507
مكاتيب الأئمّة ج4

الخيزران 1 اُمّ أمير المؤمنين يعزّيها بموسى ابنها ، ويهنؤها بهارون ابنها :بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
لِلخَيزُران اُمِّ أميرِ المُؤمِنينَ مِن موسى بنِ جَعفَرِ بنِ مُحمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ .
أمّا بَعدُ : أصلَحَكِ اللّهُ وَأمتَعَ بِكَ ، وَأَكرَمَكِ وَحَفِظَكِ ، وَأتَمَّ النِّعمَةَ وَالعافِيَةَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ لَكِ بِرَحمَتِهِ .
ثُمَّ إنَّ الاُمورَ ـ أطالَ اللّهُ بَقاءَكِ ـ كُلُّها بِيَدِ اللّهِ عز و جل ، يُمضيها وَيُقَدِّرُها بِقُدرَتِهِ فيها وَالسُّلطانِ عَلَيها ، تَوكّل بِحِفظِ ماضيها وَتَمامِ باقيها ، فلا مُقَدِّمَ لِما أخَّر مِنها وَلا مُؤخِّرَ لِما قَدَّمَ ، استَأثَرَ بِالبَقاءِ وَخَلَقَ خَلقَهُ لِلفَناءِ ، أسكَنَهُم دُنيا سَريعٌ زَوالُها قَليلٌ بَقاؤُها ، وَجَعَلَ لَهُم مَرجِعاً إلى دارٍ لا زَوالَ لَها وَلا فَناءَ . وَكَتَبَ المَوتَ على جَميعِ خَلقِهِ ، وَجَعَلَهُم اُسوَةً فيهِ ، عَدلاً مِنهُ عَلَيهِم عَزيزاً ، وَقُدرَةً مِنهُ عَلَيهِم ، لا مَدفَعَ لأَحَدٍ مِنهُ وَلا مَحيصَ لَهُ عَنهُ ، حَتّى يَجمَعَ اللّهُ تَبارَكَ وَتَعالى بِذلِكَ إلى دارِ البَقاءِ خَلقَهُ ، وَيَرِثَ بهِ أرضَهُ وَمَن عَلَيها ، وَإلَيهِ يَرجِعونَ .
بَلَغَنا ـ أطال اللّهُ بَقاءَكِ ـ ما كانَ مِن قَضاءِ اللّهِ الغَالِبِ في وَفاةِ أميرِ المُؤمِنينَ موسى صلواتُ اللّهِ عَلَيهِ وَرَحمَتُهُ وَمَغفِرَتُهُ وَرِضوانُهُ ، وَإِنّا للّهِِ وَإِنّا إلَيهِ راجِعونَ ، إعظاماً لِمُصيبَتهِ وَإِجلالاً لِرُزئِهِ 2 وَفَقدِهِ ، ثُمَّ إنّا للّهِِ وَإِنّا إلَيهِ راجِعونَ ، صبراً لِأَمرِ اللّهِ عز و جلوَتَسليماً لِقَضائِهِ ، ثُمَّ إنّا للّهِِ وَإِنّا إلَيهِ راجِعونَ لِشِدَّةِ مُصيبَتِكِ عَلَينا خاصَّةً ، وَبُلوغِها مِن حَرِّ قُلوبِنا وَنُشوزِ أنفُسِنا .

1.خيزران أمّ هارون الرشيد والهادي : المتوفية سنة ۱۷۳ ، هي من ربات السياسة والنفوذ والسّلطان لعبت دورا عظيما في خلافة ولدها واستبدت بالأمر حتى شاركته في شؤون الدولة ، وكان الهادي كثيرا لطاعتها ومجيبا لها فيها تسأله من الحوائج . . . ( تراجم أعلام النساء : ج ۱ ص ۳۱۴ و ج ۲ ص ۶۷ ) .

2.وفي نسخة : « لرزيته » .


مكاتيب الأئمّة ج4
506

الرّشيد فقال : إنّه يقول : بإمامة موسى بن جعفر ، ويحمل إليه خمس ماله في كُلّ سنة ، وقد حمل إليه الدُّرّاعة الّتي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا . فاستشاط الرّشيد لذلك ، وغضب غضباً شديداً . وقال : لأكشفنّ عن هذه الحال ، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه . وأنفذ في الوقت بإحضار عليّ بن يقطين ، فلمّا مثل بين يديه قال له : ما فعلت الدّراعة الّتي كسوتك بها ؟ قال : هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب ، قد احتفظت بها ، قلّما أصبحت إلاّ وفتحت السّفط ونظرت إليها تبرّكاً بها وقبّلتها ورددتها إلى موضعها ، وكلّما أمسيت صنعت بها مثل ذلك .
فقال : أحضرها السّاعة ، قال : نعم يا أمير المؤمنين . واستدعى بعض خدمه فقال له : إمض إلى البيت الفلاني من داري ، فخذ مفتاحه من خازنتي وافتحه ، ثُمَّ افتح الصّندوق الفلاني فجئني بالسّفط الّذي فيه بختمه . فلم يلبث الغلام أن جاء بالسّفط مختوماً ، فوضع بين يدي الرّشيد فأمر بكسر ختمه وفتحه . فلمّا فتح نظر إلى الدّراعة فيه بحالها ، مطويّة مدفونة في الطّيب ، فسكن الرّشيد من غضبه ، ثُمَّ قال لعليّ بن يقطين : ارددها إلى مكانها وانصرف راشداً ، فلن اُصدّق عليك بعدها ساعياً . وأمر أن يُتبع بجائزة سنيّة ، وتقدّم بضرب السّاعي به ألف سوط ، فضرب نحو خمسمئة سوط فمات في ذلك . ۱

102

كتابه عليه السلام إلى الخيزران

ما بينه وبين خلفاء الجور

0.محمّد بن عيسى ، عن بعض من ذكره ، أنّه كتب أبو الحسن موسى عليه السلام إلى

1.الإرشاد : ج۲ ص۲۲۵ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۴ ص۲۸۹ ، كشف الغمّة : ج۲ ص۲۲۴ ، بحار الأنوار : ج۴۸ ص۱۳۷ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112972
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي