213
مكاتيب الأئمّة ج4

67

وصيّته عليه السلام إلى بعض من شيعته

في التّقوى وإحياء أمرهم عليهم السلام

۰.عن الصّادق عليه السلام أنّه أوصى بعض شيعته فقال :أما وَاللّهِ إنَّكُم لَعَلى دينِ اللّهِ وَدينِ مَلائِكَتِهِ ، فَأعينونا عَلى ذلِكَ بِوَرَعٍ وَاجتِهادٍ ، أما وَاللّهِ ، ما يَقبَلُ اللّهُ إلاّ مِنكُم.
فَاتّقوا اللّهَ وَكُفّوا ألسِنَتَكُم ، وَصَلّوا في مَساجِدِكُم ، وَعودوا مَرضاكُم ، فإذا تَمَيَّزَ النّاسُ فَتَمَيَّزوا .
رَحِمَ اللّهُ امرَءاً أحيا أمرَنا . فَقيلَ : وَما إحياءُ أمرِكُم ، يابنَ رَسولِ اللّهِ؟
فَقالَ : تَذكُرونَهُ عِندَ أهلِ العلِمِ وَالدّينِ وَاللُّبِ . ثُمَّ قالَ : وَاللّهِ إنَّكُم كُلَّكُم لَفي الجَنَّةِ ، وَلكِن ما أقبح بِالرَّجُلِ مِنكُم أن يَكونَ مِن أهلِ الجَنَّةِ مَعَ قَومٍ اجتَهدوا وَعَمِلوا الأعمالَ الصَّالِحَةَ ، وَيَكونُ هُوَ بَينَهُم قَد هُتِكَ سِترُهُ وَأبدى عَورَتَهُ .
قيلَ : وَإنّ ذلِكَ لَكائِنٌ يابنَ رَسولِ اللّهِ ؟
قالَ : نَعَم ، مَن لا يَحفَظُ بَطنَهُ وَلا فَرجَهُ ۱ وَلا لِسانَهُ . ۲

68

كتابه عليه السلام إلى رجل من أصحابه

في التّقوى

0.عليّ بن محمّد عمّن ذكره ، عن محمّد بن الحسين وحميد بن زياد ، عن

1.في الخصال : حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن نجم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال لي : يا نجم ، كلّكم في الجنّة معنا إلاّ أنّه ما أقبح بالرّجل منكم أن يدخل الجنّة قد هتك ستره وبدت عورته . قال: قلت له: جعلت فداك وإنّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم إن لم يحفظ فرجه وبطنه . (ص۲۵ ح۸۸) .

2.دعائم الإسلام : ج۱ ص۶۲ وراجع : الأمالي للمفيد : ص۲۷۰ ، الأمالي للطّوسي : ص۳۳ ح۳۳ ، شرح الأخبار : ج۳ ص۴۸۳ ح۱۳۹۳ .


مكاتيب الأئمّة ج4
212

يا ابنَ جُندَب ، قالَ اللّهُ جَلَّ وَعَزَّ في بَعضِ ما أوحى : إنَّما أقبَلُ الصَّلاةَ مِمَّن يَتَواضَعُ لِعَظَمتي ، وَيَكُفُّ نَفسَهُ عَنِ الشَّهواتِ مِن أجلي ، وَيَقطَعُ نَهارَهُ بِذكري ، وَلا يَتَعَظّمُ على خَلقي ، وَيُطعِمُ الجائِعَ ، وَيَكسو العارِيَ ، وَيَرحَمُ المُصابَ ، وَيُؤوي الغَريبَ ، فَذلِكَ يُشرِقُ نورُهُ مِثلَ الشَّمسِ ، أجعَلُ لَهُ في الظُّلمَةِ نوراً ، وَفي الجَهالَةِ حِلماً ، أكلؤهُ ۱
بِعِزّتي ، وَأستَحفِظُهُ مَلائِكَتي ، يَدعوني فَأُلبِّيَهُ وَيَسألنُي فَاُعطِيَهُ ، فَمِثلُ ذلِكَ العَبدِ عِندي كَمَثَلِ جَنّاتِ الفِردَوسِ لا يُسبَقُ أثمارُها ، وَلا تَتَغَيَّرُ عَن حالِها .
يا ابنَ جُندَب ، الإسلامُ عُريانٌ فَلِباسُهُ الحَياءُ ، وَزينَتُهُ الوَقارُ ، وَمُروءَتُهُ العَمَلُ الصّالِحُ ، وَعِمادُهُ الوَرَعُ ، وَلِكُلِّ شَيءٍ أساسٌ ، وَأساسُ الإسلامِ حُبُّنا أهلَ البَيتِ .
يا ابنَ جُندَب ، إنَّ للّهِِ تَبارَكَ وَتَعالى سوراً مِن نورٍ ، مَحفوفاً بِالزَّبَرجَدِ وَالحَريرِ ، مُنَجَّداً بِالسُّندُسِ وَالدّيباجِ ، يُضرب هذا السّورُ بَينَ أوليائِنا وَبَينَ أعدائِنا ، فَإذا غَلى الدِّماغُ ، وَبَلغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ وَنَضِجَتِ الأكبادُ مِن طولِ المَوقِفِ اُدخِلَ في هذا السّورِ أولياءُ اللّهِ ، فَكانوا في أمنِ اللّهِ وَحِرزِهِ ، لَهُم فيها ما تَشتَهي الأنفُسُ وَتَلَذُّ الأعيُنُ .
وَأعداءُ اللّهِ قَد ألجَمَهُم العَرَقُ وَقَطَعَهُمُ الفَرَقُ وَهُم يَنظُرونَ إلى ما أعَدَّ اللّهُ لَهُم ، فَيَقولونَ : «مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ »۲ فَيَنظُرُ إلَيهِم أولياءُ اللّهِ فَيَضحَكونَ مِنهُم ، فذلِكَ قَولُهُ عز و جل : « أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ »۳ ، وَقَولُهُ : « فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ »۴ ، فَلا يَبقى أحَدٌ مِمَّن أعانَ مُؤمِناً مِن أوليائِنا بِكَلِمَةٍ إلاّ أدخَلَهُ اللّهُ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ . ۵

1.كلأ اللّه فلاناً: أي حفظه وحرسه .

2.ص:۶۲.

3.ص:۶۳.

4.المطففين: ۳۴ و۳۵.

5.تحف العقول : ص۳۰۱.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 95365
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي