۱۵۵۴۴.كشف اليقين : العلّامةُ الحلّي - في باب إخبار أميرالمؤمنين عليه السلام بالمُغَيَّبات - : ومن ذلك إخبارُه عليه السلام بعِمارَة بغدادَ ومُلكِ بني العبّاسِ و ذِكرِ أحوالِهِم وأخذِ المَغول المُلكَ مِنهُم رواه والِدي رحمة اللَّه عليه ، وكانَ ذلكَ سَببَ سلامةِ أهلِ الحِلَّةِ والكوفةِ والمَشهَدَينِ الشَّريفَينِ مِن القَتلِ ؛ لأ نّهُ لَمّا وَصَلَ السُّلطانُ هُولاكو إلى بغدادَ قَبلَ أن يَفتَحَها هَرَبَ أكثرُ أهلِ الحِلّةِ إلَى البَطائحِ إلّا القليلَ ، وكانَ مِن جُملَةِ القَليلِ والِدي رحمة اللَّه عليه والسيّدُ مجدُ الدينِ بنُ طاووسٍ و الفَقيهُ ابنُ أبي العِزِّ ، فأجمَعَ رأيُهُم على مُكاتَبَةِ السُّلطانِ بأنّهُم مُطيعونَ داخِلونَ تَحتَ الإيليَّة ، وأنفَذوا بهِ شَخصاً أعجَميّاً . فأنفَذَ السُّلطانُ إلَيهِم فَرماناً مَع شَخصَينِ أحَدُهما۱ يقالُ لَهُ : تكلم ، والآخَرُ يقالُ لَهُ : علاءُ الدِّين ، وقالَ لَهُما : إن كانَت قُلوبُهُم كما وَرَدَت بهِ كُتُبُهم فيَحضُرونَ إلَينا ، فجاءَ الأميرانِ فخافُوا لِعَدَمِ مَعرِفَتِهِم بما يَنتَهي الحالُ إلَيهِ ، فقالَ والِدي رحمة اللَّه عليه : إن جِئتُ وَحديكفى؟ فقالا : نَعَم ، فأصعَدَ مَعهُما . فلمّا حَضرَ بينَ يدَيهِ - وكانَ ذلكَ قبلَ فتحِ بغدادَ وقبلَ قتَلِ الخَليفَةِ - قالَ لَهُ : كيفَأقدَمتُم على مُكاتَبَتي والحُضورِ عِندي قبلَ أن تَعلموا ما يَنتَهي إلَيهِ أمري وأمرُ صاحِبِكُم ؟ وكيفَ تأمَنون - إن صالَحَني ورَحَلتُ - نِقمتَهُ؟ فقالَ لَهُ والِدي : إنّما أقدَمنا على ذلكَ لأ نّا رَوَينا عن إمامِنا عليِبنِ أبي طالبٍ عليه السلام أ نّهُ قالَ في خُطَبِهِ : «الزَّوراءُ ، وما أدراكَ ما الزَّوراءُ ؟ أرضٌ ذاتُ أثلٍ ، يُشَيَّدُ فيها البُنيانُ ، ويَكثُرُ فيها السُّكّانُ ، ويَكونُ فيها مَحارِمُ۲وخُزّانٌ ، يَتَّخِذُها وُلدُ العبّاسِ مَوطِناً ، ولِزُخرِفِهِم مَسكناً ، تَكونُ لَهُم دارَ لَهوٍ ولَعِبٍ ، يكونُ بها الجَورُ الجائرُ والحَيفُ المُحيفُ والأئمّةُ الفَجَرَةُ والقُرّاءُ الفَسَقَةُ والوُزَراءُ الخَوَنَةُ ، تَخدِمُهُم أبناءُ فارِسَ والرُّومِ ، لا يَأتَمِرُونَ بَينَهُم بمَعروفٍ إذا عَرَفُوهُ ، ولايَنتَهونَ عن مُنكَرٍ إذا أنكَروهُ ،