لِأنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَهى عَن قَتلِ النِّساءِ وَالوِلدانِ في دارِ الحَربِ إلاّ أن يُقاتِلنَ ، وَإن قاتَلَت أيضاً فَأمسِك عَنها ما أمكَنَكَ ، وَلَم تَخَف خَلَلاً ، فَلَمّا نهى عَن قَتلِهِنَّ في دارِ الحَربِ كانَ ذلِكَ في دارِ الإسلامِ أولى ، وَلَو امتَنَعَت أن تؤدِّي الجِزيَةَ لَم يُمكِنكَ قَتلُها ، فَلَمّا لَم يُمكِن قَتلُها رُفِعَتِ الجِزيَةُ عَنها ، فَلَو امتَنَعَ الرِّجالُ وَأبَوا أن يُؤَدوا الجِزيَةَ كانوا ناقِضينَ لِلعَهدِ ، وَحَلَّت دِماؤُهُم وَقَتلُهُم لأنَّ قَتلَ الرِّجالِ مُباحٌ في دارِ الشِّركِ ، وَكذلِكَ المُقعَدُ مِن أهلِ الذِّمَّةِ وَالشَّيخُ الفاني وَالمَرأةُ وَالوِلدانُ في أرضِ الحَربِ ، فَمِن أجلِ ذلِكَ رُفِعَت عَنهُم الجِزيَةُ.۱
61
إملاؤه عليه السلام في مسألة راجعة إلى المنصور
في القتل
محمَّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن الفضيل ، عن عمرو بن أبي المقدام ۲ ، قال : كنت شاهداً عند البيت الحرام ، ورجل ينادي بأبي جعفر المنصور وهو يطوف ويقول : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّ هذينِ الرَّجُلَينِ طَرَقا أخي لَيلاً ، فَأخرَجاهُ مِن مَنزِلِهِ فَلَم يَرجِع إلَيَّ ، وَاللّهِ ما أدري ما صَنَعا بِهِ .
فَقالَ لَهُما : ما صَنَعتُما بِهِ ؟
فقالا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، كَلَّمناهُ فَرجَعَ إلى مَنزِلِهِ .
فقالَ لَهُما : وافِياني غداً صلاةَ العَصرِ في هذا المَكانِ ، فَوافَوهُ مِنَ الغَدِ صَلاةَ العَصرِ ، وَحَضَرتُهُ فقالَ لأبي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام ـ وَهُوَ قابِضٌ على يَدِهِ ـ : يا جَعفَرُ ، اقضِ بَينَهُم .