493
ميزان الحکمه المجلد السادس

۱۵۵۴۴.كشف اليقين : العلّامةُ الحلّي - في باب إخبار أميرالمؤمنين عليه السلام بالمُغَيَّبات - : ومن ذلك إخبارُه عليه السلام بعِمارَة بغدادَ ومُلكِ بني العبّاسِ و ذِكرِ أحوالِهِم وأخذِ المَغول المُلكَ مِنهُم رواه والِدي رحمة اللَّه عليه ، وكانَ ذلكَ سَببَ سلامةِ أهلِ الحِلَّةِ والكوفةِ والمَشهَدَينِ الشَّريفَينِ مِن القَتلِ ؛ لأ نّهُ لَمّا وَصَلَ السُّلطانُ هُولاكو إلى‏ بغدادَ قَبلَ أن يَفتَحَها هَرَبَ أكثرُ أهلِ الحِلّةِ إلَى البَطائحِ إلّا القليلَ ، وكانَ مِن جُملَةِ القَليلِ والِدي رحمة اللَّه عليه والسيّدُ مجدُ الدينِ بنُ طاووسٍ و الفَقيهُ ابنُ أبي العِزِّ ، فأجمَعَ رأيُهُم على‏ مُكاتَبَةِ السُّلطانِ بأنّهُم مُطيعونَ داخِلونَ تَحتَ الإيليَّة ، وأنفَذوا بهِ شَخصاً أعجَميّاً . فأنفَذَ السُّلطانُ إلَيهِم فَرماناً مَع شَخصَينِ أحَدُهما۱ يقالُ لَهُ : تكلم ، والآخَرُ يقالُ لَهُ : علاءُ الدِّين ، وقالَ لَهُما : إن كانَت قُلوبُهُم كما وَرَدَت بهِ كُتُبُهم فيَحضُرونَ إلَينا ، فجاءَ الأميرانِ فخافُوا لِعَدَمِ مَعرِفَتِهِم بما يَنتَهي الحالُ إلَيهِ ، فقالَ والِدي رحمة اللَّه عليه : إن جِئتُ وَحدي‏كفى‏؟ فقالا : نَعَم ، فأصعَدَ مَعهُما . فلمّا حَضرَ بينَ يدَيهِ - وكانَ ذلكَ قبلَ فتحِ بغدادَ وقبلَ قتَلِ الخَليفَةِ - قالَ لَهُ : كيفَ‏أقدَمتُم على‏ مُكاتَبَتي والحُضورِ عِندي قبلَ أن تَعلموا ما يَنتَهي إلَيهِ أمري وأمرُ صاحِبِكُم ؟ وكيفَ تأمَنون - إن صالَحَني ورَحَلتُ - نِقمتَهُ؟ فقالَ لَهُ والِدي : إنّما أقدَمنا على‏ ذلكَ لأ نّا رَوَينا عن إمامِنا عليِ‏بنِ أبي طالبٍ عليه السلام أ نّهُ قالَ في خُطَبِهِ : «الزَّوراءُ ، وما أدراكَ ما الزَّوراءُ ؟ أرضٌ ذاتُ أثلٍ ، يُشَيَّدُ فيها البُنيانُ ، ويَكثُرُ فيها السُّكّانُ ، ويَكونُ فيها مَحارِمُ‏۲وخُزّانٌ ، يَتَّخِذُها وُلدُ العبّاسِ مَوطِناً ، ولِزُخرِفِهِم مَسكناً ، تَكونُ لَهُم دارَ لَهوٍ ولَعِبٍ ، يكونُ بها الجَورُ الجائرُ والحَيفُ المُحيفُ والأئمّةُ الفَجَرَةُ والقُرّاءُ الفَسَقَةُ والوُزَراءُ الخَوَنَةُ ، تَخدِمُهُم أبناءُ فارِسَ والرُّومِ ، لا يَأتَمِرُونَ بَينَهُم بمَعروفٍ إذا عَرَفُوهُ ، ولايَنتَهونَ عن مُنكَرٍ إذا أنكَروهُ ،

1.في المصدر : «أحدها»، والصحيح ما أثبتناه .

2.في المصدر : «مهارم»، والصحيح ما أثبتناه كما في نهج السعادة: ۳/۴۳۳ الخطبة ۱۱۵ .


ميزان الحکمه المجلد السادس
492

قَطَعوهُ ، قلتُ : سبحانَ اللَّهِ ! ثُمّ جاءَ آخَرُ أرفَعُ مِنهُ فِي الجَريِ فقالَ : يا أميرَ المؤمنينَ ، قالَ : ما تَشاءُ ؟ قالَ ألكَ حاجَةٌ فِي القَومِ ؟ قالَ : وماذاكَ ؟ قالَ : قد قَطَعوا النَّهرَ فَذَهَبوا ، قلتُ : اَللَّهُ أكبرُ ، قالَ عَليٌّ : ما قَطَعوهُ ، قالَ : سبحانَ اللَّهِ ! ثُمّ جاءَ آخَرُ فقالَ : قد قَطَعوا النَّهرَ فَذَهَبوا . قالَ عَلِيٌّ : ما قَطَعوهُ ، ثُمّ جاءَ آخَرُ يَستَحضِرُ بفَرَسِهِ فقالَ : يا أميرَ المؤمنينَ ، قالَ : ما تَشاءُ ؟ قالَ : ألكَ حاجَةٌ فِي القَومِ ؟ قالَ : وما ذاكَ ؟ فقالَ : قد قَطَعوا النَّهرَ فَذَهَبوا ، قالَ عليٌّ : ما قَطَعوهُ ولا يَقطَعونَهُ ولَيُقتَلُنَّ دونَهُ ، عَهدٌ مِن اللَّهِ ورسولِهِ ! قلتُ : اَللَّهُ أكبَرُ ! ثُمّ قُمتُ فَأمسَكتُ لَهُ بالرِّكابِ ثُمّ رَكِبَ فَرَسَهُ ثُمّ رَجَعتُ إلى‏ دِرعي فَلَبِستُها وإلى‏ قَوسي فَعَلَّقتُها وخَرَجتُ اُسايرُهُ ، فقالَ لي : يا جُندَبُ ، قلتُ : لَبَّيكَ يا أميرَ المؤمنينَ . قالَ : أمّا أنا فَأبعَثُ إلَيهِم رجُلاً يَقرَأُ المُصحَفَ يَدعُو إلى‏ كتابِ اللَّهِ رَبِّهِم وسُنَّةِ نَبِيِّهم فلا يُقبِلُ علَينا بوَجهِهِ حتى‏ يَرشُقُوهُ بِالنَّبلِ . ياجُندَبُ ، أما إنّهُ لايُقتَلُ مِنّا عَشرَةٌ ولا يَنجُو مِنهُم عَشرَهٌ، فانتَهَينا إلَى القَومِ وهُم في مُعَسكَرِهِمُ الذي كانوا فيهِ لم يَبرَحُوا ، فَنادى‏ عَليٌّ في أصحابِهِ فَصَفَّهُم ثُمّ أتَى الصَّفَّ مِن رأسِهِ ذا إلى‏ رأسِهِ ذا مَرَّتَينِ ، ثُمّ قالَ : مَن يَأخُذُ هذا المُصحَفَ فَيَمشي بهِ إلى‏ هؤلاءِ القَومِ فَيَدعُوَهُم إلى‏ كتابِ اللَّهِ رَبِّهِم وسُنَّةِ نَبِيِّهِم وهُو مَقتولٌ ولَهُ الجَنَّةُ؟ ! فلم يُجِبْهُ إلّا شابٌّ مِن بَني عامِرِ بنِ صَعصَعةَ ، فقالَ لَهُ عليٌّ : خُذْ ! فَأخَذَ المُصحَفَ ، فقالَ لَهُ : أما إنّكَ مَقتولٌ ولَستَ مُقبِلاً علَينا بوَجهِكَ حتّى‏ يَرشُقوكَ بِالنَّبلِ ! فَخَرَجَ الشابُّ بالمُصحَفِ إلَى القَومِ ، فلمّا دَنا مِنهُم حيثُ يَسمَعُونَ قامُوا ونَشِبُوا الفَتى‏ قبلَ أن يَرجِعَ . قالَ : فَرَماهُ إنسانٌ فأقبَلَ علَينا بوَجِهِهِ فَقَعَدَ ، فقالَ عليٌّ : دونَكُمُ القَومَ ! قالَ جُندَبٌ : فقَتَلتُ بِكَفِّي هذهِ بعدَ ما دَخَلَني ماكانَ دَخَلَني ثَمانيَةً قبلَ أن اُصَلِّيَ الظُّهرَ وما قُتِلَ مِنّا عَشرَةٌ ، ولانَجا مِنهُم عَشرَةٌ كما قالَ .۱

1.كنز العمّال : ۳۱۵۴۸ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السادس
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1391
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 227468
الصفحه من 537
طباعه  ارسل الي