75
العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة

أقسام الحكمة ، من هذا المنظار يعتبر بمثابة درجة لمِرقاة راسخة ثابتة يستطيع الإنسان من خلالها العروج إلى قمّة الكمال الإنساني.
وممّا ينبغي معرفته أن الدرجة الاُولى من تلك المِرقاة - أعني الحكمة العلمية - قد وضع أنبياء اللَّه تعالى حجر أساسها، أما الدرجة الثانية منها - أعني الحكمة العملية - فعلى الإنسان أن يتحمّل أعباءها وبعد الارتقاء إلى سُلّم هذه الدرجة تبقى الدرجة الأخيرة، وهي الحركة إلى مقام الكمال الإنساني، وتلك هي الحكمة الحقيقية التي تنال بالأسباب التي يهيئها الحقّ تعالى، وفيما يلي توضيح مختصر حول الأنواع الثلاثة من الحكمة :

1 . الحكمة العلمية

إنّ المراد من الحكمة العلمية مطلق المعارف والعلوم الضرورية للوصول إلى مرتبة الكمال الإنساني، بعبارة اُخرى إنّ العلوم المتعلّقة بالعقائد والعلوم المتعلّقة بالأخلاق والأعمال كلّها حكمة، وفي هذا الاتجاه يقدّم القرآن الكريم ارشادات مختلفة في مجال العقائد والأخلاق والأعمال، وقد سمّاها جميعاً الحكمة، يقول تعالى:
(ذَ لِكَ مِمَّا أَوْحَى‏ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) .1
جدير بالذكر أنّ هذا المفهوم من الحكمة أكّده القرآن الكريم في آيات عديدة باعتباره الخطوة الاُولى في فلسفة بعث الأنبياء، منها قوله تعالى:
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ

1.الإسراء : ۳۹ .


العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
74

بناءً على ما تقدّم فإنّ كلمة الحكمة تُطلَق في مصطلح اللغة وعلمها على كلّ شي‏ء مُحكَم مُتقَن غير قابل للنفاذ سواء كان ماديّاً أو معنويّاً .

الحكمة في القرآن والحديث‏

لقد جاءت كلمة (الحكمة) في القرآن الكريم عشرين مرة، وامتدح الحقّ تعالى ذاته المقدّسة في الكتاب الكريم بصفة (الحكيم) 91 مرّة.
إنّ التأمّل في الموارد المستعملة لهذا المصطلح في النصوص الإسلامية، يشير إلى أنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث عبارة عن المقدّمات العلمية والعملية والروحية المحكمة المتقنة لنيل المقاصد الإنسانية السامية ، وما أوردوه في الأحاديث الشريفة في تفسير الحكمة في الواقع مصداق من مصاديق هذا التعريف المجمل .

أقسام الحكمة

بناءً على ما ذكرناه في التعريف الإجمالي المتقدّم، فإنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث تقسّم إلى ثلاثة أنواع: الحكمة العلمية، الحكمة العملية، والحكمة الحقيقية۱.
إنّ مما يجدر ذكره أنّ هذا التقسيم وتلك التسميات هي حصيلة التأمل في استعمالات مصطلح الحكمة في القرآن المجيد والحديث الشريف،۲ وكلّ واحدمن

1.الروايات المرقّمة ۲۷۳ ، ۲۸۰ و ۲۸۲ تشير إلى الحكمة العلمية ، و الروايتان المرقّمتان ۲۷۸ و ۲۷۹ تشيران إلى الحكمة العلمية والعملية، والروايات المرقّمة ۲۷۲، ۲۷۵ - ۲۷۷ تشير إلى الحكمة الحقيقية.

2.لمزيد الاطّلاع على سائر تقسيمات هذا المصطلح، راجع : فرهنگ معارف اسلامى (بالفارسية) : ج ۲ ص ۷۵۵ .

  • نام منبع :
    العلم و الحکمة في الکتاب و السّنة
عدد المشاهدين : 115826
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي