75
مكاتيب الأئمّة ج4

قال العلاّمة المجلسي رحمه الله: ولنذكر بعد ذلك توحيد المفضّل بن عمر، ورسالة الإهليلجة المرويّتين عن الصّادق عليه السلام ؛ لاشتمالهما على دلائل وبراهين على إثبات الصّانع تعالى، ولا يضرّ إرسالُهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضّل، وقد شهد بذلك السّيد ابن طاووس وغيره. ولا ضعفُ محمّد بن سنان والمفضّل ؛ لأنّه في محلّ المنع ، بل يظهر من الأخبار الكثيرة علوّ قدرهما وجلالتهما، مع أنّ متن الخبرين شاهد صدق على صحّتهما ، وأيضاً هما يشتملان على براهين لا تتوقّف إفادتها العلم على صحّة الخبر. ۱
وقال: وكتابا التّوحيد والإهليلجة عن الصّادق عليه السلام برواية المفضّل بن عمر ، ثمّ نقل ما سيأتي من كلام السّيّد في كشف المحجّة. ۲
وقال السّيّد في كشف المحجّة : وانظر كتاب المفضّل بن عمر الّذي أملاه عليه مولانا الصّادق عليه السلام فيما خلق اللّه جلّ جلاله من الآثار . . . ( ص50) .
وقال في كتاب الأمان من أخطار الأسفار : ويصحب معه كتاب الإهليلجة ، وهو كتاب مناظرة مولانا الصّادق عليه السلام للهندي في معرفة اللّه جلّ جلاله بطرق غريبة عجيبة ضرورية ، حتّى أقرّ الهندي بالإلهيَّة والوحدانيّة ، ويصحب معه كتاب المفضّل بن عمر الّذي رواه عن الصّادق عليه السلام في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السّفلى ، وإظهار أسراره فإنّه عجيب في معناه. ۳
قال النّجاشي في رجاله: أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس بن محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه بن النّجاشي ـ الّذي ولي الأهواز، وكتب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله ، وكتب إليه رسالة عبد اللّه بن النّجاشي المعروفة، ولم يُرَ

1.بحار الأنوار : ج۳ ص۵۵ وراجع : الأمان من أخطار الأسفار : ص ۹۱ .

2.بحار الأنوار : ج۱ ص۱۴ وراجع : كشف المحجّة ثمرة المهجّة : ص ۹ .

3.الأمان : ص ۹۱ .


مكاتيب الأئمّة ج4
74

بِالمَرحومِ مِنَ الضُرِّ والحاجَةِ وَضُروبِ البَلاءِ ، وَالآخَرُ ما يَحدُثُ مِنّا مِن بَعدِ الرّأفَةِ واللُّطفِ على المَرحومِ وَالرَّحمَةِ مِنّا ما نَزَلَ بِهِ ، وَقَد يَقولُ القائِلُ : انظُر إلى رَحمَةِ فُلانٍ ، وإنّما يُريدُ الفِعلَ الّذي حَدَثَ عَنِ الرِّقَّةِ الّتي في قَلبِ فُلانٍ ، وإنَّما يُضافُ إلى اللّهِ عز و جل مِن فِعلِ ما حَدَثَ عَنّا مِن هذهِ الأشياءِ .
وَأمّا المعنى الّذي هُوَ في القَلبِ فَهُوَ مَنفِيٌّ عَنِ اللّهِ كَما وَصَفَ عَن نَفسِهِ فَهُوَ رَحيمٌ لا رَحمَةَ رِقَّةٍ .
وَأمّا الغَضَبُ فَهُوَ مِنّا إذا غَضِبنا تَغَيَّرت طَبائِعُنا وَتَرتَعِدُ أحيانا مَفاصِلُنا وَحالَت ألوانُنا ، ثُمَّ نجيء مِن بَعدِ ذلِكَ بِالعُقوباتِ فَسُمِّيَ غَضَباً ، فَهذا كَلامُ النَّاسِ المَعروفِ ، وَالغَضَبُ شيئان: أحَدُهُما في القَلبِ .
وَأمّا المَعنى الّذي هُوَ في القَلبِ فَهُوَ مَنفِيٌّ عَنِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ ، وَكذلِكَ رِضاهُ وَسَخَطُهُ وَرَحمَتُهُ على هذهِ الصِّفَةِ جلَّ وعزّ لا شَبيهَ لَهُ وَلا مِثلَ في شَيءٍ مِنَ الأشياءِ .
قالَ : فأخبِرني عَن إرادَتِهِ .
قلت: إنّ الإرادَةَ مِنَ العِبادِ الضّميرُ وَما يَبدو بَعدَ ذلِكَ مِنَ الفِعلِ.
وَأمّا مِنَ اللّهِ عز و جل ، فالإرادَةُ لِلفِعلِ إحداثُهُ إنّما يَقولُ لَهُ : كُن فَيَكونُ بِلا تَعَبٍ وَلا كَيفٍ .
قال : قَد بَلغتَ ، حَسبُكَ فَهذِهِ كافِيَةٌ لِمَن عَقِل ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، الّذي هَدانا مِنَ الضَّلالِ ، وَعَصَمَنا مِن أن نُشَبِّهَهُ بِشَيءٍ مِن خَلقِهِ ، وأن نَشُكّ في عَظَمَتِهِ وَقُدرَتِهِ وَلَطيفِ صُنعِهِ وَجَبَروتِهِ ، جَلّ عَنِ الأشباهِ والأضدادِ ، وَتَكَبَّرَ عَنِ الشُّرَكاءِ وَالأندادِ. ۱

1.بحار الأنوار: ج۳ ص ۱۵۲ ـ ۱۹۶ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 95362
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي