33
مكاتيب الأئمّة ج4

قال : تِلكَ الأرضُ وَهذهِ واحِدَةٌ وَقَد رَأيتُها .
قُلتُ : أفما تَشهَدُ بِحُضورِ هذهِ الإهليلجَةِ عَلى وُجودِ ما غابَ مِن أشباهِها ؟
قال: ما أدري ، لَعَلَّهُ لَيسَ في الدُّنيا إهليلجَةٌ غَيرَها .
فَلَمّا اعتَصَمَ بِالجَهالَةِ قُلتُ : أخبِرني عَن هذهِ الإهليلجَةِ ، أتُقِرُّ أَنّها خَرَجَت مِن شَجَرَةٍ ، أو تَقولُ : إنَّها هَكذا وُجِدَت؟
قال: لا ، بَل مِن شَجَرَةٍ خَرَجَت .
قُلتُ : فَهَل أدرَكَت حَواسُّكَ الخَمسُ ما غابَ عَنكَ مِن تِلكَ الشَّجَرَةِ ؟
قال: لا.
قُلتُ : فَما أراكَ إلاّ قَد أقرَرتَ بِوُجودِ شَجَرَةٍ لَم تُدرِكها حَواسُّكَ .
قال: أجَلْ ، وَلكِنِّي أقول: إنَّ الإهليلجَةَ وَالأشياءَ المُختَلِفَةَ شَيءٌ لَم تَزَل تُدرَكُ ، فَهَل عِندَك في هذا شَيءٌ تَرُدُّ بهِ قَولي؟
قُلتُ : نعم ، أخبِرني عَن هذهِ الإهليلجَةِ ، هَل كُنتَ عايَنتَ شَجَرَتَها وَعَرَفتَها قَبلَ أن تَكونَ هذهِ الإهليلجَةُ فيها؟
قال : نَعَم.
قُلتُ : فَهَل كُنتَ تُعايِنُ هذهِ الإهليلجَةَ ؟
قال: لا.
قُلتُ : أفَما تَعلَمُ أنَّكَ كُنتَ عايَنتَ الشَّجَرَةَ وَلَيسَ فيها الإهليلجَةُ ، ثُمَّ عُدتَ إلَيها فَوَجدتَ فيها الإهليلجَةَ ، أفَما تَعلَمُ أنَّهُ قَد حَدَثَ فيها ما لَم تَكُن ؟ قال: ما أستَطيعُ أن أُنكِرَ ذلِكَ ، وَلكِنّي أقولُ : إنَّها كانَت فيها مُتَفَرِّقَةً .
قُلتُ : فَأخبِرني ، هَل رَأيتَ تِلكَ الإهليلجَةَ الّتي تَنبُتُ مِنها شَجَرَةُ هذهِ الإهليلجَةِ قَبلَ أن تُغرَسَ؟


مكاتيب الأئمّة ج4
32

ذلِكَ شَيءٌ ! قُلتُ : أمّا إذ خَرَجتَ مِن حَدِّ الإنكارِ إلى مَنزِلَةِ الشَكِّ فَإنِّي أرجو أن تَخرُجَ إلى المَعرِفَةِ .
قالَ : فَإنّما دَخَلَ عَلَيَّ الشَّكُّ لِسُولِكَ إيّايَّ عَمّا لَم يُحِط بِهِ عِلمي، وَلكِن مِن أينَ يَدخُلُ عَلَيَّ اليقينُ بِما لَم تُدرِكهُ حَواسِّي؟ قُلتُ : مِن قِبَلِ إهليلجَتِكَ هذِهِ .
قالَ : ذاكَ إذا أثبَتَّ لِلحُجَّةِ ، لِأنّها مِن آدابِ الطبِّ الّذي اُذعِنُ بِمَعرِفَتِهِ .
قُلتُ : إنَّما أرَدتُ أن آتيكَ بِهِ مِن قِبَلِها لأنَّها أقرَبُ الأشياءِ إلَيكَ ، وَلَو كانَ شَيءٌ أقرَبَ إليكَ مِنها لَأتَيتُكَ مِن قِبَلِهِ ، لِأنَّ في كلِّ شَيءٍ أثَرَ تَركيبٍ وَحِكمَةٍ ، وَشاهِداً يَدُلُّ عَلى الصَّنعَةِ الدّالَةِ عَلى مَن صَنَعَها وَلَم تَكُن شيئاً، وَيُهلِكُها حَتَّى لا تَكونَ شيئاً.
قُلتُ : فَأخبِرني ، هَل تَرى هذهِ إهليلجَةً ؟
قال : نَعَم .
قُلتُ : أفَتَرى غَيبَ ما في جَوفِها ؟
قالَ : لا .
قُلتُ : أفَتشهَدُ أنّها مُشتَمِلَةٌ على نَواةٍ وَلا تراها؟ قالَ : ما يُدريني ؟ لَعَلَّ لَيسَ فيها شَيءٌ .
قُلتُ : أفَتَرى أنَّ خَلفَ هذا القِشرِ مِن هذهِ الإهليلجَةِ غائِبٌ لَم تَرهُ مِن لَحمٍ أو ذي لَونٍ ؟
قال: ما أدري لَعَلَّ ما ثَمَّ غيرُ ذي لَونٍ وَلا لَحمٍ .
قُلتُ : أفَتُقِرُّ أنَّ هذهِ الإهليلَجَةَ الّتي تُسمِّيها النّاسُ بِالهِندِ مَوجودَةٌ لاجتِماعِ أهلِ الاختلاف مِنَ الأُمَمِ على ذِكرِها ؟
قال: ما أدري، لَعَلَّ ما اجتَمَعوا عَلَيهِ مِن ذلِكَ باطِلٌ !
قُلتُ : أفَـتُقِرُّ أنَّ الإهليلجَةَ في أرضٍ تَنبُتُ ؟

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 114631
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي