383
مكاتيب الأئمّة ج4

وفي رجال الكشّي : محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن أشكيب ، قال : أخبرنا بكر بن صالح الرّازيّ ، عن إسماعيل بن عبّاد القصريّ قصر بن هبيرة ، عن إسماعيل بن سلام ۱ ، وفلان بن حميد ۲ ، قالا ، بعث إلينا عليّ بن يقطين ، فقال : اشتريا راحلتين وتجنّبا الطّريق ، ودفع إلينا مالاً وكتباً حتّى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام ولا يعلم بكما أحد .
قالا : فأتينا الكوفة فاشترينا راحلتين وتزوّدنا زاداً وخرجنا نتجنَّبُ الطّريق حتّى إذا صرنا ببطن الرّمة شددنا راحلتنا ، ووضعنا لهما العلف وقعدنا نأكل ، فبينا نحن كذلك إذا راكب قد أقبل ومعه شاكريٌّ . فلمّا قرب منّا فإذا هو أبو الحسن موسى عليه السلام ، فقمنا إليه وسلّمنا عليه ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا فأخرج من كمّه كتباً فناولنا إيّاها ، فقال : هَذِهِ جَواباتُ كُتُبِكُم .
قال ، قلنا : إنّ زادنا قد فنى ، فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة ، فزرنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتزودنا زاداً فقال : هاتا ما مَعَكُما مِنَ الزّادِ فأخرجنا الزّاد إليه فقلّبه بيده ، فقال : هذا يُبَلِّغُكُما إلَى الكوفَةِ ، وَأمَّا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقَد رَأيتُماهُ ، إنّي صَلَّيتُ مَعَهُم الفَجرَ ، وَأنا اُريدُ أن اُصَلِّيَ مَعَهُم الظُّهرَ ، انصَرِفا في حِفظِ اللّهِ .۳
وفي كشف الغمّة : إنّ إسماعيل بن سالم ۴ قال : بعث إليَّ عليّ بن يقطين ،

1.إسماعيل بن سلام (سالم ) : روى معجزة عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وروى عنه إسماعيل بن عبّاد القصريّ ، ذكره الكشّي ، في ترجمة عليّ بن يقطين وإخوته . (راجع : معجم رجال الحديث : ج۳ ص۱۳۸ الرّقم ۱۳۴۴ والرّقم ۱۳۳۸ ) .

2.فلان بن حميد : روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام . وروى عنه ابن مياح . (الكافي : ج۶ ص۱۸ ح۵ وراجع : معجم رجال الحديث : ج۱۳ ص۳۴۳ الرّقم ۹۴۴۷ ).

3.رجال الكشّي : ج۲ ص۷۳۵ ح۸۲۱ ، بحار الأنوار : ج۴۸ ص۳۴ ح۵ نقلاً عنه.

4.عدّه البرقي من أصحاب الصّادق عليه السلام ، روى عنه ابن أبي عمير . (رجال البرقي : ص ۲۸ ، معجم رجال الحديث : ج ۳ ص ۱۴۲ الرقم ۱۳۴۷) .


مكاتيب الأئمّة ج4
382

فلمّا وصل الكتاب إلى عليّ بن يقطين ، تعجّب ممّا رسم له فيه ممّا جميع العصابة على خلافه، ثمّ قال :مولاي أعلم بما قال ،وأنا ممتثل أمره ، فكان يعمل في وضوئه على هذا الحدّ ،ويخالف ما عليه جميع الشيعة ، امتثالاً لأمر أبي الحسن عليه السلام .
وسُعي بعليّ بن يقطين إلى الرّشيد وقيل له : إنّه رافضيّ مخالف لك ، فقال الرّشيد لبعض خاصّته : قد كثر عندي القول في عليّ بن يقطين ، والقرف ۱ له بخلافنا ، وميله إلى الرّفض ، ولست أرى في خدمته لي تقصيراً ، وقد امتحنته مراراً ، فما ظهرت منه على ما يقرف به ، واُحبّ أن أستبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك فيتحرّز منّي . فقيل له : إنّ الرّافضة ـ يا أمير المؤمنين ـ تخالف الجماعة في الوضوء فتُخفّفه ، ولا ترى غسل الرّجلين ، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه . فقال : أجل ، إنّ هذا الوجه يظهر به أمره .
ثمّ تركه مدّة وناطه بشيء من الشُّغل في الدّار حتّى دخل وقت الصّلاة ، وكان عليّ بن يقطين يخلو في حجرة في الدّار لوضوئه وصلاته ،فلمّا دخل وقت الصّلاة وقف الرّشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى عليّ بن يقطين ولايراه هو ، فدعا بالماء للوضوء، فتمضمض ثلاثاً،واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه، وخلل شعر لحيته، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ، ومسح رأسه واُذنيه ، وغسل رجليه ، والرّشيد ينظر إليه ، فلمّا رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ، ثمّ ناداه : كذب ـ يا عليّ بن يقطين ـ من زعم أنّك من الرّافضة . وصلحت حاله عنده . وورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام :
ابتَدِئ مِنَ الآنَ يا عَلِيُّ بنُ يَقطينٍ ، تَوَضَّأ كَما أمَرَ اللّهُ ، اغسِل وَجهَكَ مَرَّةً فَريضَةً واُخرى إسباغاً ، وَاغسِل يَدَيكَ مِنَ المِرفَقينِ كَذلِكَ ، وَامسَح بِمُقدَّمِ رَأسِكَ وَظاهِرِ قَدَمَيكَ مِن فَضلِ نَداوَةِ وضوئِكَ ، فَقَد زالَ ما كانَ يُخافُ عَلَيكَ ، والسَّلامُ .۲

1.القرف : الاتهام . ( الصحاح : ج۴ ص۱۴۱۵ ) .

2.الإرشاد : ج۲ ص۲۲۷ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۴ ص۲۸۸ ، كشف الغمّة : ج۲ ص۲۲۵ ، بحار الأنوار : ج۴۸ ص۳۸ وص۱۳۶ وص۲۰۳ وج۸۰ ص۲۷۰ ، وسائل الشيعة : ج۱ ص۴۴۴ ح۱۱۷۳.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 111831
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي