303
مكاتيب الأئمّة ج4

قلت : سمعاً وطاعةً يا أمير المؤمنين . فلمّا قضى صلاته .
قال : أعلم أنّي لمّا أحضرت سيّدك أبا عبد اللّه ، وهممت بما هممت به من سوء رأيت تنيناً قد حوى بِذَنَبِهِ جميع داري وقصري، وقد وضع شفته العليا في أعلاها، والسّفلى في أسفلها، وهو يكلّمني بلسان طلق ذلق عربي مبين: يا منصور ، إنّ اللّه تعالى بعثني إليك وأمرني إن أنت أحدثت في عبدي الصّالح الصّادق حدثاً ابتلعتك ومن في الدّار جميعاً، فطاش عقلي وارتعدت فرائصي واصطكّت أسناني .
قال محمّد: قلت : ليس هذا بعجيب، فإنّ أبا عبد اللّه عليه السلام وارث علم النّبيّ صلى الله عليه و آله وجدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وعنده من الأسماء والدعوات الّتي لو قرأها على اللّيل المظلم لأنار، وعلى النّهار المضيء لأظلم .
فقال محمّد بن عبد اللّه : فلمّا مضى عليه السلام استأذنت من أبي جعفر لزيارة مولانا الصّادق عليه السلام فأجاب ولم يأب، فدخلت عليه وسلمت وقلت له: أسألك يا مولاي بحقّ جدّك رسول اللّه أن تعلمني الدّعاء الّذي قرأته عند دخولك على أبي جعفر في ذلك اليوم.
قال: لك ذلك فأملاه عليّ، ثمّ قال: هذا حرز جليل ودعاء عظيم نبيل، من قرأه صباحاً كان في أمان اللّه إلى العشاء، ومن قرأه عشاءً كان في حفظ اللّه تعالى إلى الصباح، وقد علَّمنيه أبي باقر علوم الأوّلين والآخرين عن أبيه سيّد العابدين، عن أبيه سيّد الشّهداء عن أخيه سيّد الأصفياء، عن أبيه سيّد الأوصياء، عن محمّد سيّد الأنبياء (صلوات اللّه عليه وآله الطّاهرين ) ، استخرجه من كتاب اللّه العزيز الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وهو:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحَمدُ للّهِِ الّذي هَداني للإسلامِ ، وَأكرَمَني بالإيمانِ ، وَعَرّفَني الحَقَّ الّذي عَنهُ يُؤفَكونَ ، وَالنَباَالعَظيمِ الّذي هُم فيهِ مُختَلِفونَ ، وَسُبحانَ اللّهِ الّذي رَفَعَ السَّماءَ بِغَيرِ


مكاتيب الأئمّة ج4
302

قال: فقال لي: يا مُحَمَّد لَقَد هَلَكَ من أولادِ فاطِمَةَ مِئةٌ أو يَزيدونَ ، وَقَد بَقِيَ سَيِّدُهُم وَإمامِهُم .
فَقُلتُ لَهُ : مَن ذاكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ؟
قال : جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ رأسُ الرَّوافِضِ وَسَيِّدهُم .
فَقُلتُ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّهُ رَجُل شَغَلَتهُ العِبادَةُ عَن طَلَبِ المُلكِ وَالخِلافَةِ .
فقال لي : قَد عَلِمتُ أنَّكُ تَقولُ بهِ وَبِإمامَتِهِ ، وَلكِنَّ المُلكَ عَقيمٌ ، قَد آلَيتُ على نَفسي أن لا اُمسي عَشِيَّتي هذهِ حتّى أفرُغَ مِنهُ ، ثُمَّ دَعا بِسَيّافٍ وَقالَ لَهُ : إذا أنا أحضَرتُ أبا عَبدِ اللّهِ وَشَغَلتُهُ بِالحَديثِ ، وَوَضَعتُ قُلُنسوَتي فَهُوَ العَلامَةُ بَيني وَبَينَكَ ، فاضرِب عُنُقَهُ .
فَأمَرَ بِاحضارِ الصّادِقِ عليه السلام فاُحضِرَ في تِلكَ السّاعَةِ ، وَلحِقتُهُ في الدّارِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيهِ ، فَلَم أدرِ ما الّذي قَرَأ إلاّ أنَّني رأيتُ القَصرَ يَموجُ كَأنَّهُ سَفينَةٌ . فَرَأيتُ أبا جَعفَرٍ المَنصورَ يَمشي بَينَ يَدَيهِ كما يَمشي العَبدُ بَينَ يَدَي سَيِّدِهِ ، حافِيَ القَدَمَينِ ، مَكشوفَ الرّأسِ ، يَحمَرُّ ساعَةً وَيَصفَرُّ اُخرى ، وَأخَذَ بِعَضُدِ الصّادِقِ عليه السلام ، وَأجلَسَهُ على سَريرِ مُلكِهِ في مَكانِهِ ، وَجَثا بَينَ يَدَيهِ كما يَجثو العَبدُ بَينَ يَدَي مَولاهُ ثُمَّ قالَ :
ما الّذي جاءَ بِكَ إلَينا في هذهِ السّاعَةِ يا ابنَ رَسولِ اللّهِ؟
قال: دَعَوتَني فأجَبتُكَ.
قال: ما دَعوتُكَ إنّما الغَلَطُ مِنَ الرّسولِ ،ثمّ قال له :سَل حاجَتَكَ ياابنَ رَسولِ اللّهِ.
فَقالَ : أسألُكَ أن لا تَدعوني لِغَيرِ شُغلٍ .
قال: لك ذاك . وانصرف أبو عبد اللّه عليه السلام .
فلمّا انصرف نام أبو جعفر ولم ينتبه إلى نصف اللّيل، فلمّا انتبه كنت جالساً عند رأسه، قال: لا تبرح يا محمّد من عندي حتّى أقضي ما فاتني من صلاتي ، واُحدّثك بحديث .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 114348
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي