واُلبِسُهُ الحَياءَ حتّى يَستَحيي مِنهُ الخَلقُ كُلُّهُم ، ويَمشي عَلَى الأرضِ مَغفوراً لَهُ ، وأجعَلُ قَلبَهُ واعِياً وبَصيراً ، ولا اُخفي عَلَيهِ شَيئاً مِن جَنَّةٍ ولا نارٍ ، واُعَرِّفُهُ ما يَمُرُّ عَلَى النّاسِ في القِيامَةِ مِنَ الهَولِ والشِّدَّةِ ، وما اُحاسِبُ بِهِ الأغنِياءَ والفُقَراءَ والجُهّالَ والعُلَماءَ ، واُنَوِّمُهُ في قَبرِهِ واُنزِلُ عَلَيهِ مُنكراً ونَكيراً حتّى يَسألاهُ ، ولا يَرى غَمَّ المَوتِ وظُلمَةَ القَبرِ واللَّحدِ وهَولَ المُطَّلَعِ ، ثُمّ أنصِبُ لَهُ ميزانَهُ وأنشُرُ ديوانَهُ ، ثُمّ أضَعُ كِتابَهُ في يَمينه فيَقرَؤهُ مَنشوراً ، ثُمّ لا أجعَلُ بَيني وبَينَهُ تَرجُماناً ، فهذِه صِفاتُ المُحِبّينَ . يا أحمَدُ ، اجعَلْ هَمَّكَ هَمّاً واحِداً ، واجعَلْ لِسانَكَ لِساناً واحِداً ، واجعَلْ بَدَنَكَ حَيّاً لا يَغفَلُ أبَداً ، مَن يَغفَلْ عَنّي لا اُبالي بِأيِّ وادٍ هَلَكَ .
والروايات الثلاثة الأخيرة وإن لم يكن من أخبار هذا البحث المعقود على الاستقامة ، إلّا أ نّا إنّما أوردناها ليقضي الناقد البصير بما قدّمناه من أن المعرفة الحقيقيّة لا تُستوفى بالعلم الفكريّ حقّ استيفائها ؛ فإنّ الروايات تذكر اُموراً من المواهب الإلهيّة المخصوصة بأوليائه لا يُنتجها السَّير الفكريُّ البتّة .
وهي أخبار مستقيمة صحيحة تشهد على صحّتها الكتاب الإلهيّ على ما سنبيّن ذلك فيما سيوافيك من تفسير سورة الأعراف إن شاء اللَّه العزيز .۱