يا ابنَ جُندَب إنَّما المُؤمِنونَ الّذينَ يَخافونَ اللّهَ وَيُشفِقونَ أن يُسلَبوا ما اُعطوا مِنَ الهُدى ، فإذا ذَكَروا اللّهَ وَنَعماءَهُ وَجِلوا وَأشفَقوا، وَإذا تُلِيتَ عَلَيهِم آياتُهُ زادَتُهم إيماناً مِمّا أظهَرَهُ مِن نَفاذِ قُدرَتِةِ ، وَعلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ .
يا ابنَ جُندَب ، قَديماً عَمَرَ الجَهلُ وَقَوِيَ أساسُهُ ، وَذلِكَ لاتِّخاذِهِم دينَ اللّهِ لَعِباً حَتّى لَقَد كانَ المُتَقَرِّبُ مِنهُم إلى اللّهِ بعِلمِهِ يُريدُ سِواهُ ، أُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ .
يا ابنَ جُندَب ، لَو أن شيعَتَنا استَقاموا لَصافَحَتهُمُ المَلائِكَةُ ، وَلَأظَّلَهُم الغَمامُ ، وَلأشرَقوا نَهاراً ، وَلَأكَلوا مِن فَوقِهِم وَمِن تَحتِ أرجُلِهِم ، وَلَما سَألوا اللّهَ شَيئاً إلاّ أعطاهُم .
يا ابنَ جُنَدب ، لا تَقُل في المُذنِبينَ مِن أهلِ دَعوَتِكُم إلاّ خَيراً ، وَاستَكينوا إلى اللّهِ في تَوفيقِهِم وَسَلوا التّوبَةَ لَهُم ، فَكُلُّ مَن قَصَدَنا وَوالانا ، وَلَم يُوالِ عَدُوَّنا ، وَقالَ ما يَعلَمُ ، وَسَكَتَ عَمّا لا يَعلَمُ ، أو أشكَلَ عَلَيهِ فَهُوَ فِي الجَنَّةِ .
يا ابنَ جُندَب ، يَهلِكُ المُتَّكِلُ على عَمَلِهِ ، وَلا يَنجو المُجتَرِئُ على الذُّنوبِ الواثِقُ بِرَحمَةِ اللّهِ .
قُلتُ : فَمَن يَنجو ؟
قال : الّذينَ هُم بينَ الرَّجاءِ وَالخَوفِ ، كَأنّ قُلوبَهُم في مِخلَبِ طائِرٍ شَوقاً إلى الثَّوابِ وَخَوفاً مِنَ العَذابِ .
يا ابنَ جُندَب ، مَن سَرَّهُ أن يُزَوِّجَهُ اللّهُ الحورَ العينَ ، وَيُتَوِّجَهُ بِالنّورِ فَليُدخِل على أخيهِ المُؤمِنِ السُّرورَ .
يا ابنَ جُندَب ، أقِلَّ النَّومَ بِاللَّيلِ ، وَالكَلامَ بِالنَّهارِ ، فَما في الجَسَدِ شَيءٌ أقلَّ شُكراً من العَينِ وَاللِّسانِ ، فَإنَّ أُمَّ سُلَيمانَ قالَت لِسُلَيمانَ عليه السلام : يا بُنَيَّ ، إيَّاكَ وَالنَّومَ ، فَإنَّهُ يُفقِرُكَ يَومَ يَحتاجُ النّاسُ إلى أعمالِهِم .
يا ابنَ جُندَب ، إنَّ لِلشَيطانِ مَصائِدَ يَصطادُ بِها فَتَحاموا شِباكَهُ ۱ وَمَصائِدَهُ .