513
مكاتيب الأئمّة ج4

واختاروا محمّد بن عليّ النّيسابوريّ ، فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وألفي شقة من الثّياب ، وأتت شطيطة بدرهم صحيح ، وشقة خادم ، من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت : إنّ اللّه لا يستحيي من الحقّ .
قال : فثنيت درهمها وجاؤوا بجزء فيه مسائل مل ء سبعين ورقة ، في كلّ ورقة مسألة ، وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها ، وقد حزمت كلّ ورقتين بثلاث حزم ، وختم عليها بثلاث خواتيم ، على كلّ حزام خاتم ، وقالوا : ادفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غد ، فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة ، وانظره هل أجاب عن المسائل ، وإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحقّ للمال ، فادفع إليه وإلاّ فرُدّ إلينا أموالنا .
فدخل على الأفطح عبد اللّه بن جعفر ۱ وجرّبه وخرج عنه قائلاً : ربّ اهدني

1.عبد اللّه بن جعفر عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام . قال الكشّي بعد ترجمة عمّار بن موسى السّاباطيّ : الفطحيّة هم القائلون بإمامة عبد اللّه بن جعفر بن محمّد عليه السلام ، وسمّوا بذلك لأنّه قيل إنّه كان أفطح الرّأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرّجلين ، وقال بعضهم : إنّهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له : عبد اللّه بن فطيح ، والّذين قالوا بإمامته عامّة مشايخ العصابة وفقهائها مالوا إلى هذه المقالة ، فدخلت عليهم الشّبهة لما روي عنهم عليهم السلام أنّهم قالوا : الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضى ، ثمّ منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنه بمسائل من الحلال والحرام لم يكن عنده فيها جواب ، ولما ظهر منه من الأشياء الّتي لا ينبغي أن تظهر من الإمام . ثمّ إنّ عبد اللّه مات بعد أبيه بسبعين يوماً فرجع الباقون إلاّ شذّاذاً منهم عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى عليه السلام ، ورجعوا إلى الخبر الّذي روى أنّ الإمامة لا تكون في الأخوين بعد الحسن والحسين عليهماالسلام وبقي شذّاذ منهم على القول بإمامته وبعد أن مات قالوا بإمامة أبي الحسن موسى عليه السلام . وروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال لموسى : يا بنيّ إنّ أخاك سيجلس مجلسي ويدّعي الإمامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فإنّه أوّل أهلي لحوقاً بي . وقال في ترجمة هشام بن سالم : جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني الحسن بن عليّ بن النّعمان ، قال : حدّثني أبو يحيى عن هشام بن سالم ، قال : كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد اللّه عليه السلام ، أنا ومون الطّاق أبو جعفر ، والنّاس مجتمعون على أنّ عبد اللّه صاحب الأمر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطّاق والنّاس مجتمعون عند عبد اللّه ، وذلك أنّهم رووا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّ الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة ، فدخلنا نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه ، فسألناه عن الزّكاة في كم تجب؟ قال : في مئتين خمسة ، قلنا ففي مئة ؟ قال : درهمان ونصف درهم ، قلنا له : واللّه ما تقول المرجئة هذا ، فرفع يده إلى السّماء ، فقال : لا واللّه ما أدري ما تقول المرجئة ، قال : فخرجنا من عنده ضُلاّلاً لا ندري إلى أين نتوجّه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنا في بعض أزقّة المدينة باكين حيارى ، لا ندري إلى من نقصد ؟ وإلى من نتوجّه ؟ نقول : إلى المرجئة إلى القدريّة إلى الزّيديّة إلى المعتزلة إلى الخوارج ، قال : فنحن كذلك إذ رأيت رجلاً شيخاً لا أعرفه يومئ إليّ بيده ، فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر ، [ المنصور] وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون على من اتّفق من شيعة جعفر فيضربون عنقه ، فخفت أن يكون منهم ، فقلت لأبي جعفر : تنحَّ فإنّي خائف على نفسي وعليك ، وإنّما يريدني ليس يريدك فتنحَّ عنّي لا تهلك وتعين على نفسك ، فتنحَّى غير بعيد ، وتبعت الشّيخ وذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر على التخلّص مِنهُ ، فما زلت أتبعه حتّى ورد بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ، ثمّ خلاّني ومضى فإذا خادم بالباب فقال لي : ادخل رحمك اللّه ، قال : فدخلت فإذا أبو الحسن عليه السلام فقال لي ابتداء : لا إلى المرجئة ولا إلى القدريّة ولا إلى الزّيديّة ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج ، إليّ إليّ إليّ .قال : فقلت له : جعلت فداك مضى أبوك؟ قال : نعم . قال : قلت : جعلت فداك مضى في موت؟ قال : نعم ، قلت : جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال : إن شاء اللّه يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك إنّ عبد اللّه يزعم أنّه من بعد أبيه ، فقال : يريد عبد اللّه أن لا يعبد اللّه ، قال : قلت : جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال : إن شاء اللّه يهديك هداك أيضاً ، قلت : جعلت فداك ، أنت هو؟ قال : ما أقول ذلك . قلت في نفسي : لم اُصب طريق المسألة . قال : قلت : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال : لا . قال : فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ اللّه إعظاماً له وهيبة أكثر ما كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلت عليه ، قلت : جعلت فداك أسألك عمّا كان يسأل أبوك ، قال : سل تخبر ولا تذع فإن أذعت فهو الذّبح . قال : فسألته فإذا هو بحر . قال : قلت : جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلاّل فاُلقي إليهم وأدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليّ بالكتمان ، فقال : من آنست منهم رشداً فألق عليهم ، وخذ عليهم بالكتمان ، فإن أذاعوا فهو الذّبح ـ وأشار بيده إلى حلقه ـ قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر فقال لي : ما وراك ؟ قال : قلت : الهدى ، قال : فحدّثته بالقصّة ، قال : ثمّ لقيت المفضّل بن عمر ، وأبا بصير ، قال : فدخلوا عليه وسلّموا وسمعوا كلامه وسألوه . قال ثمّ قطعوا عليه . قال : ثمّ لقينا النّاس أفواجاً . قال : فكان كلّ من دخل عليه قطع عليه إلاّ طائفة مثل عمّار وأصحابه ، فبقي عبد اللّه لا يدخل عليه أحد إلاّ قليلاً من النّاس ، قال : فلمّا رأى ذلك وسأل عن حال النّاس ، قال : فأخبر أنّ هشام بن سالم صدّ عنه النّاس ، قال : فقال هشام فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني . ورواه الشّيخ المفيد في إرشاده في باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسى عليه السلام عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب الكُليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطيّ ، عن هشام بن سالم نحوه ( إلى قوله ) : وبقي عبد اللّه لا يدخل عليه من النّاس إلاّ القليل . وقال الشّيخ المفيد في الإرشاد في باب ذكر أولاد أبي عبد اللّه عليه السلام : وكان عبد اللّه بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم تكن منزلته عند أبيه كمنزلة غيره من ولده في الإكرام ، وكان متّهماً بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال : إنّه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المُرجئة ، وادّعى بعد أبيه الإمامة ، واحتجّ بأنّه أكبر إخوته الباقين فاتّبعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، ثمّ رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى عليه السلام لما تبيّنوا ضعف دعواه وقوّة أمر أبي الحسن عليه السلام ، ودلالة حقّه وبراهين إمامته وأقام نفر يسير منهم على أمرهم ، ودانوا بإمامة عبد اللّه بن جعفر ، وهم الطّائفة الملقّبة بالفطحيّة وإنّما لزمهم اللّقب لقولهم بإمامة عبد اللّه ، وكان أفطح الرّجلين ويقال : لقبوا بذلك لأنّ داعيهم إلى إمامة عبد اللّه كان يقال له : عبد اللّه بن الأفطح . ( راجع : الإرشاد : ج ۲ ص ۲۲۱ ، رجال الكشّي : ج ۲ ص ۵۶۶ ح ۵۰۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۷ ص ۲۶۲ ح ۳۰ ، معجم رجال الحديث : ج ۱۰ ص ۱۴۴ الرّقم ۶۷۵۶ ) .


مكاتيب الأئمّة ج4
512

فَإِذا عَرَفَ الاِختِلافَ فَلَيسَ بِضَعيفٍ .
وَسَأَلتَ عَنِ الشَّهاداتِ لَهُم فَأَقِمِ الشَّهادَةَ للّهِِ عز و جل ، وَلَو على نَفسِكَ وَالوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ ، فيما بَينَكَ وَبَينَهُم فَإِن خِفتَ على أخيكَ ضَيماً فَلا ، وَادعُ إلى شَرائِطِ اللّهِ عَزَّ ذِكرُهُ بِمَعرِفَتِنا مَن رَجَوتَ إجابَتَهُ ، وَلا تَحَصّنَ بِحِصِنِ رِياءٍ ، وَوالِ آلَ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَقُل لِما بَلَغَكَ عَنّا وَنُسِبَ إلَينا : هذا باطِلٌ ، وَإن كُنتَ تَعرِفُ مِنّا خِلافَهُ ، فَإِنَّكَ لا تَدري لِما قُلناهُ ، وَعلى أيِّ وَجهٍ وَصَفناهُ .
آمِن بِما اُخبَرَكَ ، وَلا تُفشِ ما استَكتَمناكَ مِن خَبَرِكَ ، إنّ مِن واجِبِ حَقِّ أخيكَ أن لاتَكتُمَهُ شَيئاً تَنفَعُهُ بِهِ لِأَمرِ دُنياهُ وَآخِرَتِهِ ،وَلاتَحقِد عَلَيهِ ،وَإن أساءَ ،وَأَجِب دَعوَتَهُ إذا دَعاكَ ،وَلاتُخَلِّ بَينَهُ وَبَينَ عَدُوِّهِ مِنَ النّاسِ ،وَإن كانَ أقرَبَ إلَيهِ مِنكَ ،وَعُدهُ في مَرضِهِ.
لَيسَ مِن أخلاقِ المُونينَ الغِشُّ وَلا الأذى ، وَلا الخِيانَةُ وَلا الكِبرُ ، وَلا الخَنا وَلا الفُحشُ ، وَلا الأمرُ بِهِ ، فَإِذا رَأيتَ المُشَوَّهَ الأَعرابِيَّ في جَحفَلٍ جَرّارٍ فَانتَظِر فَرَجَكَ وَلِشيعَتِكَ المُونينَ ، وَإِذا انكَسَفَتِ الشَّمسُ فَارفَع بَصَرَكَ إلَى السَّماءِ وَانظُر ما فَعَلَ اللّهُ عز و جلبالمُجرِمينَ ، فَقَد فَسَّرتُ لَكَ جُمَلاً مُجمِلاً ، وَصَلَّى اللّهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَخيارِ . ۱

104

كتابه عليه السلام إلى جماعة من الشيعة

في قصّة أهل نيسابور وشطيطة

أبو عليّ بن راشد ۲ وغيره في خبرٍ طويل : إنّه اجتمعت العصابة الشيعة بنيسابور

1.الكافي :ج۸ ص۱۲۴ح۹۵وراجع :الكافي :ج۷ص۳۸۱ح۳،تهذيب الأحكام:ج۶ص۲۷۶ح۷۵۷،رجال الكشّي : ج۲ ص۷۵۳ ح۸۵۹ ، بحار الأنوار : ج۴۸ ص۲۴۴ وج۵۲ ص۲۶۵ وراجع : قرب الإسناد : ص۳۳۳ ح ۱۲۳۵ .

2.محمّد بن الفرج قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن أبي عليّ بن راشد ، وعن عيسى بن جعفر بن عاصم ، وابن بند؟ فكتب إليّ : ذكرت ابن راشد رحمه الله ، فإنّه عاش سعيداً ، ومات شهيداً ، ودعا لابن بند والعاصميّ وابن بند ضرب بالعمود حتّى قتل ، وأبو جعفر ضرب ثلاثمئة سوط ورمي به في دجلة . ( رجال الكشّي : ج۲ ص۸۶۳ ح۱۱۲۲ ). وعدّه من أصحاب أبي جعفر الثّانى والثّالث عليهماالسلام . (رجال البرقي :ص۵۶ و۵۷ ). وروى عن حمّاد بن عيسى . وروى عنه أبو عبد اللّه البرقيّ ، والحسين بن سعيد ، وعليّ بن مهزيار ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد ، والسّياريّ . ( راجع : معجم رجال الحديث : ج۲۰ ص۲۴۹ الرّقم ۱۴۵۶۱ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112706
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي