495
مكاتيب الأئمّة ج4

يا هِشامُ ؛ عَلَيكَ بِالرِّفقِ فَإِنَّ الرِّفقَ يُمنٌ وَالخُرقُ شُؤمٌ ، إنَّ الرِّفقَ وَالبِرِّ وَحُسنَ الخُلُقِ يُعَمِّرُ الدِّيارَ وَيَزيدُ فِي الرِّزقِ .
يا هِشامُ ؛ قَولُ اللّهِ : « هَلْ جَزاءُ الإِحْسانِ إِلاّ الإِحْسانُ »۱ جَرَت فِي المُؤمِنِ وَالكافِرِ وَالبَرِّ وَالفاجِرِ ، مَن صُنعَ إلَيهِ مَعروفٌ فَعلَيهِ أن يُكافِئَ بِه ، وَلَيسَت المُكافَأَةُ أن تَصنَعَ كَما صَنَعَ حَتّى تَرَى فَضلَكَ ، فَإِن صَنَعتَ كَما صَنَعَ فَلَهُ الفَضلُ بِالاِبتِداءِ .
يا هِشامُ ؛ إنَّ مَثَلَ الدُّنيا مَثَلُ الحَيَّةِ ، مَسُّها لَيِّنٌ وَفي جَوفِها السُّمُّ القاتِلُ يَحذَرُها الرِّجالُ ذَوو العُقولِ ، وَيَهوي إلَيها الصِّبيانُ بِأَيديهِم .
يا هِشامُ ؛ اصبِر على طاعَةِ اللّهِ وَاصبِر عَن مَعاصي اللّهِ ، فَإنَّما الدُّنيا ساعَةٌ ، فَما مَضى مِنها فَلَيسَ تَجِدُ لَهُ سُروراً وَلا حُزناً وَما لَم يَأتِ مِنها فَلَيسَ تَعرِفُهُ ، فَاصبِر على تِلكَ السّاعَةِ الّتي أنتَ فيها ، فَكَأَنَّكَ قَدِ اغتَبَطتَ . ۲
يا هِشامُ ؛ مَثَلُ الدُّنيا مَثَلُ ماءِ البَحرِ كُلَمّا شَرِبَ مِنهُ العَطشانُ ازدادَ عَطَشاً حَتّى يَقتُلَهُ .
يا هِشام ؛ إيّاكَ وَالكِبرَ ؛ فَإِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنّة مَن كانَ في قَلبِهِ مِثقالُ حَبَّةٍ مِن كِبرٍ ، الكِبرُ رِداءُ اللّهِ فَمَن نازَعَهُ رِداءَهُ أكبَّهُ اللّهُ فِي النَّارِ على وَجهِهِ .
يا هِشامُ ؛ لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحاسِب نَفسَهُ في كُلٍّ يَومٍ ؛ فَإِن عَمِلَ حُسناً استَزادَ مِنهُ وَإن عَمِلَ سَيِّئاً استَغفَرَ اللّهَ مِنهُ وَتابَ إلَيهِ .
يا هِشامُ ؛ تَمَثَّلَتِ الدُّنيا لِلمَسيحِ عليه السلام في صورَةِ امرَأَةٍ زرقاءَ ، فَقالَ لَها : كَم تَزَوَّجتِ ؟ فَقالَت : كَثيراً . قالَ : فَكُلٌّ طَلَّقَكِ ؟ قالَت : لا ، بَل كُلاًّ قَتَلتُ . قالَ المَسيحُ عليه السلام : فَوَيحٌ لِأَزواجِكِ الباقينَ ، كَيفَ لا يَعتَبِرونَ بِالماضينَ .
يا هشامُ ؛ إنَّ ضَوءَ الجَسَدِ في عَينِهِ ، فَإِن كانَ البَصَرُ مُضيئاً استَضاءَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِنَّ ضَوءَ الرّوحِ

1.الرّحمن : ۶۰ .

2.اغتبط : كان في مسرّة وحسن حال . وفي بعض النّسخ : « قد احتبطت » .


مكاتيب الأئمّة ج4
494

أنَّهُم أشرارٌ ، وَإِنَّهُم لأَكياسٌ وَأَبرارٌ .
يا هِشامُ ؛ الحَياءُ مِنَ الإِيمانِ وَالإِيمانُ في الجَنَّةِ ، وَالبَذَاءُ ۱ مِنَ الجَفاءِ وَالجَفاءُ فِي النّارِ .
يا هِشامُ ، المُتَكَلِّمونَ ثَلاثَةٌ : فَرابِحٌ وَسالِمٌ وَشاجِبٌ ، فَأَمَّا الرّابِحُ فَالذّاكِرُ للّهِِ وَأمّا السَّالِمُ فَالسّاكِتُ وَأَمَّا الشّاجِبُ ۲ فَالَّذي يَخوضُ فِي الباطِلِ ، إنَّ اللّهَ حَرَّمَ الجَنَّةَ على كُلِّ فاحِشٍ بَذيءٍ قَليلِ الحَياءِ ، لا يُبالي ما قالَ وَلا ما قيلَ فيهِ ، وَكانَ أبو ذَرٍّ رضى الله عنه يقولُ : يا مُبتَغي العلِمَ إنَّ هذا اللِّسانَ مِفتاحُ خَيرٍ وَمفِتاحُ شَرٍّ ، فَاختِم على فيكَ كَما تَختِمُ على ذَهَبِكَ وَوَرَقِكَ .
يا هِشامُ ، بِئسَ العَبدُ عَبدٌ يَكونُ ذا وَجهَينِ وَذا لِسانَينِ ، يُطري أخاهُ إذا شاهَدَهُ ۳ ، وَيَأكُلُهُ إذا غابَ عَنهُ ، إن اُعطِيَ حَسَدَهُ ، وإِن ابتُلِيَ خَذَلَهُ ، إنَّ أسرَعَ الخَيرِ ثَواباً البِرُّ ، وَأسرَعُ الشَّرِّ عُقوبَةً البَغيُ ، وَإنَّ شَرَّ عِبادِ اللّهِ مَن تَكرَهُ مُجالَسَتَهُ لِفُحشِهِ ، وَهَل يَكُبُّ النّاسَ على مَناخِرِهِم فِي النّارِ إلاّ حَصائِدُ ألسِنَتِهِم ، وَمِن حُسنِ إِسلامِ المَرءِ تَركُ ما لا يَعنيهِ .
يا هِشامُ ؛ لا يَكونُ الرَّجُلُ مُؤمِناً حَتّى يَكونَ خائِفاً راجِياً وَلا يَكونُ خائِفاً راجِياً حَتّى يَكونَ عامِلاً لِما يَخافُ وَيَرجو .
يا هِشامُ ؛ قالَ اللّهُ جَلَّ وَعَزَّ : وَعِزَّتي وَجَلالي وَعَظَمَتي وَقُدرَتي وَبَهائي وَعُلُوّي في مَكاني ، لا يُؤثِرُ عَبدٌ هَوايَ على هَواهُ إلاّ جَعَلتُ الغِنى في نَفسِهِ ، وَهَمَّهُ في آخِرَتِه ، وَكَفَفتُ عَلَيهِ في ضَيعَتِهِ ۴ ، وَضَمَّنتُ السَّماواتِ وَالأَرضِ رِزقَهُ ، وَكُنتُ لَهُ مِن وَراءِ تِجارَةِ كُلِّ تاجِرٍ .
يا هِشامُ ؛ الغَضَبُ مِفتاحُ الشَّرِّ وَأَكمَلُ المُؤمِنينَ إيماناً أحسَنُهُم خُلُقاً ، وَإن خالَطتَ النّاسَ فَإِنِ استَطَعتَ أن لا تُخالِطَ أحَداً مِنهُم إلاّ مَن كانَت يَدُك عَلَيهِ العُليا ۵ فَافعَل .

1.البذاء : الفحش . والبذي ـ على فعيل ـ : السّفيه والّذي أفحش في منطقه .

2.الشّاجب : الهذّاء المكثار أي كثير الهذيان وكثير الكلام . وأيضاً الهالك . وهو الأنسب .

3.أي يحسن الثّناء وبالغ في مدحه إذا شاهده ؛ ويعيبه بالسّوء ويذمّه إذا غاب .

4.الضّيعة ـ بالفتح ـ : حرفة الرّجل وصناعته وفي بعض النسخ : «صنعته » .

5.اليد العليا : المعطية المتعفّفة .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113050
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي