233
مكاتيب الأئمّة ج4

وَأمّا اللّواتي في العِلمِ : فَأسألِ العُلماءَ ما جَهِلتَ ، وَإيّاكَ أن تَسألَهُم تَعَنُّتاً وَتَجرِبَةً ، وَإيّاكَ أن تعمَلَ بِرَأيِكَ شَيئاً، وَخُذ بِالاحتِياطِ في جَميعِ ما تَجِدُ إلَيهِ سَبيلاً ، وَاهرَب مِنَ الفُتيا هَرَبَكَ مِنَ الأسَدِ ، وَلا تَجعَل رَقَبَتَكَ لِلنّاسِ جِسراً ، قُم عَنّي يا أبا عَبدِ اللّهِ فَقَد نَصَحتُ لَكَ ، وَلا تُفسِد عَلَيَّ وِردي فَإنّي امرؤٌ ضَنينٌ بِنَفسي ، وَالسَّلامُ . 1

78

وصيّته عليه السلام إلى قوم من أصحابه

في الهداية

۰.عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه أوصى قوماً من أصحابه ، فقال لهم :اجعَلوا أمرَكُم هذا للّهِِ وَلا تَجعَلوهُ لِلنّاسِ ، فإنَّهُ ما كانَ للّهِِ فَهُوَ لَهُ ، وَما كانَ لِلنّاسِ فَلا يَصعَدُ إلى اللّهِ ، وَلا تُخاصِموا النّاسَ بِدينِكُم ، فَإنَّ الخُصومَةَ مُمرِضَةٌ لِلقَلبِ ، إنّ اللّهَ قالَ لِنَبيّهِ : يا مُحَمَّدُ ، «إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ»۲
، وَقالَ : «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ »۳ ، ذَروا النّاسَ ، فإنّ النّاسَ أخَذوا مِنَ النّاسِ ، وَإنَّكُم أخَذتُم مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَمِن عَلِيٍّ صَلواتُ اللّهِ عَلَيهِ وَمِنّا ، سَمِعتُ أبي رِضوانُ اللّهِ عَلَيهِ يَقولُ : إذا كُتِبَ على عَبدٍ دُخولُ هذا الأمرِ كانَ أسرَعَ إلَيهِ مِنَ الطّائِرِ إلى وَكرِهِ ۴ . ۵

1.مشكاة الأنوار : ص۵۶۲ ح ۱۹۰۱ ، بحار الأنوار : ج۱ ص۲۲۴ ح۱۷ .

2.القصص:۵۶.

3.يونس:۹۹.

4.وذكر فيالكافي : ج۱ ص۱۶۶ ح۳ و ج۲ ص۲۱۳ ح۴ ، التوحيد : ص۴۱۴ ح۱۳ ، المحاسن : ج۱ ص۲۰۱ ح۳۸ عن أحمد بن محمّد عن ابن فضّال عن عليّ بن عقبة عن أبيه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : اجعَلوا أمرَكُم للّه ِِ وَلا تَجعَلوهُ لِلنّاسِ ، فإنَّهُ ما كانَ للّه ِِ فَهُوَ للّه ِِ . إلخ ، ولم يذكر فيهم لفظ « أوصي » .

5.دعائم الإسلام: ج۱ ص۶۲.


مكاتيب الأئمّة ج4
232

بِهِ، ولا يُدَبِّرُ العَبدُ لِنَفسِهِ تَدبيراً، وَجُملَةُ اشتِغالِهِ فيما أمَرَهُ اللّهُ تَعالى بِهِ وَنَهاهُ عنهُ ، فإذا لَم يَرَ العَبدُ لِنَفسِهِ فيما خَوَّلَهُ اللّهُ تَعالى مُلكاً هانَ عَلَيهِ الإنفاقُ فيما أمَرَهُ اللّهُ تَعالى أن يُنفِقَ فيهِ ، وَإذا فَوَّضَ العَبدُ تَدبيرَ نَفسِهِ عَلى مُدَبِّرِهِ هانَ عَلَيهِ مَصائِبُ الدُّنيا ، وَإذا اشتَغَلَ العَبدُ بما أمَرَهُ اللّهُ تَعالى وَنهاهُ لا يَتَفرَّغُ مِنها إلى المِراء وَالمُباهاةِ مَعَ النّاسِ ، فإذا أكرَمَ اللّهُ العَبدَ بِهذهِ الثّلاثِ هانَ عَلَيهِ الدُّنيا وَإبليسُ وَالخَلقُ ، وَلا يَطلُبَ الدُّنيا تَكاثُراً وَتَفاخُراً ، وَلا يَطلُبَ عِندَ النّاسِ عِزّاً وعُلُوّاً، ولا يَدَعَ أيّامَهُ باطِلاً، فَهذا أوّلُ دَرَجَةِ المُتّقينَ ، قالَ اللّهُ تَعالى : «تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الْأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ »۱ .
قُلتُ : يا أبا عَبدِ اللّهِ أوصِني . فَقالَ : أُوصيكَ بِتِسعَةِ أشياءَ ، فإنَّها وَصِيَّتي لِمُريدي الطّريقِ إلى اللّهِ عز و جل ، وَاللّهَ أسألُ أن يُوَفِّقَكَ لاستعمالِهِ :
ثَلاثَةٌ مِنها في رياضَةِ النّفسِ ، وَثَلاثَةٌ مِنها في الحلِمِ ، وَثَلاثَةٌ مِنها في العِلمِ ، فاحفَظها وَإيّاكَ والتّهاوُنَ بِها .
قال عنوان ۲ : ففرّغت قلبي له . فقال : أمّا اللّواتي في الرِّياضَةِ : فَإيّاكَ أن تَأكُلَ ما لا تَشتَهيهِ ، فإنَّهُ يُورِثُ الحَماقَةَ والبَلَهَ ، وَلا تأكُل إلاّ عِندَ الجوعِ ، وَإذا أكَلتَ فَكُل حَلالاً وَسَمِّ اللّهَ ، وَاذكُر حديثَ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله : ما مَلأ آدمِيٌّ وِعاءً شَرّاً مِن بَطنِهِ ، فَإن كانَ لابُدَّ فَثُلثٌ لِطعامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفسِهِ .
أمّا اللّواتي في الحِلمِ : فَمَن قالَ لَكَ : إن قُلتَ واحِدَةً سَمِعتَ عَشراً، فَقُل : إن قُلتَ عَشراً لَم تَسمَع واحِدَةً ، وَمَن شَتَمَكَ فَقُل : إن كُنتَ صادِقاً فيما تَقولُ فاللّهَ أسألُ أن يَغفِرَها لي ، وَإن كُنتَ كاذِباً فيما تَقولُ فاللّهَ أسألُ أن يَغفِرَها لَكَ ، وَمَن وَعَدَكَ بِالجَفاءِ فَعدِهُ بِالنَّصيحَةِ وَالدُّعاءِ ۳ .

1.وفي نسخة: «عفان» بدل «عنوان».

2.القصص:۸۳.

3.في بحار الأنوار : «الرّعاء» بدل «الدّعاء».

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 94208
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي