389
ميزان الحکمه المجلد السادس

اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يومَهُ كلَّهُ لا يُكلِّمهُ أحَدٌ ، فأقبَلتِ الخَزرَجُ على عَبدِ اللَّهِ بنِ أَبَيٍّ يَعذِلونَهُ ، فحَلَفَ عَبدُ اللَّهِ أنَّهُ لم يَقُل شَيئاً من ذلِكَ ، فقالوا : فقم بنا إلى رَسول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله حَتَّى نَعتَذِرَ إليهِ ، فَلَوى عُنقَهُ .
فلمَّا جنَّ اللّيلُ سارَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ليلَهُ كُلَّهُ والنَّهارَ ، فلم يَنزِلوا إلّا للصَّلاةِ ، فلمَّا كانَ مِنَ الغَدِ نَزَلَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ونَزَلَ أصحابُهُ ، وقد أمهَدَهُم الأرضَ مِنَ السَّهَرِ الذي أصابَهُم ، فجاءَ عَبدُ اللَّهِ بنَ أُبَيّ إلى رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فحلَفَ عَبدُ اللَّهِ أنّهُ لم يَقُل ذلِكَ ، وأنّهُ ليشهَدُ أنّهُ لا إلهَ إلّا اللَّهُ وأنّكَ لَرَسولُ اللَّهِ ، وأنَّ زَيداً قَد كَذَّب عَلَيَّ ، فَقَبِلَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنهُ ، وأقبَلَتِ الخَزرَجُ على زيدِ بنِ أرقَمَ يَشتِمونَهُ ، ويقولونَ لَهُ كَذِبتَ على عَبدِاللَّهِ سَيِّدِنا ، فَلمَّا رحَلَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله كان زَيدٌ مَعهُ يقولُ : اللَّهم إنَّكَ لَتَعلَمُ أنّي لَم اُكذِب على عَبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيّ ، فما سارَ إلّا قليلاً حتَّى أخذَ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ما كانَ يأخذُهُ مِن البَرحاءِ عِندَ نُزولِ الوَحي علَيهِ فَثقُلَ حتَّى كادَت ناقَتهُ ان تبرُكَ مِن ثِقلِ الوَحي ، فَسُرِّيَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ يسكُبُ العرَقَ عَن جبهَتِهِ ثُمَ أخذَ باُذُنِ زيدِ بنِ أرقَمَ فَرفَعَهُ مِن الرِّحلِ ثُمَّ قال : يا غُلامُ ، صدَقَ قولُكَ ووعى قَلبُكَ وأُنزِلَ آيةٌ فيما قُلتَ قُرآنا ، فَلَمَّا نزلَ جمَعَ أصحابَهُ وقَرأ علَيهِم سورَةَ المُنافِقينَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ إِذَا جَآءَكَ الْمُنافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ - إلى قوله - وَ لَكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ففضَحَ اللَّهُ عَبد اللَّهِ بنَ أُبَيّ .۱

(انظر) بحار الأنوار : 2 / 281 باب 18 .
كنز العمّال : 10 / 567 .

3009 - غَزوَةُ الحُدَيبِيَةِ وبَيعَةِ الرِّضوانِ‏

الكتاب :

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) .۲

(انظر) البقرة : 190 ، 196 ، المائدة : 94 ، الأنفال : 34 ، الحجّ : 25، الفتح : 10 ، 27 ، الممتحنة : 10 ، 11 .

1.تفسير القمّي : ۲/۳۶۸ .

2.البقرة : ۱۱۴ .


ميزان الحکمه المجلد السادس
388

الخَطَّابِ ، فاجتَمعُوا عَلى البِئرِ فتعلَّقَ دَلوُ ابنِ سيَّارِ بِدَلوِ جَهجاهَ ، فقالَ سيَّارُ : دَلوي ، وقال جهجاه : دلوي ، فضرَبَ جهجاهُ يدَهُ على وَجهِ ابنِ سيَّارٍ فسالَ منهُ الدَّمُ ، فنادى سيَّارُ بالخَزرَجِ ، ونادى جَهجاهُ بِقُريشٍ ، وأخذ الناسُ السِلاحَ وكادت تقعُ الفِتنَةُ ، فسَمِعَ عبدُ اللَّهِ بنُ اُبَيٍّ النِّداءَ فقالَ : ما هذا؟ فَأخبروهُ بالخبَرِ فَغَضِبَ غضَباً شديداً ثم قال : قد كنتُ كارِهاً لهذا المَسيرِ ، إِنِّي لَأَذَلُّ العَرَبِ ، ما ظننت أنِّي أبقى إلى أن أسمَعَ مِثلَ هذا ، فلا يَكُن عِندي تَعييرٌ ، ثُمَّ أقبل على أَصحابِه فقالَ : هذا عَمَلُكُم ، أنزَلتُموهُم منازِلَكُم وواسَيتُموهُم بِأموالِكُم وَوَقيتُموهُم بأَنفُسِكُم وأبرَزتُم نُحورَكم للقَتلِ ، فأرمَلَ نساءَكُم وأَيتَمَ صبيانَكُم ، ولو أخرَجتُموهُم لكانوا عِيالاً على غَيرِكُم ، ثُمَّ قال : لَئِن رَجعنا إلى المدينَةِ ليُخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذَلَّ .
وكان فِي القوم زيدُ بنُ أرقَمَ - وكانَ غُلاماً قد راهَقَ - وكان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله في ظلِّ شجَرَةٍ في وقتِ الهاجِرَةِ ، وعندَهُ قومٌ من أصحابهِ من المهاجرينَ والأنصارِ ، فجاءَ زيدٌ فأخبَرَهُ مِمَّا قالَ عَبدُ اللَّهِ ابنُ اُبيّ ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : لعلَّكَ وهمتَ يا غُلامُ ؟ فقال : لا واللَّه ، ما وهمتَ . فقال صلى اللَّه عليه وآله : لعلّكَ غَضِبتَ عَلَيهِ ؟ قال : لا ما غَضِبتُ عَلَيهِ . قال صلى اللَّه عليه وآله: فلَعَلَّهُ سَفِهَ عَلَيكَ ، فقال : لا واللَّه ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لِشَقرانَ مَولاهُ : أحدِج ، فأحدَجَ راحِلَتَهُ ورَكِبَ ، وتسامَعَ النَّاسُ بذلِكَ فقالوا : ما كان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لِيَرحَلَ في مِثلِ هذا الوَقتِ ، فرحلَ النَّاسُ ولحِقَهُ سعدُ بن عُبادَة فقال : السلامُ عليكَ يا رسولَ اللَّهِ ورحمَةُ اللَّهِ وبركاتُهُ! فقال : وعليكَ السَّلامُ! فقال : ما كنتَ لِتَرحَلَ في هذا الوَقتِ؟ فقالَ : أوَ ما سَمِعتُ قَولاً قالَ صاحِبُكُم ، قالوا : وَأيُّ صاحِبٍ لنا غَيرُكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قال : عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيّ ، زعَمَ أنّهُ إن رَجَعَ إلى المدينَةِ لَيُخرِجَنَ الأعزُّ مِنها الأَذلَّ ، فقال : يا رسول اللَّه! فَأنتَ وأصحابُكَ الأعَزُّ وهُوَ وَأصحابُهُ الأَذلُّ ، فسارَ رسولُ

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السادس
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1391
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 227177
الصفحه من 537
طباعه  ارسل الي