445
مكاتيب الأئمّة ج4

بقايا يطالبني بها ، وخفت من إلزامي إيّاها خروجاً عن نعمتي ، وقيل لي : إنّه ينتحل هذا المذهب ، فخفت أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا اُحبّ ، فاجتمع رأيي على أنّي هربت إلى اللّه تعالى ، وحججت ولقيت مولاي الصّابر ـ يعني موسى بن جعفر عليه السلام ـ فشكوت حالي إليه فأصحبني مكتوباً نسخته :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
اعلَم أنَّ اللّهَ تَحتَ عَرشِهِ ظِلاًّ لا يَسكُنُهُ إلاّ مَن أسدى إلى أخيهِ مَعروفاً ، أو نَفَّسَ عَنهُ كُربَةً ، أو أدخَلَ على قَلبِهِ سُروراً ، وَهذا أخوكَ وَالسَّلامُ .

قال : فعدت من الحجّ إلى بلدي ، ومضيت إلى الرّجل ليلاً ، واستأذنت عليه وقلت : رسول الصّابر عليه السلام فخرج إليّ حافياً ماشياً ، ففتح لي بابه ، وقبّلني وضمّني إليه ، وجعل يقبّل بين عينيَّ ، ويكرّر ذلك كلّما سألني عن رؤيته عليه السلام ، وكلّما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله استبشر وشكر اللّه ، ثمّ أدخلني داره وصدّرني في مجلسه وجلس بين يدي ، فأخرجت إليه كتابه عليه السلام ، فقبَّله قائماً وقرأه ثمّ استدعى بماله وثيابه ، فقاسمني ديناراً ديناراً ، ودرهماً درهماً ، وثوباً ثوباً ، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته ، وفي كلّ شيء من ذلك يقول : يا أخي هل سررتك فأقول : إي واللّه ، وزدت على السّرور ، ثمّ استدعى العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة ممّا يتوجّه عليّ منه ، وودّعته ، وانصرفت عنه .
فقلت : لا أقدر على مكافاة هذا الرّجل إلاّ بأن أحجّ في قابل وأدعو له ، وألقى الصّابر عليه السلام واُعرّفه فعله ، ففعلت ولقيت مولاي الصّابر عليه السلام ، وجعلت اُحدِّثه ووجهه يتهلّل فرحاً ، فقلت : يا مولاي هل سرّك ذلك ؟ فقال : إي وَاللّهِ ، لَقَد سَرَّني وَسَرَّ


مكاتيب الأئمّة ج4
444

اصبِر تُؤجَر ، فَإِنَّكَ إن لم تَصبِر لَم تُؤجَر ، وَلَم تَرُدَّ قَضاءَ اللّهِ عز و جل .۱

77

فعل المعروف / قضاءُ حاجة المؤمن

من كتاب قضاء حقوق المؤمنين لأبي عليّ بن طاهر الصّوري ، بإسناده عن رجل من أهل الرّي ، قال : وُلّي علينا بعض كتّاب يحيى بن خالد ۲ ، وكان عليّ

1.مشكاة الأنوار : ص۵۸ ح۶۴ ، بحار الأنوار : ج۱۸ ص۱۸۴.

2.روى المفيد (قدّس سرّه) في الإرشاد : أنّ يحيى بن خالد خرج على البريد حتّى وافى بغداد ، فماج النّاس وأرجفوا بكلّ شيء ، وأظهر أنّه ورد لتعديل السّواد والنّظر في اُمور العمّال ، وتشاغل ببعض ذلك أيّاماً ، ثمّ دعا السّنديّ بن شاهك فأمره فيه بأمره فامتثله ، وكان الّذي تولّى به السّنديّ قتله عليه السلام سمّاً جعله في طعام قدّمه إليه ، ويقال إنّه جعله في رطب ـ الحديث ـ (الإرشاد : ج۲ ص۲۴۲ ). و روى الصّدوق (قدّس سرّه) بسنده الصّحيح ، عن صفوان بن يحيى ، قال : لمّا مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، وتكلّم الرّضا عليه السلام خفنا عليه من ذلك ، فقلت له : إنّك قد أظهرت أمراً عظيماً ، وإنّا نخاف من هذا الطّاغي ، فقال : ليجهد جهده فلا سبيل له عليّ ،قال صفوان : فأخبرنا الثّقة أنّ يحيى بن خالد قال للطّاغي : هذا عليّ ابنه قد قعد وادّعى الأمر لنفسه ، فقال : ما يكفينا ما صنعنا بأبيه تريد أن نقتلهم جميعاً ، ولقد كانت البرامكة مبغضين على بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله مظهرين لهم العداوة . وعن محمّد بن الفضيل ، قال : لمّا كان في السّنة الّتي بطش هارون بآل برمك ، بدا بجعفر بن يحيى ، وحبس يحيى بن خالد ، ونزل بالبرامكة ما نزل كان أبو الحسن عليه السلام ، واقفاً بعرفة يدعو . ثمّ طأطأ رأسه فسئل عن ذلك ، فقال : إنّي كنت أدعو اللّه تعالى على البرامكة بما فعلوا بأبي عليه السلام ، فاستجاب اللّه لي اليوم فيهم ، فلمّا انصرف لم يلبث إلاّ يسيراً حتّى بطش بجعفر ويحيى وتغيّرت أحوالهم .(راجع : عيون أخبار الرضا : ج۱ ص۲۴۶ ).

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112663
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي