يا هِشامُ ؛ عَلَيكَ بِالرِّفقِ فَإِنَّ الرِّفقَ يُمنٌ وَالخُرقُ شُؤمٌ ، إنَّ الرِّفقَ وَالبِرِّ وَحُسنَ الخُلُقِ يُعَمِّرُ الدِّيارَ وَيَزيدُ فِي الرِّزقِ .
يا هِشامُ ؛ قَولُ اللّهِ : « هَلْ جَزاءُ الإِحْسانِ إِلاّ الإِحْسانُ »۱ جَرَت فِي المُؤمِنِ وَالكافِرِ وَالبَرِّ وَالفاجِرِ ، مَن صُنعَ إلَيهِ مَعروفٌ فَعلَيهِ أن يُكافِئَ بِه ، وَلَيسَت المُكافَأَةُ أن تَصنَعَ كَما صَنَعَ حَتّى تَرَى فَضلَكَ ، فَإِن صَنَعتَ كَما صَنَعَ فَلَهُ الفَضلُ بِالاِبتِداءِ .
يا هِشامُ ؛ إنَّ مَثَلَ الدُّنيا مَثَلُ الحَيَّةِ ، مَسُّها لَيِّنٌ وَفي جَوفِها السُّمُّ القاتِلُ يَحذَرُها الرِّجالُ ذَوو العُقولِ ، وَيَهوي إلَيها الصِّبيانُ بِأَيديهِم .
يا هِشامُ ؛ اصبِر على طاعَةِ اللّهِ وَاصبِر عَن مَعاصي اللّهِ ، فَإنَّما الدُّنيا ساعَةٌ ، فَما مَضى مِنها فَلَيسَ تَجِدُ لَهُ سُروراً وَلا حُزناً وَما لَم يَأتِ مِنها فَلَيسَ تَعرِفُهُ ، فَاصبِر على تِلكَ السّاعَةِ الّتي أنتَ فيها ، فَكَأَنَّكَ قَدِ اغتَبَطتَ . ۲
يا هِشامُ ؛ مَثَلُ الدُّنيا مَثَلُ ماءِ البَحرِ كُلَمّا شَرِبَ مِنهُ العَطشانُ ازدادَ عَطَشاً حَتّى يَقتُلَهُ .
يا هِشام ؛ إيّاكَ وَالكِبرَ ؛ فَإِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنّة مَن كانَ في قَلبِهِ مِثقالُ حَبَّةٍ مِن كِبرٍ ، الكِبرُ رِداءُ اللّهِ فَمَن نازَعَهُ رِداءَهُ أكبَّهُ اللّهُ فِي النَّارِ على وَجهِهِ .
يا هِشامُ ؛ لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحاسِب نَفسَهُ في كُلٍّ يَومٍ ؛ فَإِن عَمِلَ حُسناً استَزادَ مِنهُ وَإن عَمِلَ سَيِّئاً استَغفَرَ اللّهَ مِنهُ وَتابَ إلَيهِ .
يا هِشامُ ؛ تَمَثَّلَتِ الدُّنيا لِلمَسيحِ عليه السلام في صورَةِ امرَأَةٍ زرقاءَ ، فَقالَ لَها : كَم تَزَوَّجتِ ؟ فَقالَت : كَثيراً . قالَ : فَكُلٌّ طَلَّقَكِ ؟ قالَت : لا ، بَل كُلاًّ قَتَلتُ . قالَ المَسيحُ عليه السلام : فَوَيحٌ لِأَزواجِكِ الباقينَ ، كَيفَ لا يَعتَبِرونَ بِالماضينَ .
يا هشامُ ؛ إنَّ ضَوءَ الجَسَدِ في عَينِهِ ، فَإِن كانَ البَصَرُ مُضيئاً استَضاءَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِنَّ ضَوءَ الرّوحِ