25
مكاتيب الأئمّة ج4

فَإن رَأيتَ جَعَلَنِيَ اللّهُ فِداكَ أن تَكتُبَ إلَيَّ بِالمَذهَبِ الصَّحيحِ مِنَ التَّوحيدِ ، وَعَن الحَرَكاتِ أهِيَ مَخلوقَةٌ أو غَيرُ مَخلوقَةٌ؟
وَعَنِ الإيمانِ ما هُوَ؟
فَكتَبَ عليه السلام على يَدَي عَبدِ المَلِكِ بنِ أعيَن :
سَألتَ عَنِ المَعرِفَةِ ما هِيَ: فَاعلَم ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ أنَّ المَعرِفَةَ مِن صُنعِ اللّهِ عز و جل في القَلبِ مَخلوقَةُ ، وَالجُحودُ صُنعُ اللّهِ في القَلبِ مَخلوقٌ، وَلَيسَ لِلعبادِ فيهِما مِن صُنعِ ، وَلَهُم فِيهِما الاختِيارُ مِنَ الاكتِسابِ ، فَبِشَهوَتِهِم الإيمانَ اختاروا المَعرِفَةَ فَكانوا بِذلِكَ مُونينَ عارِفينَ ، وَبِشَهوَتِهِم الكُفرَ اختاروا الجُحودَ فَكانوا بِذلِكَ كافِرينَ جاحِدينَ ضُلاّلاً، وَذلِكَ بِتَوفِيقِ اللّهِ لَهُم وَخِذلانِ مَن خَذَلَهُ اللّهُ ، فَبِالاختيارِ وَالاكتِسابِ عاقَبَهُم اللّهُ وَأثابَهُم.
وَسَألتَ ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ عَنِ القُرآنِ وَاختِلافِ النَّاسِ قِبَلَكُم، فَإنَّ القُرآنَ كَلامُ اللّهِ مُحدَثٌ غَيرُ مَخلوقٍ ، وَغَيرُ أَزلِيٍّ مَعَ اللّهِ تَعالى ذِكرُهُ ، وَتَعالى عَن ذلِكَ عُلُوّاً كَبيراً، كانَ اللّهُ عز و جل وَلا شَيءَ غَيرُ اللّهِ مَعروفٌ وَلا مَجهولٌ ، كانَ عز و جل وَلا مُتَكَلِّمَ وَلا مُريدَ وَلا مُتَحَرِّكَ وَلا فاعِلَ جَلَّ وَعَزَّ رَبُّنا، فَجَميعُ هذهِ الصِّفاتِ مُحدَثَةٌ عِندَ حُدوثِ الفِعلِ مِنهُ ، جَلَّ وَعَزَّ رَبُّنا، وَالقُرآنُ كلامُ اللّهِ غَيرُ مَخلوقٍ، فيهِ خَبرُ مَن كانَ قَبلَكُم ، وَخَبَرُ ما يَكونُ بَعدَكُم ، أُنزِلَ مِن عِندِ اللّهِ عَلى مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
وَسأَلتَ ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ عَنِ الاستِطاعَةِ لِلفعلِ ، فَإنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ العَبدَ وَجَعَلَ لَهُ الآلَةَ وَالصِّحَةَ وَهِيَ القُوَّةُ الّتي يَكونُ العَبدُ بِها مُتَحَرِّكاً مُستَطيعاً لِلفِعلِ، وَلا مُتَحَرِّكَ إلاّ وَهُوَ يُريدُ الفِعلَ، وَهِيَ صِفَةٌ مُضافَةٌ إلى الشَّهوَةِ الّتي هِيَ خَلقُ اللّهِ عز و جل ، مُرَكَّبَةٌ في الإنسانِ ، فَإذا تَحَرَّكَتِ الشَّهوَةُ في الإنسانِ اشتَهى الشَّيءَ فَأرادَهُ، فَمِن ثَمَّ قِيلَ لِلإنسانِ : مُريدٌ، فَإذا أرادَ الفِعلَ وفَعَلَ كانَ مَعَ الاستِطاعَةِ وَالحَرَكَةِ ، فَمِن ثَمَّ قِيلَ لِلعَبدِ : مُستَطيعٌ مُتَحَرِّكٌ ، فَإذا كانَ الإنسانُ ساكِناً غَيرَ مُريدٍ لِلفِعلِ وَكانَ مَعَهُ الآلَةُ وَهِيَ


مكاتيب الأئمّة ج4
24

فقال: استَولَى عَلى ما دَقَّ وَجَلَّ ۱ . ۲

4

كتابه عليه السلام إلى عبد الرّحيم القصير في جوابه عن بعض المسائل

محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه في جامعه ، وحدّثنا به عن محمّد بن الحسن الصفّار عن العبّاس بن معروف، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الرّحيم القصير، قال :
كتبت على يَدَي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد اللّه عليه السلام : ـ جُعِلتُ فِداكَ ـ اختَلَفَ النَّاسُ في أشياءَ قَد كَتَبتُ بِها إلَيكَ، فإن رَأَيتَ جَعَلَنِيَ اللّهُ فِداكَ أن تَشرَحَ لي جَميعَ ما كَتَبتُ بِهِ إلَيكَ:
اختَلَفَ النَّاسُ جُعِلتُ فِداكَ بِالعِراقِ في المَعرِفَةِ وَالجُحودِ، فَأَخبِرني جُعِلتُ فِداكَ أهُما مَخلوقانِ؟
وَاختَلَفوا فِي القُرآنِ، فَزَعَمَ قَومٌ : أنَّ القُرآنَ ـ كَلامَ اللّهِ ـ غَيرُ مَخلوقٍ وقال آخرون: كَلامُ اللّهِ مَخلوقٌ .
وَعَنِ الاستِطاعَةِ ، أقَبلَ الفِعلِ أو مَعَ الفِعلِ ؟ فإنَّ أصحابَنا قَد اِختَلَفوا فيهِ وَرَوَوا فيهِ.
وَعَنِ اللّهِ تَبارَكَ وَتَعالى ، هَل يُوصَفُ بِالصّورَةِ أو بِالتَّخطيطِ .

1.وفي الكافي: أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال : سئل عن معنى اللّه . فقال : استَولَى عَلى ما دَقَّ وَجَلَّ . (ج ۱ ص۱۱۵ ح۳) .

2.تفسير العيّاشي : ج۱ ص۲۱ ح۱۵، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص۲۳۸ ح۳۷ نقلاً عنه.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112419
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي