271
ميزان الحکمه المجلد السادس

وهو في نفسه خالٍ عنه ، فالحيّ منها ميّت في ذاته ، والقادر منها عاجز في ذاته ؛ ولذلك كان الوصف فيها محدوداً مقيّداً بشي‏ء دون شي‏ء وحال دون حال ... وهكذا ، فالعلم فيها مثلاً ليس مطلقاً غير محدود بل محدود مخلوط بالجهل بما وراءه ، وكذلك الحياة والقدرة والملك والعظمة وغيرها .
واللَّه سبحانه هو المفيضُ لهذه الصفات من فضله ، والذي له من معنى‏ هذه الصفات مطلق غير محدود وصرف غير مخلوط ، فلا جهل في مقابل علمه ، ولا ممات يقابل حياته ... وهكذا ، فله سبحانه من كلّ صفة يتّصف به الموجودات السماويّة والأرضيّة - وهي صفات غير ممحّضة ولا مطلقة - ما هو أعلاها ؛ أي مطلقها ومحضها . فكلّ صفة توجد فيه تعالى‏ وفي غيره من المخلوقات فالذي فيه أعلاها وأفضلها ، والذي في غيره مفضول بالنسبة إلى ما عنده .
ولمّا كانت الإعادة متّصفة بالهون إذا قيس إلى الإنشاء فيما عند الخلق فهو عنده تعالى‏ أهون ؛ أي هون‏محض غير مخلوط بصعوبةومشقّة، بخلاف ما عندنا معاشر الخلق ، ولا يلزم منه أن يكون في الإنشاء صعوبة ومشقّة عليه تعالى‏ ؛ لأنّ المشقّة والصعوبة فِي الفعل تتبع قدرة الفاعل بالتعاكس ، فكلّما قلّت القدرة كثرت المشقّة ، وكلّما كثرت قلّت ؛ حتّى إذا كانت القدرة غير متناهية انعدمت المشقّة من رأس ، وقدرته تعالى‏ غير متناهية فلا يشقّ عليه فعل أصلاً ، وهو المستفاد من قوله : (إنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ) فإنّ القدرة إذا جاز تعلّقها بكلّ شي‏ء لم تكن إلّا غير متناهية ، فافهم ذلك.۱

2926 - الدَّليلُ الرّابِعُ لِإثباتِ المَعادِ

الكتاب :

(فَانْظُرْ إلَى‏ آثارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيي الْأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إنَّ ذلِكَ لَمُحْيي الْمَوْتَى‏ وَهُوَ عَلَى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ) .۲

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۶/۱۷۵ .

2.الروم : ۵۰ .


ميزان الحکمه المجلد السادس
270

2925 - الدَّليلُ الثّالِثُ لِإثباتِ المَعادِ

الكتاب :

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأةَ الْآخِرَةَ إنَّ اللَّهَ عَلَى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ) .۱

(أفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) .۲

(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأعْلَى‏ فِي السَّماواتِ وَالْأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .۳

الحديث :

۱۴۵۶۱.الإمامُ عليٌّ عليه السلام- مِن وَصاياهُ لِابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام -: وَاعلَم أنَّ مالِكَ المَوتِ هُوَ مالِكُ الحَياةِ ، وأنَّ الخالِقَ هُوَ المُميتُ ، وأنَّ المُفنِيَ هُوَ المُعيدُ .۴

۱۴۵۶۲.الإمامُ زينُ العابدينَ عليه السلام : العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ لِمَن أنكَرَ النَّشأةَ الاُخرى‏ وهُوَ يَرَى الاُولى‏ .۵

التّفسير :

قال العلّامة الطباطبائيّ في الميزان في تفسير القرآن - في تفسير قوله تعالى‏: (وهُوَ أهْوَنُ عَلَيهِ) - : والذي ينبغي أن يقال : إنّ الجملة أعني قوله : (وَهُوَ أهْوَنُ عَلَيهِ) معلّل بقوله بعدَه : (ولَهُ الْمَثَلُ الأعْلى‏ في السَّماواتِ وَالأرضِ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ) فهوالحجّة المثبتة لقوله: (وَهُوَأهْوَنُ‏عَلَيهِ).
والمستفاد من قوله : (وَلَهُ المَثَلُ الأعْلى‏ ...) إلخ أنّ كلّ وصف كماليّ يمثّل به شي‏ء فِي السماوات والأرض كالحياة والقدرة والعلم والملك والجود والكرم والعظمة والكبرياء وغيرها فللَّه سبحانه أعلى‏ ذلك الوصف وأرفعها من مرتبة تلك الموجودات المحدودة ، كما قال : (وَللَّهِ‏ِ الأسماءُ الحُسنى‏) .۶
وذلك أنّ كلّ وصف من أوصاف الكمال اتّصف به شي‏ء ممّا فِي السماوات والأرض فله في حدّ نفسه ما يقابله ؛ فإنّه ممّا أفاضه اللَّه عليه

1.العنكبوت : ۲۰ .

2.ق : ۱۵ .

3.الروم : ۲۷ .

4.نهج البلاغة : الكتاب ۳۱ .

5.بحار الأنوار : ۷/۴۲/۱۴ .

6.الأعراف : ۱۸۰ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السادس
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1391
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 198636
الصفحه من 537
طباعه  ارسل الي