277
مكاتيب الأئمّة ج4

فَلَكَ الحَمدُ إلهي، تَقَحَّمتُ أودِيَةَ هَلاكي، وَتَخَلَّلتُ شِعابَ تَلَفي، فَتَعرَّضتُ فيها لِسَطواتِكَ، وَبِحلولِها لِعقوباتِكَ، وَوَسيلَتي إلَيكَ التّوحيدُ، وَذَريعَتي أنّي لَم أُشرِك بِكَ شَيئاً وَلَم أَتّخِذ مَعَكَ إلهاً، قَد فَرَرتُ إلَيكَ مِن نَفسي وَإلَيكَ يَفِرُّ المُسيءُ وَأنتَ مَفزَعُ المُضَيِّعِ حَظَّ نَفسِهِ.
فَلَكَ الحَمدُ إلهي، فَكَم مِن عَدُوٍّ انتَضى عَلَيَّ سَيفَ عَداوَتِهِ ۱ ، وَشَحَذَ لي ظُبَةَ مُديَتِهِ، وَأرهَفَ لي شَبا حَدِّهِ، وَدافَ لي قَواتِلَ سُمومِهِ، وَسَدَّدَ نَحوي صَوائِبَ سِهامِهِ، وَلَم تَنَم عَنّي عَينُ حِراسَتِهِ، وَأضمَرَ أن يَسومَني المَكروهَ ۲ ، وَيُجرِّعَني زُعافَ مَرارَتِهِ.
فَنَظَرتُ يا إلهي إلى ضَعفي عَنِ احتِمالِ الفَوادِحِ، وَعَجزي عَنِ الانتِصارِ مِمَّن قَصَدَني بِمُحارَبَتِهِ، وَوَحدَتي في كثيرِ عَدَدِ مَن ناواني، وَأرصَدَ لِيَ البَلاءَ فيما لَم أُعمِل فيهِ فِكري فابتَدأتَني بِنَصرِكَ وَشَدَدتَ أزري بِقُوَّتِكَ، ثُمَّ فَلَلتَ لي حَدَّهُ ۳ وَصَيَّرتَهُ مِن بَعدِ جَمع ۴ وَحدَهُ، وَأعليتَ كعبي عَلَيهِ، وَجَعَلتَ ما سَدَّدَهُ مَردوداً عَلَيهِ فَرَدَّدتَهُ لَم يُشفَ غَليلُهُ ۵ وَلَم يَبرُد حَرارَةُ غَيظِهِ، قَد عَضّ على شُواه، وَأدبَرَ مُوَلّياً قَد

1.يقال : انتضى سيفه : استله من غمده . وشحذ السّكّين ونحوه : أحده ، وبمعناه الإرهاف . والمدية : الشّفرة . والظّبة والشّبا : حدّ السّيف والسّكّين ونحوهما ، وفي بعض النّسخ : « شباة حدّه » وهي واحدها والجمع : شبا . والدوف : خلط الدّواء ومزجها . والصّوائب جمع الصّائب وهو من السّهام : الّذي لا يخطئ في الإصابة .

2.يقال : سامه خسفاً : أولاه إيّاه وأراده عليه ، وفلاناً الأمر : كلّفه إيّاه ، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشّرّ. وفي بعض النسخ : «وأظهر الخ ». والزّعاف كالذّعاف : السّمّ القاتل سريعاً . والفادح : الثّقيل من البلاء .

3.أي كسرت لي سورته وشدّته، والفل ضد الشّحذ.

4.كذا في النّسخ وفي بحار الأنوار : «من بعد جمعه». والصّحيح كما في الصّحيفة الكاملة : «من بعد جمع عديد وحدّه».

5.حال للضمير المفعول في « رددته » . والشّوى كالفتى : اليدان والرّجلان والأطراف وما كان غير مقتل من الأعضاء.


مكاتيب الأئمّة ج4
276

المُتَجَبّرينَ، وَرَدَّ كَيدَ المُتَسَلِّطينَ عَنِ المُستَضعَفينَ، أسألُكَ بِقُدرَتِكَ على ما تَشاءُ وَتَسهيلُكَ لِما تَشاءُ كَيفَ تَشاءُ، أن تَجعَلَ قَضاء حاجَتي فيما تَشاءُ.
ثُمَّ اسجُد على الأرضِ وَعَفِّر خَدَّيكَ، وَقُل:
اللّهمَّ! لَكَ سَجَدت، وَبِكَ آمَنتُ، فارحَم ذُلّي وَفاقَتي وَاجتِهادي وَتَضَرُّعي وَمَسكَنَتي وَفَقري إلَيكَ يا رَبّ!
وَاجتَهِد أن تَسُحَّ عَيناكَ وَلَو بِقَدرِ رَأسِ الذُّبابَةِ دُموعاً فإنَّ ذلِكَ عَلامَةُ الإجابَةِ. 1

86

دعاءٌ من صحيفة عتيقة إلى زرارة

فيه دعاء عليّ بن الحسين عليهماالسلام للمهمّات

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة 2 قال: سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهماالسلام أن يعلّمني دعاء أدعو به في المهمّات، فأخرج إليّ أوراقاً من صحيفة عتيقة فقال:
انتسخ ما فيها، فهو دعاء جدّي عليّ بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام للمهمّات.
فكتبت ذلك على وجهه، فما كربني شيء قطّ وأهمّني، إلاّ دعوت به ففرّج اللّه همّي وكشف غمّي وكربي، وأعطاني سؤلي وهو :
اللّهمَّ هَدَيتَني فَلَهَوتُ، وَوَعظتَ فَقَسوتُ، وَأبلَيتَ الجَميلَ فَعَصَيتُ، وَعَرَّفتَ فَأصرَرتُ ثُمَّ عَرَّفتَ فاستَغفَرتُ، فَأقَلتَ فَعُدتُ فَسَتَرتَ.

1.مصباح المتهجد : ص۸۰۷ ، الاقبال : ج ۳ ص ۲۴۲ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۴۰۰ ح ۱ .

2.راجع الكتاب : الرّابع والعشرون .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112471
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي