511
مكاتيب الأئمّة ج4

فَحَرَّفوهُ وَبَدَّلوهُ ، وَدَلّوا على وُلاةِ الأَمرِ مِنهُم ، فَانصَرَفوا عَنهُم فَأَذاقَهُم اللّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ .
وَسَأَلتَ عَن رَجُلَينِ اغتَصَبا رَجُلاً مالاً كانَ يُنفِقُهُ عَلَى الفُقَراءِ وَالمَساكينِ ، وَأبناءِ السَّبيلِ ، وَفي سَبيلِ اللّهِ ، فَلَمّا اغتَصَباهُ ذلِكَ لَم يَرضَيا ، حَيثُ غَصَباهُ حتّى حَمَّلاهُ إيّاهُ كُرهاً فَوقَ رَقَبَتِهِ إلى مَنازِلِهِما ، فَلَمّا أحرزاهُ تَوَلّيا إنفاقَهُ أيَبلُغانِ بِذِلِكَ كُفراً؟ فَلَعَمري لَقَد نافَقا قَبلَ ذلِكَ ، وَرَدّا عَلَى اللّهِ عز و جل كَلامَهُ وَهَزِئا بِرَسولِهِ صلى الله عليه و آله وَهُما الكافِرانِ عَلَيهِما لَعنَةُ اللّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أجمَعينَ ، وَاللّهِ ما دَخَلَ قَلبَ أحَدٍ مِنهُما شَيءٌ مِنَ الإِيمانِ مُنذُ خُروجِهِما مِن حالَتَيهِما ، وَما ازدادا إلاّ شَكّا ، كانا خَدّاعَينِ مُرتابَينِ مُنافِقَينِ حَتّى تَوَفتهما مَلائِكَةِ العَذابِ إلى مَحَلِّ الخِزيِ في دارِ المُقامِ .
وَسَأَلتَ عَمَّن حَضَرَ ذلِكَ الرَّجُلَ وَهُوَ يُغصَبُ مالُهُ وَيوضَعُ على رَقَبَتِهِ ، مِنهُم عارِفٌ وَمُنكِرٌ ، فَاُولئِكَ أهلُ الرِّدَّةِ الاُولى مِن هذهِ الاُمَّةِ ، فَعَلَيهِم لَعنَةُ اللّهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجمَعينَ .
وَسَأَلتَ عَن مَبلَغِ عِلمِنا ، وَهُوَ على ثَلاثَةِ وُجوهٍ : ماضٍ وَغابِرٍ وَحادِثٍ ، فَأمّا الماضي فَمُفَسَّرٌ ، وَأمّا الغابِرُ فَمَزبورٌ ، وأَمَّا الحادِثُ فَقُذِفَ فِي القُلوبِ ، وَنَقَرَ في الأَسماعِ ، وَهُوَ أفضَلُ عِلمِنا ، وَلا نَبِيَّ بَعدَ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله .
وَسَأَلتَ عَن اُمَّهاتِ أولادِهِم ، وَعَن نِكاحِهِم ، وَعَن طَلاقِهِم ، فَأَمّا اُمّهاتُ أولادِهِم فَهُنَّ عَواهِرُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، نِكاحٌ بِغَيرِ وَلِيٍّ ، وَطَلاقٌ في غَيرِ عِدَّةٍ ، وَأمّا مَن دَخَلَ في دَعوَتِنا فَقَد هَدَمَ إيمانُهُ ضلالَهُ ، وَيَقينُهُ شَكَّهُ .
وَسَأَلتَ عَنِ الزَّكاةِ فيهِم ، فَما كانَ مِنَ الزَّكاةِ فَأَنتُم أحَقُّ بِهِ ؛ لِأَنّا قَد أحلَلنا ذلِكَ لَكُم ، مَن كانَ مِنكُم وَأَينَ كانَ .
وَسَأَلتَ عَنِ الضُّعَفاءِ ، فَالضَّعيفُ مَن لَم يُرفَع إلَيهِ حُجَّةٌ ، وَلَم يَعرِفِ الاختِلافَ ،


مكاتيب الأئمّة ج4
510

فاحتبس الجواب عليّ أشهراً ، ثمّ أجابني بجواب هذه نسخته :بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحَمدُ للّهِِ العَلِيِّ العَظيمِ ، الَّذي بِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ أبصَرَ قُلوبَ المُونينَ ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ عاداهُ الجاهِلونَ ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ ابتَغى مَن فِي السَّماواتِ وَمَن فِي الأرضِ إلَيهِ الوَسيلَةَ بِالأَعمالِ المُختَلِفَةِ ، وَالأديانِ المُتَضادَّةِ ، فَمُصيبٌ وَمُخطِئٌ ، وَضالٌّ وَمُهتَدٍ ، وَسَميعٌ وَأَصَمُّ ، وَبَصيرٌ وَأَعمى حَيرانُ ، فَالحَمدُ للّهِِ الَّذي عَرَّفَ وَوَصَفَ دينَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله .
أمّا بَعدُ : فَإِنَّكَ امرُوأنزلَكَ اللّهُ من آلِ مُحَمَّدٍ بِمَنزِلَةٍ خاصَّةٍ ، وَحَفِظَ مَوَدَّةَ ما استَرعاكَ مِن دينِهِ ، وَما ألهَمَكَ مِن رُشدِكَ ، وبَصَّرَكَ مِن أمرِ دينِكَ بِتَفضيلِكَ إيّاهُم وَبِرَدِّكَ الاُمورَ إلَيهِم .
كَتَبتَ تَسأَلُني عَن اُمورٍ كُنتَ مِنها في تَقِيَّةٍ ، وَمِن كِتمانِها في سَعَةٍ فَلَمّا انقَضى سُلطانُ الجَبابِرَةِ وَجاءَ سُلطانُ ذِي السُّلطانِ العَظيم بِفِراقِ الدُّنيا المَذمومَةِ إلى أهلِها العُتاةِ على خالِقِهِم ، رَأَيتُ أن اُفسِّرَ لَكَ ما سَأَلتَني عَنهُ مَخافَةَ أن يَدخُلَ الحيرَةُ على ضُعفاءِ شيعَتِنا مِن قِبَلِ جَهالَتِهِم ، فَاتَّقِ اللّهَ عَزَّ ذِكرُهُ وَخُصَّ لِذلِكَ الأَمرِ أهلَهُ وَاحذَر أن تَكونَ سَبَبَ بَلِيَّةٍ عَلَى الأَوصياءِ ، أو حارِشاً عَلَيهِم بِإِفشاءِ ما استَودَعتُكَ ، وَإِظهارِ ما استَكتَمتُكَ وَلَن تَفعَلَ إن شاءَ اللّهُ .
إنَّ أوَّلَ ما اُنهي إلَيكَ أنّي أنعى إلَيكَ نَفسي في لَيالِيَّ هذهِ غَيرَ جازِعٍ وَلا نادِمٍ وَلا شاكٍّ فيما هُوَ كائِنٌ مِمّا قَد قَضَى اللّهُ عز و جل ، وَحَتَمَ فاستَمسِك بِعُروَةِ الدّينِ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَالعُروَةِ الوُثقى الوَصِيِّ بَعدَ الوَصِيِّ وَالمُسالَمَةِ لَهُم وَالرِّضا بِما قالوا ، وَلا تَلتَمِس دينَ مَن لَيس مِن شيعَتِكَ ، وَلا تُحِبَّنَّ دينَهُم ، فَإِنَّهُم ، الخائِنونَ ، الَّذينَ خانوا اللّهَ وَرَسولَهُ ، وَخانوا أماناتِهِم ، وَتَدري ما خانوا أماناتِهِم ؟ ائتُمِنوا على كِتابِ اللّهِ

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 113409
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي