فَأمّا غَيرُهُم فَما أشَدَّ إشكالَهُ عَلَيهِم! وَأبعَدَهُ مِن مَذاهِبِ قلوبهم ! وَلِذلِكَ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إنَّهُ لَيسَ شَيءٌ بأبِعَدَ مِن قُلوبِ الرِّجالِ مِن تَفسيرِ القُرآنِ، وَفي ذلِكَ تَحَيَّرَ الخَلائِقُ أجمَعونَ إلاّ مَن شاءَ اللّهُ .
وَإنّما أرادَ اللّهُ بِتَعمِيَتِهِ في ذلِكَ أن يَنتَهوا إلى بابِهِ وَصِراطِهِ ، وَأن يَعبُدوهُ وَيَنتَهوا في قَولِهِ إلى طاعَةِ القُوَّامِ بِكِتابِهِ وَالنّاطِقينَ عَن أمرِهِ وَأن يَستَنبِطوا ۱ ما احتاجوا إلَيهِ مِن ذلِكَ عَنهُم ، لا عَن أنفُسُهِم ، ثُمَّ قالَ : «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ»۲ .
فأمّا عَن غَيرِهِم ، فَلَيسَ يُعلَمُ ذلِكَ أبَداً وَلا يُوجَدُ ، وَقَد عَلِمتَ أنَّهُ لا يَستَقيمُ أن يَكونَ الخَلقُ كُلُّهُم وُلاةَ الأمرِ ، إذا لا يَجدِونَ مَن يَأتَمِرونَ عَلَيهِ ، وَلا مَن يُبَلِّغونَهُ أمرَ اللّهِ وَنَهيَهُ ، فَجَعَلَ اللّهُ الولاة خَواصا لِيَقتَدِيَ بِهِم مَن لَم يَخصُصهُم بِذلِكَ ، فَافهَم ذلِكَ إن شاءَ اللّهُ.
وَإيّاكَ وَإيّاكَ وَتِلاوَةَ القُرآنِ بِرَأيِكَ ،فَإنَّ النّاسَ غَيرُ مُشتَرِكينَ في علمِهِ كاشتِراكِهِم فيما سِواهُ مِنَ الاُمورِ ، وَلا قادِرينَ عَلَيهِ ، ولا على تَأويلِهِ ، إلاّ مِن حَدِّهِ وَبابِهِ الّذي جَعَلَهُ اللّهُ لَهُ فافهَم إن شاءَ اللّهُ ، وَاطلُبِ الأمرَ مِن مَكانِهِ تَجِدهُ إن شاءَ اللّهُ . ۳
19
رسالته عليه السلام إلى أصحاب الرّأي والقياس
في المقائيس والرّأي
0.أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في