أبو دُجانة ـ بالضمّ والتخفيف ـ سِماك بن خَرَشة بن لوذان الأنصاريّ الخزرجيّ من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، شهد بدراً واحداً وجميع المشاهد وكان بطلاً شجاعاً وله عصابة حمراء يعلم بها في الحرب وقاتل يوم أحد حتّى أمعن في النّاس وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله أخذ سيفاً بيده وقال صلى الله عليه و آله : من يأخذ هذا السّيف بحقّه فقام إليه أناس فأمسكه عنهم فلم يعطهم إيّاه فقام إليه أبو دجانة فقال: ما حقّه يا رسول اللّه قال صلى الله عليه و آله : أن تضرب به في العدوّ حتّى ينحني ( أو يثخن ) فقال : أنا آخذ بحقّه فأعطاه إيّاه ثمّ أهوى إلى ساق خفّه فأخرج منها عصابة حمراء وعصب بها رأسه وهو يرتجز . وكان أبو دجانة رجلاً شجاعا يختال عند الحرب وجعل يتبختر بين الصفّين . فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين رآه يتبختر : أنّها لمشية يبغضها اللّه إلاّ في مثل هذا الموطن وقاتل به فجعل لا يلقى أحداً من المشركين إلاّ قتله حتّى حمل على مفرق رأس هند بنت عتبة ثمّ عدل السّيف عنها فقال : رأيت إنساناً يحمش النّاس حمشاً شديداً فصمدت إليه ، فلمّا حملت عليه السّيف ولول فإذا امرأة ، فأكرمت سيف رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن أضرب به امرأة ، وكان أبو دجانة رضى الله عنه من الشّجعان المشهورين بالشّجاعة وقد ظهر شجاعته أيضاً في وقعة اليمامة في أواخر السّنة الحادية عشر وذلك أنّ مسيلمة بن حبيب الحنفيّ ـ المعروف بمسيلمة الكذّاب ـ وقومه لمّا دخلوا الحديقة واغلقوا عليهم بابها وتحصنوا فيها قال أبو دجانة للمسلمين: اجعلوني في جنّة ثمّ ارفعوني بالرماح وألقوني عليهم في الحديقة . فاحتملوه حتّى أشرف على الجدار فوثب عليهم كالأسد فجعل يقاتلهم ، ثمّ احتملوا بعد ذلك البّراء بن مالك فافتتحها عليهم وقاتل على الباب وفتحه فدخلها المسلمون فاقتتلوا أشدّ القتال حتّى قتل مسيلمة وشارك في قتله أبو دُجانة ووحشي قاتل حمزة بن عبد المطلب . ولم يلق المسلمون حرباً مثلها قطّ ، واستشهد في هذه الوقعة كثير من مشاهير المهاجرين والأنصار وفضلاء الصّحابة . وقيل: قتل فيها أيضاً أبو دجانة بعد ما أبلى فيها بلاء عظيماً. وقيل: بل عاش بعد ذلك وشهد صفّين مع أمير المؤمنين عليه السلام . (راجع : علل الشرايع : ص ۷ ح ۳ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۴ ص ۲۵۸ و ج۱۹ ص ۳۵۳ ، بحار الأنوار : ج ۲۰ ص ۱۲۹) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 94268
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي