99
مكاتيب الأئمّة ج4

وَالتَّواضُعَ للّهِِ وَالطُّمَأنينَةَ ، وَالاجتِهادَ وَالأخذَ بِأمرِهِ ، وَالنّصيحَةَ لِرُسُلِهِ وَالمُسارَعَةَ في مَرضاتِهِ وَاجتنِابَ ما نَهى عَنهُ فَإنَّهُ مَن يَتَّقِ فَقَد أحرَزَ نَفسَهُ مِنَ النّارِ بِإذنِ اللّهِ ، وأصابَ الخَيرَ كُلَّهُ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وَمَن أمَرَ بِالتّقوى فَقَد أفلَحَ المَوعِظَةَ ، جَعَلَنا اللّهُ مِنَ المُتّقينَ بِرَحمَتِهِ .
جاءني كتابُكَ فَقَرَأتُهُ وَفَهِمتُ الّذي فيهِ ، فَحَمِدتُ اللّهَ عَلى سَلامَتِكَ ، وعافِيَةُ اللّهِ إيَّاكَ ، ألبَسَنا اللّهُ وَإيّاكَ عافِيَتَهُ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ.
كَتَبتَ تَذكُرُ أنّ قَوماً ، أنا أعرِفُهُم كانَ أعجَبَكَ نَحوُهُم وَشَأنُهُم ، وَإنَّكَ أبلَغتَ فيهِم أُموراً تروى عَنهُم كَرِهتَها لَهُم وَلَم تُرِهم إلاّ طَريقاً حَسَناً وَرَعاً وَتَخَشُّعاً ، وَبَلَغَكَ أنَّهُم يَزعُمونَ أنَّ الدِّينَ إنّما هُوَ مَعرِفَةُ الرِّجالِ ، ثُمَّ بَعدَ ذلِكَ إذا عَرَفتَهُم فاعمَل ما شِئتَ ، وَذَكَرتَ أنَّكَ قَد عَرَفتَ أنَّ أصلَ الدِّينِ مَعرِفَةُ الرِّجالِ فَوَفَّقَكَ اللّهُ .
وَذَكَرتَ أنَّهُ بَلغَكَ أنَّهُم يَزعُمونَ أنَّ الصَّلاةَ وَالزَّكاةَ ، وَصَومَ شَهرِ رَمَضانَ وَالحَجَّ وَالعُمرَةَ ، وَالمَسجِدَ الحَرامَ وَالبَيتَ الحَرَامَ وَالمِشَعرَ الحَرامَ وَالشّهر الحرام ، هُوَ رَجُلٌ ، وأنَّ الطُّهرَ وَالاغتِسالَ مِنَ الجَنابَةِ هُوَ رَجُلٌ ، وَكُلَّ فَريضَةٍ افتَرَضَها اللّهُ على عِبادِهِ هُوَ رَجُلٌ .
وَإنَّهُم ذَكَروا ذلِكَ بِزَعمِهِم أنَّ مَن عَرَفَ ذلِكَ الرَّجُلَ فَقَدِ اكتَفى بِعَمَلِهِ بِهِ مِن غَيرِ عَمَلٍ ، وَقَد صَلّى وَأتى الزَّكاةُ ، وَصامَ وَحَجّ وَاعتَمَرَ ، وَاغتَسَلَ مِنَ الجَنابَةِ وَتَطهّرَ ، وَعَظَّمَ حُرُماتِ اللّهِ وَالشَّهرَ الحَرامَ والمَسجِدَ الحَرامَ .
وَإنَّهُم ذَكَروا مَن عَرَفَ هذا بِعَينهِ ، وَوجَدَهُ وَثَبَتَ في قَلبِهِ جازَ لَهُ أن يَتهاوَنَ فَلَيسَ لَهُ أن يَجتَهِدَ في العَمَلِ وَزَعَموا أنَّهُم إذا عَرَفوا ذلِكَ الرَّجُلَ فَقَد قُبِلَت مِنهُم هذهِ الحُدودُ لِوَقتِها ، وَإن هُم لَم يَعمَلوا بِها .
وَإنَّهُ بَلَغَكَ أنَّهُم يَزعُمونَ أنَّ الفَواحِشَ الّتي نَهى اللّهُ عَنها ، الخَمرَ وَالمَيسِرَ وَالرِّبا


مكاتيب الأئمّة ج4
98

قال عليه السلام : وَحشِيٌّ مِنهُم .
قال عليه السلام : وَاكتُب :« وَ ءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ »۱
.

قال : وَاكتُب« إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَ نِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً »۲لا يَستَطيعونَ حِيلَةً إلى الكُفرِ وَلا يَهتَدونَ سَبيلاً إلى الإيمانِ« فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ »۳.
قال عليه السلام : اكتبُ : أصحابُ الأعرافِ.
قال: قلت: وما أصحابُ الأعرافِ؟
قال عليه السلام : قَومٌ استَوَت حَسَناتُهُم وسَيِّئاتُهُم ، فَإن أدخَلَهُمُ النَّارَ فَبِذنوبِهِم ، وَإن أدخَلَهُم الجَنَّةَ فَبِرَحمَتِهِ .۴

21

كتابه عليه السلام إلى المفضّل بن عمر

في الحثّ على التّقوى

۰.حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال: حدّثنا القاسم بن الرّبيع الورّاق ، عن محمّد بن سنان ، عن صباح المداينيّ ، عن المفضّل ، أنّه كتب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ، فجاءه هذا الجواب من أبي عبد اللّه عليه السلام :أمّا بَعدُ فَإنّي أُوصيكَ وَنَفسي بِتَقِوى اللّهِ وَطاعَتِهِ ، فإنَّ مِنَ التَّقوى الطّاعَةَ وَالوَرَعَ ،

1.التوبة : ۱۰۶ .

2.النساء : ۹۸ .

3.النساء : ۹۹ .

4.الكافي : ج ۲ ص ۳۸۱ ح۱.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 112466
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي