331
مكاتيب الأئمّة ج4

وَلَولا ذلِكَ لَما جاءَ في الحَديثِ : لَولا أن يَحزَنَ المُؤمِنُ لَجَعَلتُ لِلكافِرِ عصابَةً مِن حَديدٍ لا يُصدَعُ رَأسُهُ أَبداً .
وَلَولا ذلِكَ لَما جاءَ في الحَديثِ : إنّ الدّنيا لا تُساوي عِندَ اللّهِ جَناحَ بَعوضَةٍ .
وَلَولا ذلِكَ ما سَقى كافِراً مِنها شُربَةً مِن ماءٍ .
وَلَولا ذلِكَ لَما جاءَ في الحَديثِ : لَو أنّ مُؤمِناً عَلى قُلَّةِ جَبَلٍ لَبَعَثَ اللّهُ لَهُ كافِراً أو مُنافِقاً يُؤذيهِ .
وَلَولا ذلِكَ لَما جاءَ في الحَديثِ أنّه: إذا أحَبَّ اللّهُ قَوماً أو أحَبَّ عَبداً صَبَّ عَلَيهِ البَلاءَ صَبّاً ، فَلا يَخرُجُ مِن غَمٍّ إلاّ وَقَعَ في غَمٍّ .
وَلَولا ذلِكَ لَما جاءَ في الحَديثِ : ما مِن جُرعَتَينِ أحَبَّ إلى اللّهِ عز و جل أن يَجرَعَهُما عَبدُهُ المُؤمِنُ في الدُّنيا ، مِن جُرعَةِ غَيظٍ كَظَمَ عَلَيها ، وَجُرعَةِ حُزنِ عِندَ مُصيبَةٍ صَبَرَ عَلَيها بِحُسن عَزاءٍ وَاحتِساب .
وَلَولا ذلِكَ لَما كانَ أصحابُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَدعونَ على مَن ظَلَمَهُم بِطولِ العُمرِ وَصِحَّةِ البَدَنِ وَكَثرَةِ المالِ وَالوَلَدِ . وَلَولا ذلِكَ لما بَلَغَنا أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ إذا خصَّ رَجُلاً بِالتَّرَحُّمِ عَلَيهِ وَالاستِغفارِ استُشهِدَ .
فَعَلَيكُم يا عَمِّ وابنَ عَمِّ وَبَني عُمومَتي وَإخوَتي بِالصَّبرِ وَالرِّضا ، وَالتَّسليمِ وَالتَّفويضِ إلى اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَالرِّضا وَالصَّبرِ على قَضائِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِطاعَتِهِ وَالنُّزولِ عِندَ أمرِهِ .
أفرَغَ اللّهُ عَلَينا وَعَلَيكُمُ الصَّبرَ ، وَخَتَمَ لَنا وَلكُم بِالأجرِ وَالسَّعادَةِ ، وَأنقَذَكُم وَإيّانا مِن كُلِّ هَلَكَةٍ ، بِحَولِهِ وَقُوَّتِهِ إنّهُ سَميعٌ قَريبٌ ، وَصَلَّى اللّهُ على صَفوَتِهِ مِن خَلقِهِ مُحَمّدٍ النَّبِيِّ وَأهلِ بَيتِهِ .


مكاتيب الأئمّة ج4
330

وَحينَ يَقولُ : «وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ »۱ .
وَحينَ يَقولُ : « وَ الصَّـبِرِينَ وَالصَّـبِرَ تِ »۲ .
وَحينَ يَقولُ : « وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ »۳ ، وَأمثالُ ذلِكَ مِنَ القُرآنِ كثيرٌ .
وَاعلَم أيّ عَمّ وابن عمّ، إنّ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ لَم يُبال بِضُرِّ الدُّنيا لِوَلِيّهِ ساعَةً قَطُّ ، وَلا شَيءَ أحَبُّ إلَيهِ مِنَ الضُّرِ وَالجَهدِ وَالأذاءِ مَعَ الصَّبرِ ، وَإنَّهُ تَبارَكَ وَتَعالى لَم يُبالِ بِنَعيمِ الدُّنيا لِعَدُوّهِ ساعَةً قَطّ ، وَلَولا ذلِكَ ما كانَ أعداؤهُ يَقتُلونَ أولياءَهُ وَيُخيفونَهُم وَيَمنَعونَهُم ، وَأعداؤهُ آمِنونَ مُطمَئِنونَ عالونَ ظاهِرونَ .
وَلَولا ذلِكَ ما قُتِل زَكَرِيّا ، واحتَجَبَ يَحيى ظُلماً وَعُدواناً في بَغيٍّ مِنَ البَغايا .
وَلَولا ذلِكَ ما قُتِلَ جَدُّكَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ صلى الله عليه و آله ، لمّا قامَ بِأمرِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ ظُلماً ، وَعَمُّكَ الحُسينُ بنُ فاطِمَةَ صَلّى اللّهُ عَلَيهِما اضطِهاداً وَعُدواناً.
وَلَولا ذلِكَ ما قالَ اللّهُ عز و جل في كِتابِهِ : « وَ لَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَ احِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَ مَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ »۴ .
وَلَولا ذلِكَ لَما قالَ في كتابِهِ : « أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَ بَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَ اتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ »۵ .

1.آل عمران:۱۴۶.

2.الأحزاب : ۳۵ .

3.يونس: ۱۰۹.

4.الزخرف:۳۳.

5.المؤمنون: ۵۵ و۵۶.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113165
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي