ولا يرخص له في التّلوم والمقام.
فبعث إليه داوود بكتاب المنصور، وقال: اعمد على المسير إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخّر.
قال صفوان: وكنت بالمدينة يومئذ فأنفذ إليّ جعفر عليه السلام فصرت إليه، فقال لي: تعهد راحلتنا فإنّا غادون في غد هذا إن شاء اللّه العراق، ونهض من وقته وأنا معه، إلى مسجد النّبيّ صلى الله عليه و آله وكان ذلك بين الأُولى والعصر، فركع فيه ركعات ثمّ رفع يديه، فحفظت يومئذ ومن دعائه :
يا مَن لَيسَ لَهُ ابتِداءٌ وَلا انقِضاءٌ ، يا مَن لَيسَ لَهُ أمَدٌ ولا نِهايَةٌ ، وَلا ميقاتٌ ولا غايَةٌ ، يا ذا العَرشِ المَجيدِ ، وَالبَطش الشّديدِ ، يا مَن هُوَ فَعّالٌ لِما يُريدُ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ اللّغاتُ ، وَلا تَشتَبِهُ عَلَيهِ الأصواتُ ، يا مَن قامَت بِجَبروتِهِ الأرضُ وَالسَّماواتُ ، يا حَسَنَ الصُّحبَةِ يا واسِعَ المَغفِرَةِ ، يا كريمَ العَفوِ صَلِّ على مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ وَاحرِسني في سَفري وَمَقامي وَفي حَرَكَتي وَانتِقالي بِعَينِكَ الّتي لا تَنامُ ، وَاكنِفني بِرُكنِكَ الّذي لا يُضامُ .
اللّهُمَّ إنّي أتوَجَّهُ في سَفري هذا بِلا ثِقَةٍ لِغَيرِكَ ، وَلا رَجاءٍ يَأوي بي إلاّ إلَيكَ وَلا قُوَّةَ لي أتَّكِلُ عَلَيها ، وَلا حيلَةَ ألجَأ إلَيها إلاّ ابتِغاءَ فَضلِكَ وَالتِماسَ عافِيَتِكَ ، وَطَلَبَ فَضلِكَ وَإجرائِكَ لي على أفضَلِ عَوائِدِكَ عِندي .
اللّهمَّ وَأنتَ أعلَمُ بِما سَبَق لي في سَفَري هذا مِمّا اُحِبُّ وَأكرَهُ فَمَهما أوقَعتَ عَلَيهِ قَدَرَكَ فَمَحمودٌ فيهِ بَلاؤكَ ، مُنتَصِحٌ فيهِ قَضاؤكَ وَأنتَ تَمحو ما تَشاءُ وَتُثبِتُ وَعِندَكَ اُمُّ الكِتابِ.
اللّهمَّ فاصرِف عَنّي فيهِ مَقاديرَ كُلِّ بَلاءٍ ، وَمقضِيَّ كُلِّ لَأواءٍ ، وَابسِط عَلَيَّ كَنَفاً من رَحمَتِكَ ، وَلُطفاً مِن عَفوِكَ ، وَتَماماً مِن نِعمَتِكَ ، حَتّى تَحفَظَني فيهِ بِأحسَنِ ما حَفِظتَ بهِ غائِباً مِنَ المُؤمِنينَ ، وَخَلقتَهُ في سِترِ كُلِّ عَورَةٍ ، وَكِفايَةِ كُلِّ مَضَرَّةٍ ، وَصِرفِ كُلِّ مَحذورٍ ، وَهَب لي فيهِ أمناً وَإيماناً وَعافِيَةً وَيُسراً وَصَبراً وَشُكراً ، وَأرجِعني فيهِ سالِماً إلى سالِمينَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .