يا هِشامُ ؛ إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام كانَ يَقولُ ۱ : لا يَجلِسُ في صَدرِ المَجلِس إلاّ رَجُلٌ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ : يُجيبُ إذا سُئِلَ وَيَنطِقُ إذا عَجَزَ القَومُ عَنِ الكَلامِ ، وَيُشيرُ بِالرَّأي الَّذي فيهِ صَلاحُ أهلِهِ ، فَمَن لَم يَكُن فيهِ شَيءٌ مِنهُنَّ فَجَلَسَ فَهُوَ أحمَقُ . وَقالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : إذا طَلَبتُم الحَوائِجَ فَاطلُبوها مِن أهلِها . قيلَ : يا بنَ رَسولِ اللّهِ وَمَن أهلُها ؟ قالَ : الّذينَ قَصَّ اللّهُ في كِتابِهِ وَذَكَرَهُم فَقالَ : « إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ »۲ قالَ : هُم اُولو العُقولِ . وَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلام : مُجالَسَةُ الصّالِحينَ داعِيَةٌ إلَى الصَّلاحِ ، وَأدَبُ العُلماءِ ۳ زِيادَةٌ فِي العَقلِ ، وَطاعَةُ وُلاةِ العَدلِ تَمامُ العِزِّ ، وَاستِثمارُ المالِ تَمامُ المُرُوَّةِ ، وَإِرشادُ المُستَشيرِ قَضاءٌ لِحَقِّ النِّعمَةِ ، وَكَفُّ الأَذى مِن كَمالِ العَقلِ وَفيهِ رَاحَةُ البَدَنِ عاجِلاً وَآجِلاً .
يا هِشامُ ، إنَّ العاقِلَ لا يُحَدِّثُ مَن يَخافُ تَكذيبَهُ ، وَلا يَسأَلُ مَن يَخافُ مَنعَهُ ، وَلا يَعِدُ ما لا يَقدِرُ عَلَيهِ ، وَلا يَرجو ما يُعنَّفُ بِرَجائِهِ ۴ وَ لا يَتَقَدَّمُ عَلى ما يَخافُ العَجزَ عَنهُ ۵ .
وَكانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يُوصي أصحابَهُ يَقولُ : اُوصيكُم بِالخَشيَةِ مِنَ اللّهِ في السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ ،
1.في الكافي : إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال : يجيب إذا سئل . وينطق إذا عجز القوم عن الكلام . ويشير بالرّأي الّذي يكون فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثّلاث شيء فهو أحمق . إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال : لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجل فيه هذه الخصال الثّلاث أو واحدة منهنّ ـ إلخ .
2.الزمر : ۹ .
3.في الكافي : « وآداب العلماء » .
4.التّعنيف : اللّؤم والتّوبيخ والتّقريع .
5.في الكافي : « ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه » . أي لا يبادر إلى فعل قبل أوانه خوفاً من أن يفوته بالعجز عنه في وقته .